أزمات لبنان لا تنتهي… وأزمة النفايات دائماً في “الطليعة”


أخبار بارزة, خاص 16 أيلول, 2022

كتبت ريتا صالح لـ “هنا لبنان”:

منذ عهود وحتى يومنا هذا لم تبق أزمة اقتصادية، صحية، تربوية، بيئية، اجتماعية، وأمنية إلا ومرّت على لبنان واللبنانيين.

عانى الشعب اللبناني من سوء حكم السلطة السياسية الفاسدة في جميع الملفات الحياتية- الاجتماعية، ومن سوء إدارة الأزمات وعدم إيجاد حلول على المدى البعيد. وفي كل مرّة وبكل أزمة تعصف بلبنان، يعمل كل فريق بحسب مصلحته ومكتسباته الخاصة، من دون الإتيان بحلول جازمة وحاسمة لإدارة الأزمة التي نمرّ بها. وبالتالي، وبعد مرور العديد من الحكومات وتولي عدد كبير من الوزراء وزارة البيئة لم تنتهِ حتى الآن أزمة النفايات في لبنان، والتي أوصلتنا في السابق إلى “فضيحة عالمية”.

اليوم، هذه الأزمة البيئية تعود إلى الواجهة من جديد، فلا معامل، ولا مطامر، ولا تدوير لحلّ مشكلة النفايات التي يعاني منها غالبية الشعب في العديد من المناطق اللبنانية، ولا سيما المناطق الشمالية ومنها مدينة طرابلس.

تتكدس النفايات مجدداً في المناطق، والمشاهد القذرة والقبيحة تتمدد، وإذا مررت في طرابلس مثلاً، وبعد الحريق الذي نشب في جبل النفايات منذ يومين وكادت خطورته تسبب أزمة بشرية على المدينة وأهلها، ترى النفايات أيضاً على حافة الطرقات والأوتوستراد والطرقات العامة. وإذا توقفت إلى جانب الطريق ترى أنه بدلاً من إزالتها ورميها في الأماكن المناسبة، تراها محروقة وسوادها يغطّي أطراف الطرقات.

لا شكّ أن الدولة في غيبوبة تامة، وهي كذلك منذ وقت طويل، ولكن أين هي البلديات والفعاليات والمعنيون من هذه الأزمة؟

إن أزمة النفايات ليست بمشكلة جديدة وآنية، ولكن اليوم تغير شكل المشكلة بعد الانهيار الاقتصادي-المالي الذي يعاني منه لبنان، وأصبح الوضع من سيئ إلى أسوأ.

بيئياً، كشف وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين في حديث خاص لـ “هنا لبنان” أن أزمة النفايات في لبنان تتكرر كل فترة، لأنه منذ التسعينات لم يضع أحد نظاماً لإدارة النفايات الصلبة، مضيفاً أن الدولة اللبنانية مع مرور كل تلك السنوات كانت تضع خططاً مرحلية لمعالجة هذه الأزمة، مما جعلنا نقع كل فترة في المشكلة نفسها. ولفت ياسين إلى أن موضوع النفايات في لبنان لا يزال يتكرر وتزداد خطورته، خصوصاً أنّ الدولة والإدارات الرسمية تمران بوضع مالي صعب.

وزارياً، أكد ياسين أنه منذ توليه وزارة البيئة كان موضوع النفايات الصلبة من أولوياته، ووضع توجهات واضحة مع خطط عملية للسنوات القادمة لكيفية تفادي الانهيار الكامل في قطاع النفايات الصلبة. وتابع أنه للوصول إلى هذه الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة يجب أولاً البدء في تعميق ثقافة الفرز من المصدر، أي فرز النفايات وإعادة استخدامها.

وأوضح ياسين في حديثه لـ “هنا لبنان” أن قطاع النفايات الصلبة مشتت لعدة إدارات، والقانون الذي صدر في العام 2018 والذي أتى بعد أزمة العامين 2015-2016 حدد أنه لمنع التشتت في هذا القطاع يجب أن تتوحد الإدارات المختلفة تحت “هيئة وطنية لإدارة النفايات الصلبة”، لافتاً إلى أنّ هذه الهيئة الوطنية لم تشكل حتى الآن. وأكد ياسين أنّه تم العمل على وضع المراسيم التطبيقية لهذه الهيئة وأصبحت في مجلس الوزراء، شارحاً أن المقصود من هذه الهيئة أن تكون هيئة ناظمة لكل القطاعات وتوحّد كل الجهود والتشتت الموجود بين الإنماء والإعمار ووزارة التنمية الإدارية وبين البلديات ووزارة البيئة. وتابع أنّ الجزء الأساسي من الشق المتعلق بالحوكمة والإدارة والتمويل هو أن يصبح هناك تمويل مباشر عبر البلديات لتغطي كلفة النقل والجمع والمعالجة. وأعلن ياسين أنه وضع في الموازنة المادة 110 والتي توضّح كيف تتم العملية، آملاً أن يوافق عليها مجلس الوزراء في نقاش الموازنة، لأنه من خلال هذه العملية يصبح هناك لا مركزية حقيقية في هذا القطاع، حيث أن البلديات واتحاد البلديات تصبحان مسؤولتان عن إدارة قطاع النفايات الصلبة وعن جمع رسوم مباشرة، مشيراً إلى أنّ هذا الأمر ضروري لتأمين استمرارية هذا القطاع وخصوصاً على مستوى البلديات واتحاد البلديات.

أمّا عن موضوع البنية التحتية لقطاع النفايات الصلبة، كشف ياسين أنّه في لبنان هناك عدد كبير من معامل الفرز الثانوي، لافتاً إلى أنّ الأكثرية الساحقة من هذه المعامل إما متعثرة أو مدمرة. وتابع أنّ الوزارة تعمل اليوم على تطوير هذه المعامل لأنّها جزء أساسي من منظومات النفايات الصلبة.

ختاماً، الأزمات تتكاثر، والمساعي لإيجاد حلول تتساقط، والمشاكل لا تنتهي، واللبناني ينتظر الفرج وبصيص أمل للعيش بسلام وأمان… والانتظار سيّد الموقف!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us