الشخصيات السامة: تستهلك طاقاتنا الإيجابية وتستنزفنا عاطفياً والدولة والطبقة الحاكمة “بطل القصة”


أخبار بارزة, خاص 23 كانون الأول, 2022

كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان”:

عندما يريد اللبناني أن يتطور يقوم بعدة أمور، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بتأثير الأزمة الإقتصادية والمعيشية والمالية الخانقة التي يعاني منها بلده؟ ومن بين ما يمكن أن يقوم به هو تغيير أفكاره واكتساب أفكار جديدة، وتغيير طريقة تفكيره في بعض الأمور، وثانياً أن يفهم نفسه بنفسه وتحديداً نقاط القوة والضعف لديه، وتقوية الأولى والتخفيف من الثانية. ومن الأمور الأخرى التي يشدد عليها علم النفس أن يفهم اللبناني الناس من حوله الأقارب بالدرجة الأولى مروراً بالأصدقاء (وتدرجاتهم عنده) وصولاً إلى أفراد المجتمع ككل، لأن فهمه لشخصيات هؤلاء سيؤثر كثيراً على حياته.

ومن بين تلك الشخصيات والتي ارتفعت نسبتها بين صفوف طبقات المجتمع اللبناني ما يسمى بالشخصيات السامة، والتي ربما لا نعرف، ونحن نعيش معها بشكل يومي داخل منزل العائلة أو نلتقي بها بشكل أسبوعي أو حتى في المناسبات – من سلوكها – أنها شخصيات سامة.

وتوضح الدكتورة في علم النفس العيادي إيمان رزق في حديث لـ “هنا لبنان” أن الشخصيات السامة تتميز عن غيرها بإضطراب في الشخصية كالشخصية النرجسية، وشخصية البارانويا، الشخصية المضادة للمجتمع والشخصية الحدية، ومن المحتمل لأي لبناني يعاني من الأزمات الحادة التي يعاني منها لبنان اليوم أن يصل به الإضطراب إلى الإصابة بإحدى هذه الشخصيات”، مبدية تخوفها من أن يصاب جيل الشباب عندنا بهذه الإضطرابات.

وتؤكد أن الشخصيات النرجسية والمضادة للمجتمع أكثر ما يجسدها هم مكونات الطبقة الحاكمة، فبعضهم نرجسيين فعلاً، معطية مثالاً كيف يتلاعبون بعقول الشعب ومشاعرهم وبالقوانين والسلطة، فيما هذه الأنواع من التلاعب ممنوعة في الكثير من البلدان العربية والأوروبية.

ويبدو أن الخطابات التي إعتاد عليها السياسيون عندنا – وما أكثرها – تشكل أحد أساليب هذا التلاعب، وتعتبر رزق أنها عبارة عن مزيج من ” النرجسية والبارانويا والشخصية المضادة للمجتمع”، مطالبة بضرورة إعادة بناء المجتمع من جديد كل حسب مهنته وعمله وخبراته، مع الإلتزام بالأدبيات والأخلاقيات الخاصة بكل مهنة وعمل، لكي ننهض نفسياً لأن من حق كل لبناني أن يعيش رفاهية النفس ورفاهية الصحة النفسية والجسدية.

وتفيد الكثير من الأبحاث الحديثة أن الشخصيات السامة متواجدة في كل المجتمعات لكن بنسب متفاوتة بين مجتمع وآخر، وتقوم سلوكياتها – من حيث لا تدري – على سرقة الطاقة الإيجابية منا، وعلى تغذيتنا بالطاقة السلبية، وأن كل نوع منها يعتمد على إستراتيجية معينة، ومنها أنها تجعلنا لا إرادياً نتعاطف معها وأخرى تتمثل بالبراعة في التلاعب بمشاعر وأعصاب الآخر وتحطيمه نفسياً، وثالثة تقوم على السخرية من نجاحات الآخر، ورابعة تقوم على تجاهل نقاط القوة والإيجابيات التي يتمتع بها الآخر، وخامسة تعتبر نفسها على حق وأنها مظلومة دائماً.

في ما يتعلق بالحلول تدعو هذه الدراسات إلى الإبتعاد عن الشخص النرجسي تحديداً، لأنه يشكل أخطر أنواع هذه الشخصيات أكان زوجاً أو زوجة، أو والداً أو والدة، أو أخاً أو أختاً، أو صديقاً أو صديقة، عازية هذه الدعوة إلى أنه من الصعب جداً إحداث تغيير في شخصيته، وإذا كان الإبتعاد صعباً فعلينا التخفيف من التواصل معهم إلى الحد الأدنى، لأن هذا النوع يعتبر نفسه شخصاً مميزاً وذكياً، وكل من حوله أغبياء، إضافة إلى الغرور الذي يحمله وسعيه الدائم إلى تحطيم نفسية الآخر.

بدورها تلقي رزق المسؤولية على الدولة التي من واجباتها إقرار وتعزيز برامج من خلال المدارس والمؤسسات التربوية، التي تركز على الوعي على أيدي مختصين ومعالجين نفسيين في المدارس الرسمية والخاصة، ومراكز العمل، كما يحصل حالياً في الكثير من الدول الأوروبية، كذلك يجب السعي إلى توجيه الأهالي والمراهقين من خلال الندوات وورش العمل بهدف التحاور ووضع الحلول للمشاكل والهموم التي يعانون منها، مشددة على أهمية عامل الإستماع إلى الآخر، وعلى أن حاسة السمع متوقفة لدى الطبقة الحاكمة، وإلا لما وصلنا إلى الكارثة الإقتصادية والحالة المعيشية المزرية التي نحن فيها.

وإذ تسأل: هل يهمهم أن يتمتع شعبهم برفاهية النفس؟ لتجيب “حتماً لا”، لتكمل: من هنا يبدأ العلاج الفعلي، لكن لا نعرف أين ينتهي في حال بقاء مواقفهم كما هي في ظل معاناة شعبهم المتعددة الأوجه.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us