تنبيه أخير


أخبار بارزة, خاص 22 أيلول, 2022

كتب راشد فايد لـ “هنا لبنان”:

ليس تلويناً في إيقاع النقاش، والتأويلات السياسية للوقائع اللبنانية الراهنة، أن يلجأ سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري إلى جملة لعميد النواب اللبنانيين الرئيس حسين الحسيني يقول فيها “إن اتفاق الطائف غير صالح للإنتقاء، وغير قابل للتجزئة”. عبارة تصلح هامشاً تفسيرياً للبيان السعودي- الأميركي- الفرنسي الذي يبدو خريطة طريق دولية لإبعاد لبنان عن حافة انهيار سببها العبث بـ”اتفاق الطائف”، منذ فرضت الوصاية الأسدية صيغتها لتنفيذه، واستأنفها الإحتلال الإيراني، بهيمنة أدواته على مفاصل الدولة اللبنانية، وتحويل مناطقها إلى ما يشبه “الكيبوتزات” الصهيونية في فلسطين المحتلة، بحجة التحسب لاعتداء اسرائيلي، بينما ثبت منذ 7 أيار 2008 أنها أدوات تقويض للإستقرار الداخلي، تهدد بنى الدولة في كل آن، إمّا بقضمها، أو تجويفها، أو الإمساك بمفاتيحها، واغتصاب مؤسساتها.

تحض هذه الحال على النظر إلى الإتفاق كملاذ أوحد للوحدة الوطنية، والسلام الأهلي، وكل صمت، أمام العبث به، ليس سوى إذن بتقويض لبنان، وإعادته إلى زمن الفوضى المطلقة تهديداً لوجوده وطناً نهائياً لجميع أبنائه المتساوين في الحقوق والواجبات، وذلك ما “ترجمه” البيان بـ “أهمية دعم البلد الصغير والعمل لحماية أمنه واستقراره”.

ليس البيان إطاراً ثلاثيّاً لمنهجية إنقاذ لبنان، بل خطة واضحة ترسم مخارج من الأزمات المتعددة الراهنة، تحت مظلّة عربية- أميركية- أوروبية، كانت الإجتماعات الثلاثية في باريس قبل أسبوعين غير بعيدة عنها، شارك فيها، بشكل أو آخر، سياديون لبنانيون.

بداية المخارج، وفق البيان الثلاثي، التشديد على “ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها بما يتماشى مع الدستور” وأن “يحرص الرئيس المنتخب على توحيد الشعب اللبناني، وأن يعمل مع الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة للتغلب على الأزمة الحالية”. ولم تغب عن البيان أهمية تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية المطلوبة بشكل عاجل، والإتفاق مع صندوق النقد الدولي، مع إقرار الدور الحاسم للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي “المدافعين الشرعيين عن سيادة البلد واستقراره الداخلي”.

ما تقدم من البيان هو خريطة طريق عربية – أميركية – أوروبية لإنهاء التردي الوطني العام الذي انفضح منذ انتفاضة 17 تشرين 2019، ولا قيمة فعلية للإشارة إلى “علاجاته” إلّا بتذكير الجميع في لبنان بـ “أن” تقوم الحكومة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي 1559 و1680 و1701 و2650 وغيرها من القرارات الدولية ذات الصلة، بما فيها تلك الصادرة عن جامعة الدول العربية، والتي تلزم باتفاق الطائف الذي يحفظ الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان”.

ليس أمراً عابراً صدور البيان في هذا التوقيت، بينما ينتظر اللبنانيون “ترف” تشكيل حكومة حوّل العهد القوي ولاداتها، وما سبقها، تمريناً على النكد السياسي، لوهمه أن باستطاعته فرض تحريفاته على “اتفاق الطائف” بقوة الممارسات الغلط، ومنها المشاورات التي ابتدع إجراءها مع النواب بموازاة استشارات رئيس الحكومة المكلف مع النواب وكتلهم، وفي ذهنه الدفع، تنفيذياً، لإعادة رئيس الحكومة إلى مرتبة وزير أول، أو كبير الوزراء، كما قبل “الطائف”، كذلك فرض صهره جبران باسيل مرجعاً لتصفية المرشحين للتوزير، فمن يوافقه، في “رؤيته” واستراتيجيته، ونموذجها بواخر الكهرباء، والسدود الخائبة، يخرج من لدنه بحقيبة وزارية، ومن لا يوافق يعبر بـ”خفّي حنين”.

يؤكد البيان بعبارة صريحة، وللمرة الـ 1000، أن لبنان تحت العين السعودية – الفرنسية – الأميركية الراعية، وأن النصيحة الدولية لم تيأس من توقع عودته دولة وليس بؤرة صراع، أو ساحة تصفيات إقليمية لتوليد اتفاق نووي تشتهيه إيران.

لبنان اليوم أمام فرصة كبيرة لاستعادة استقراره وتطبيق الدستور، فهو ما عاد ساحة لأي تجاذب عربي، بل موضع إجماع أشقائه، عبر السعودية، وفي ظل انسجام أوروبي، عنوانه فرنسا، وغطاء أممي مظلته الولايات المتحدة الأميركية.

إنه تنبيه أخير على عتبة الإستحقاق الرئاسي، من أصدقاء لا يملّون من الحرص على الوطن الصغير.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us