موازنة وهمية غب الطلب، إرضاء لصندوق النقد الدولي


أخبار بارزة, خاص 24 أيلول, 2022

كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان”:

تعول الحكومة على إقرار قانون الموازنة ضمن سعيها لاستكمال الاستجابة إلى حزمة الشروط التي التزمتها في الاتفاق الأولي على مستوى الموظفين مع بعثة صندوق النقد الدولي، تمهيداً للانتقال إلى الاتفاق المنجز الذي يتيح الحصول على برنامج تمويلي بقيمة 3 مليارات دولار على مدى 46 شهراً.

إلا أن هذه الحكومة وبحجة السرعة المطلوبة لإنجاز الاتفاق أعدت موازنة بعيدة كل البعد عما يتطلبه الإتفاق خاصة من ناحية الإصلاحات، وافتقدت إلى رؤية حقيقية وإصلاحات باعتراف وزير المالية يوسف خليل الذي قال خلال مناقشة مشروع موازنة العام 2022 إن هذه الموازنة ليست أفضل الممكن.

ولكن تجري رياح الحكومة بعكس ما تشتهي سفن صندوق النقد، فسريعاً أتاهم الجواب، عندما قال عضو بالفريق اللبناني في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لرويترز إن ميزانية لبنان لعام 2022 قد لا تفي بمتطلبات الصندوق من أجل برنامج إنقاذ للبلاد.

يؤكد الخبراء أن إقرار الموازنة وبأي صيغة رقمية لن يحقق عملياً أي تحول نوعي في الواقع المالي المزري للدولة والذي يتجه بوتيرة سريعة ومتصاعدة إلى ذروة التأزم. ذلك أن العجز الحقيقي في بيانات الموازنة سيتعدى المعادلات الرقمية التي قدمتها وزارة المال خصوصاً أن الموازنة لم تلحظ الرقم الدقيق للعجز ولا حجم وارداتها وإيراداتها وعلى أي سعر صرف ستجبي وتنفق ولا سعر الدولار الجمركيّ وفي غياب لخطة التعافي الاقتصادي والمالي..

وبات مؤكداً أن جل ما ستحققه هذه الموازنة في صيغتها العقيمة المفتقرة إلى “ألف باء” الخطة الإصلاحية والإنقاذية المطلوبة، وبنيت على أرقام وهمية وخيالية، وعداً للموظفين بتحسين رواتبهم، علماً أنها ستعطي الموظفين بيد ما ستأخذه باليد الأخرى من خلال رفع الضرائب ومن دون تقديمات اجتماعية.

النائب رازي الحاج أكد في حديث إلى موقع “هنا لبنان” أن المشكلة الأساسية هي المفهوم الخاطئ لطريقة العمل إذ تحاول الحكومة إيهام الناس أن هذا المجلس لا يريد الإصلاحات اللازمة ولا تشريع القوانين الإصلاحية. انما هذا المجلس، يضيف الحاج، حريص على إقرار هذه الإصلاحات وتمرير الاتفاق مع الصندوق ولكن ضمن خطة كاملة ومتكاملة ودراسة مدى تأثيرها على الاقتصاد وعلى وقف الانهيار.

ويشير الحاج إلى أن المجلس أمام خيارين: إما موازنة تشمل تأمين الحماية الاجتماعية وفرض تحسينات ضرائبية وتخفيف النفقات أو موازنة تعددية لا تضمن سعر الصرف ولا أرقام العجز الحقيقية ويتم التعاطي فيها على أساس business as usual

ولفت الحاج إلى أن هذه الموازنة لا تقارب الحقيقة ولا الواقع، مبدياً خشيته من تكرار سيناريو العام 2017 عندما ذهبت الحكومة آنذاك إلى مؤتمر سيدر وحصلت على تمويل لـ 180 مشروعاً دون تصنيف صحيح ولا إصلاحات، ويبدو أنهم يسعون إلى تكرار السيناريو نفسه مع صندوق النقد الدولي.

وكشف الحاج أنه إذا أقر الاتفاق مع صندوق النقد فإن أقصى ما سنحصل عليه هو 100 مليون دولار خلال العام الأول، وهو تقريباً يوازي ما يتم تداوله على منصة صيرفة يومياً. من هنا فإن المطلوب معرفة إذا كانت هذه الأموال ستصرف من ضمن الخطة المدرجة لمصرف لبنان لتوحيد سعر الصرف.

وختم قائلاً: المجلس لا يشرع غب طلب صندوق النقد ولا غيره، بل من أجل مصلحة الناس، لذلك نريد معرفة رؤية الحكومة الشاملة والخطة الخمسية لتخفيض الدين والتضخم والعجز والبطالة قبل التصويت على أي مشروع موازنة.

الباحث في الشؤون المالية والاقتصادية البروفيسور مارون خاطر توقف في حديث إلى موقع “هنا لبنان” عند توقيت مناقشة هذه الموازنة، إذ تأتي متأخرة في الربع الأخير من العام ولا جدوى منها لناحية تنظيم الصرف.

ووصف هذه الموازنة بالسيئة جداً، تغيب عنها كل الخطط الإصلاحية ولا ترسم السياسة المالية للبلد للسنوات المقبلة.

وتعليقاً على قول وزير المالية إنها موازنة أفضل الممكن، أشار خاطر إلى أننا في وضع لا يمكن أن نكتفي بما هو ممكن، ففي حالات مثل لبنان يجب الذهاب أبعد من الممكن، وما يصوت عليه النواب فيه انتقاص من قيمة المجلس لأنه يقدم مشروع موازنة لم تدرسها لجنة المال والموازنة، إذ تم تعليق دراسة مواد عدة فيها.

وأشار خاطر إلى أن هذه الموازنة تضرب عرض الحائط كل النظريات الاقتصادية وطريقة إدارة الدول مضيفاً أنه من المعيب إقرار الموازنة قبل دراسة وإقرار خطة التعافي الاقتصادي التي يفترض أن تشكل الموازنة احد ركائزها.

ولفت إلى أن الحاكمين في لبنان يحكمون “بالمقلوب” إذ يجب الذهاب إلى إقرار خطة اقتصادية وسياسة مالية واضحة قبل الموازنة، خاتماً بالقول أن ما يحصل هو استخفاف بعقول اللبنانيين ولا يفهمه أي منطق.

من الواضح أن قوى السلطة متفاهمة مسبقاً على إقرار موازنة مهما كانت مفاعيلها، لضرورات غب طلب صندوق النقد الدولي من جهة، ولشراء الوقت مع موظفي القطاع العام من دون إعطائهم حقوقهم من جهة أخرى. فكيف يمكن إقرار موازنة في زمن الانهيار بلا خطة كاملة وواضحة؟ وكيف يمكن إقرار موازنة لسنة شارفت على الانتهاء؟ في وقت يجب أن يناقش المجلس موازنة الـ2023؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us