المتوسّط ليس فارسياً.. ولن يكون


أخبار بارزة, خاص 15 كانون الأول, 2022

كتب محمد سلام لـ “هنا لبنان”:

يضمّ حوض البحر الأبيض المتوسط، المعروف لدى قدامى العرب ببحر الروم أو البحر الشامي، 24 دولة أو كياناً موزّعة على ثلاث قارّات هي 13 دولة في أوروبا، 6 دول في آسيا و5 دول في أفريقيا، ليس بينها دولة فارسية أو أي امتداد لجغرافيا دولة فارسية.

لذلك يعتبر أي نفوذ فارسي دخيل على سيادة أي دولة متوسطية بمثابة اعتداء على سيادات جميع دول الحوض المنتشرة على مساحة 9 ملايين كيلومتر مربع، منها 5 دول أفريقية جميعها عربية هي المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا ومصر و7 دول آسيوية هي تركيا، قبرص، قبرص الشمالية، سوريا، لبنان، إسرائيل وفلسطين. و12 دولة أوروبية هي اليونان، ألبانيا، الجبل الأسود، البوسنة والهرسك، كرواتيا، سلوفانيا، مالطا، إيطاليا، موناكو، فرنسا، إسبانيا، وجبل طارق.

واستنتاجاً تكون الهوية المتوسطية هي النتيجة التراكمية للعلاقة الجدليّة التأثّرية التأثيرية بين مجموع الهويات المكوّنة لهذه البيئة الثقافية-الاجتماعية التي ليس بينها أي مكون فارسي، على نقيض الهوية الخليجية المقسّمة جذرياً ورسمياً بين عربي وفارسي إلى درجة أن مجلس التعاون يحمل رسمياً اسم “مجلس التعاون لدول الخليج العربية” (لا دول الخليج العربي) ما يعكس الواقع الحقيقي لانتشار الهويتين العربية والفارسية على ضفتي الخليج.

وكان أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد قد قال لي عندما التقيته في ديوانيته وكان لا يزال وزيراً للخارجية في العام 1987 خلال الحرب العراقية-الإيرانية ما حرفيته: “واقعياً لا أستطيع أن أعلن الخليج عربياً أو فارسياً، فهو تقاطع شبكة مصالح دولية”. في ذلك الوقت تم اعتماد رفع أعلام دولتي الاتّحاد السوفياتي والولايات المتحدة على ناقلات النفط الكويتية للتمتع بحماية الدولتين العُظمَيين من الاعتداءات الإيرانية…

واستئناساً بالتجربة الكويتية يكون المتوسط بحاجة إلى تحالف بين مكوناته العربية-الأوروبية-التركية-الآسيوية-الأفريقية للدفاع عن خصوصية هويته السياديّة ومصالحه من تهديدات الغزو الفارسي المتسلل إلى الثروة المتوسطية عبر البرّ اللبناني بعد انسحابه من سوريا على وقع الغارات الإسرائيلية التي قطعت طرق إمداده البريّة والجويّة والبحريّة من إيران إلى سوريا وعدم الدفاع الروسي عن الحليف الفارسي للنظام الأسدي.

حزب السلاح الفارسي المتّكئ على تعاونه الذي سهّل التوصل إلى الترسيم البحري مع إسرائيل ليس بوارد خسارة “منافعه الموعودة من عائدات الترسيم” الذي مارس في سبيل تحقيقه دور “القابلة غير القانونية”، لكنه أيضاً لا يستطيع المقامرة بخسارة موارده الثمينة جراء سيطرته على الحدود البريّة اللبنانية كلها خصوصاً مع شقيقه الحليف –اللدود الأسدي الذي يصدّر عبره المخدرات إلى العالم، ويهرّب عبره من لبنان المواد الغذائية والمحروقات وكل ما فقد من أسواق سوريا-الأسد.

أما إسرائيل الحريصة على سلامة إنتاجها الغازي من حقولها المتشاركة مع لبنان لإيصال منتوجها إلى أوروبا التي تعاني من البرد جراء ارتدادات الحرب الروسية-الأوكرانية، فهي حريصة أيضاً – وربما أكثر – على عدم حصول إيران على سلاح نووي يمكّنها من التحول إلى دولة عظمى “ما فوق إقليمية” ما يؤهلها لمشاركة دول النادي النووي الرأي في القرار الأممي، أو يؤهلها للتحول إلى دولة عظمى إقليمية ما يسمح لها بالجلوس على أحد المقاعد حول طاولة القرار الإقليمي إلى جانب تركيا وإسرائيل لتقاسم النفوذ في دول الهلال الأخضر العربي (لبنان، سوريا، الأردن، العراق)…

*أيّ القرارين هو الأهم لدى إسرائيل: سلامة الغاز أم منع إيران من التحول إلى قوة نووية سواء “إقليمية أو ما فوق إقليمية”؟؟؟

**أيّ القرارين هو الأهم لتركيا: الغاز أم استكمال تعبيد طريق الأمّة التركية الكبرى الممتدة من المتوسط إلى الصين من دون المرور بإيران لتكون “الحزام البري” لطريق الحرير الجديدة؟؟؟

الحفاظ على متوسط غير فارسي يحمل كل الإجابات عن كل التساؤلات.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar