هجرة شباب لبنان مُخيفة… وبعد سنوات تحضّروا للخلل الديمغرافي الكبير!


أخبار بارزة, خاص 8 أيلول, 2022

كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان”:

طريق المطار أصبحت تعجّ باللبنانيين لجهة طريق المغادرة وليس الوصول! لبنانيون يودعون أولادهم وأحباءهم بالدموع على الفراق وتشتت العائلة، على الاشتياق الذي سيخنق قلوبهم، وعلى بلد هجره أولاده! باتت رحلات الوداع ممزوجة بغصّة أسى وفرح في الوقت نفسه! موقف لا يحسد عليه أحد، فبين الفرحة للسفر إلى بلد جديد وإيجاد عمل بمدخول محترم وتكوين حياة جديدة، وبين الابتعاد عن الأب والأم والزوجة والأطفال والأصدقاء، خيط رفيع يفصل بين تلك المشاعر المتناقضة!

قصّة عائلة اتخذت قرار الهجرة!

شادي، لورينا وطفلهما إيليا، عائلة صغيرة بريئة من كل هذه الأزمات التي تعصف بالبلد منذ ثلاثة أعوام تقريباً. الوُجهة: كندا، والمدة: هجرة لا تاريخ عودة منها! يقول شادي: “أنا لا أفكر بنفسي بل بطفلي، أي مستقبل له في لبنان؟ أي بيئة سيتربى فيها؟ فبين انقطاع اللقاحات، أو الأدوية، أو حليب الأطفال، ابني سيكون بخطر! اللا استقرار الذي نعيشه بين الدولار والمحروقات والغلاء والفساد السياسي دفعنا لاتخاذ قرار صعب وجريء كالهجرة إلى كندا” ويقول هذا الأب أيضاً: “عائلتي تستحق الأفضل!” أما لورينا فقد صورت مقطع فيديو خلال إفراغ البيت من الأمتعة قبل موعد السفر، ونشرته على حسابها على تيكتوك معلّقة عليه: شو عملت فينا يا لبنان!” لا أستطيع فعلاً وصف لحظة وداع هذه العائلة وسط أهلهم وأصدقائهم، استُبدلت الكلمات بالدموع الغزيرة، حتى استقبلهم المطار “الموجِع” ليطيروا منه نحو حياة جديدة!

الحقيقة تفوق أرقام الهجرة!

وصل عدد المهاجرين والمسافرين وفق أرقام الدولية للمعلومات، في عام 2021، إلى 79134 شخصاً مقارنة بـ17721 شخص في العام 2020. ما يعني أن العدد ارتفع 61413 شخصاً، ونسبته 346%، بناء على ذلك، يكون عام 2021 قد سجّل العدد الأكبر من المهاجرين والمسافرين، خلال الأعوام الخمسة الماضية. بالتأكيد هذا الرقم شهد ارتفاعاً إضافياً خلال منتصف عام 2022 نظراً لتفاقم الأزمة وتسجيل الدولار أرقاماً قياسيّة جديدة إضافة إلى تفاقم أزمة المحروقات والمياه.

هجرة عشوائيّة تسبب خللاً في المجتمع اللبناني!

في مقابلة لموقع “هنا لبنان” مع الأخصائية في علم الاجتماع مي هارون، أوضحت أن على مر السنوات شهد لبنان هجرة للأدمغة ورأس المال البشري، لكن هذا الأمر ازداد بشكل رهيب منذ عام 2019. واللافت أن الهجرة لم تعد تقتصر على الأدمغة فقط، بل أصبحت تشمل أصحاب الكفاءات من اختصاصات متعددة وخرّيجين جدد من الشباب الذين لم يجدوا فرص عمل ملائمة. هذا الأمر يؤثر بالتأكيد على ديموغرافية البلد، فأبناء الوطن هم أساسه والدافع لاستمراريته والفئة المنتجة التي تحرّك عجلة الاقتصاد والإنتاج. إذ ليس مستبعداً أن نلاحظ في الفترة المقبلة نقصاً في بعض الاختصاصات مثل الميكانيك والكهرباء والسمكرة… إلى جانب الأطباء والممرضين والأساتذة والإداريين الذين اتجهوا نحو بلدان عربية أو غربية، الأمر خطير فعلاً. فتخيّلوا أن تكون الفئة الأكبر في البلد غير منتجة”. وكشفت هارون أن 70% من المهاجرين تتراوح أعمارهم بين 25 و40 عام، أي في عزّ قدرتهم الإنتاجية وعطائهم الفكري والجسدي.

من ناحية أخرى، لفتت هارون إلى أن البنية الاجتماعية ستتأثر فعلاً، إذ سنشهد تراجعاً في عدد الولادات في لبنان، وحتى سيرتفع سن الزواج. السبب هو أن أغلب الشباب بعد التخرج يسافرون للعمل في الدول العربية أو الأجنبية، وبالتالي سيرتفع عدد الفتيات غير المتزوجات (داخل لبنان) وهذا تلقائياً ينعكس على أرقام الزيجات والإنجاب. وأضافت إلى أن البنية الطائفية في لبنان ستنقلب وسيرتفع عدد فئات معيّنة على حساب فئات أخرى أغلب أبنائها سافروا إلى الخارج هرباً من الأوضاع الصعبة للعمل أو الهجرة.

واقع محزن، نزف عشوائي يصيب لبنان بالصميم، ولا أمل في العودة، أقلّه في القريب العاجل! لبنان يستحق أن تبقوا فيه، لكن القرار صعب والبقاء للأقوى!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us