طرابلس “06”.. قصة مدينة تحوّلت إلى مقبرة جماعية!


أخبار بارزة, خاص 2 تشرين الثانى, 2022

كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان”:

ليست صدفة، أن يتداعى سقف مدرسة ويسقط على رؤوس الطلبة، وأنا أشاهد الفيلم القصير “طرابلس 06”.

فبينما كنت أغرق في الرمز “06” وكيف أنّ هذه المدينة خارج التغطية، انتشر فيديو لحالة هلع تعمّ بين الطلاب ومشاهد دمار وبقع من الدماء، كل هذه ترافقت مع أنباء عن وفاة طالبة وإصابة أخرى.

هذا المشهد، سقوط سقف مدرسة على رؤوس الطلبة، كان يمكن أن يكون في الفيلم لو تأخر قليلاً إصداره، فكيف يمكن لمدرسة ترممت حديثاً أن يهبط سقفها؟ وفي أيّ شريعة يدخل الطلبة صفوفهم آمنين ليخرجوا منها جثثاً؟!

هذه الصورة لا تختلف عن صورة طرابلس التي نقلها الفيلم، بل هي صورة مأساوية أخرى من مدينة حافلة بالمآسي.

في الفيلم الذي لا يتعدّى النصف ساعة، نرى طرابلس، بفوضوية يومياتها، نمر من قرب بائع الكعك، ثم نحلّق إلى البحر، الشاهد الوحيد على مراكب الموت.

نغوص في دفتر الديون عند “الدكنجي”، وفي أزمة الخبز، والتسرّب المدرسي، وعمالة الأطفال، والتفاوت الطبقي..

طرابلس “المرهقة” تحدثت بصعوبة في دقائق قليلة، لننتقل إلى الأزمات الأكثر مرارة، والتي لخصها الفيلم بصورة عائلة باعت طفلها كي تدفع للمهرب كلفة الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، غير أنّ الموت كان المصيدة فغرق المركب، وماتت العائلة، ولم يبقَ إلا ابن واحد شاهد على المأساة!

الفيلم، أضاء على الجانب المأساوي للمدينة، فـ “طرابلس وفق المخرج وكاتب السيناريو وسيم عرابي بلا صوت وضحية التهميش”، معتبراً في حديث لـ “هنا لبنان” أنّ “أوجاع هذه المدينة لطالما كانت تتناول إعلامياً بعيداً عن الخلفية والشقّ الإنساني، ليتم الحكم عليها وعلى أهلها بحسب النتيجة فقط من دون الغوص في عمق الأزمة والمعاناة، وهنا كان دور الفيلم، التغلغل أكثر في الجانب الإنساني والتفاصيل الحياتية المؤلمة التي توصل إلى أماكن للأسف سيئة”.

ويشدّد عرابي على أنّ القصة التي أوردها الفيلم ليست من وحي الخيال معلّقاً: “قد لا يصدق البعض، ولكن هذا الألم الذي صوّرناه هو جزء من يوميات طرابلس والوقائع حقيقية”.

ووفق عرابي فإنّ تسليط الضوء على الهجرة غير الشرعية هو واجب مهني وأخلاقي، متسائلاً: “كيف لعاصمة لبنان الثانية أن تتحوّل رماداً فيموت أبناؤها غرقاً دون أيّ قبور حتى توثق المأساة، ولذلك ألقى الطفل ميسرة في الفيلم الورود في البحر ولم يذهب إلى المقبرة”.

فيما يرى ابن طرابلس منتج الفيلم الإعلامي نبيل الرفاعي لـ”هنا لبنان”، أنّ “هذه الدقائق هي صورة بسيطة مما تعانيه مدينته”، موضحاً أنّ طرابلس هي رسالته الدائمة إن في مجال الإعلام أم الإنتاج وأنّه يسعى دائماً لإخراج خفايا هذه المدينة إلى العلن في مواجهة التعتيم المقصود.

طرابلس “06”. مدينة انقطعت خطوطها، ودفع أهلها نحو الموت، وهدّد طلبتها بأمنهم!

طرابلس “06”. قصة مدينة حكمها أغنى الزعماء فحوّلوها إلى أفقر الأحياء!

طرابلس “06”. وذات يوم ستغلق سماعة الهاتف في وجه كل من تاجروا بهذا الشمال، واغتالوا مرافقه وأحلامه ومستقبل أبنائه!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us