باسيل يتحرّك ليخرج من عزلة “الحزب”!


أخبار بارزة, خاص 26 كانون الأول, 2022

كتب أحمد عياش لـ” هنا لبنان”:

كأنّ اللقاء الذي جمع مساء الجمعة الماضي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، لا يمثّل تطوراً في المشهد السياسي. هذا ما بدا عليه موقف الإعلام المحسوب على “حزب الله” يوم اللقاء وكذلك في اليوم التالي. وفي هذا السياق، بدت قناة “المنار” التلفزيونية التابعة للحزب في نشرتها المسائية الرئيسية يوم اللقاء، وكأنها تفتقر لمصادر المعلومات الموثوقة بشأن اللقاء، وهي التي كانت السبّاقة على امتداد الفترة بين “تفاهم مار مخايل” عام 2006 ولغاية انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الأول الماضي، في عرض المعلومات الخاصة حول “التيار”.

هل من توضيح لموقف إعلام “حزب الله” هذا؟

في قراءة لأوساط إعلامية متابعة للحزب، أنّ الأخير ومنذ ظهور الخلاف بين فريقي “التفاهم” حيال الجلسة الأخيرة لحكومة تصريف الأعمال، بدا مبتعداً عن التعامل مع “التيار” خصوصاً بعد المواقف التي أطلقها النائب باسيل ضد الحزب وأهمها قول باسيل أنّ الأمين العام السيد حسن نصر الله قد “نكث بالعهد” الذي قطعه بشأن التعامل مع حكومة تصريف الأعمال، الأمر الذي أثار غضباً شديداً من الحزب الذي وجد في موقف رئيس “التيار” تشكيكاً بـ “الوعد الصادق” وهي الصفة الملازمة لزعيم الحزب.

وتذهب هذه الأوساط إلى القول إنّ مسؤول التنسيق والارتباط في “حزب الله” الحاج وفيق صفا والذي كان مكلفاً لأعوام طويلة بالتواصل مع رئيس “التيار”، لم يعد في هذا الموقع حالياً كما كان سابقاً، ما أدى ببعض الأصدقاء المشتركين إلى القول أنّ العلاقة بين الجانبين لم تعد كما كانت، وربما هي لن تعود أبداً إلى ما كانت عليه.

ما يمكن استنتاجه مما سبق، هو أن “التيار الوطني الحر” صار بأمسّ الحاجة إلى فتح نوافذ سياسية جديدة، أو إحياء ما هو قديم منها، كما هو واقع الأمر بين “التيار” والاشتراكي. وفي هذا السياق، أوردت وسائل إعلامية نقلاً عن أوساط اشتراكية أنّ تواصلاً من قبل باسيل حصل قبل شهر وطلب عقد اللقاء مع رئيس الاشتراكي. وحيث أنّ الاشتراكي ينادي بالحوار، فإنه لم يرفض الدعوة. ولكن بطبيعة الحال لكي يعرض كل فريق وجهة نظره، فليس هناك أي تسوية رئاسية. كما رفض المطلعون على موقف جنبلاط إدراج الزيارة في إطار فك العزلة عن باسيل، وقالوا إنها تأتي في إطار الحركة التي يقوم بها تجاه القوى السياسية لكسر الحلقة المفرغة القاتلة التي تسيطر على البلاد في ظل تفاقم تعطيل المؤسسات الدستورية.

إذاً، كان رئيس “التيار” هو المبادر إلى عقد اللقاء مع زعيم الاشتراكي. لذا، بدا “التيار” منزعجاً من التغطية الإعلامية التي واكبت اللقاء. وفي تقرير حمل عنوان “خاص tayyar.org” جاء فيه: “الإعلام اللبناني، معظمه، لم يعد بخير منذ أن صار عبارة عن إعلان لا إعلام، تنافس على الرايتينغ واللوك لا على المحتوى الرصين والمهني، منصة للترويج لا الإخبار، منبراً لغسل الأدمغة لا لتنميتها، وسيلة لتبييض المال والسياسيين والإثراء غير المشروع”.

هل يشمل هذا “التأنيب” موقع “العهد” الإلكتروني التابع لـ “حزب الله”؟ بالطبع لا، على الرغم أنّ الأخير ومن خلال عرضه لما نشرته الصحف المحلية السبت الماضي، أورد فقرة لم تشر إلى الجهة التي نشرتها، وفيها: “جاء اللقاء الذي جمع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ليسجل أول نجاح لباسيل بتوظيف الموقف من حكومة تصريف الأعمال لصالح كسر الجليد السياسي الذي أراد خصومه إحاطته به… واللقاء بالنسبة لجنبلاط هو آخر الفرص المتاحة لحلحلة عقدة تأجيل تسريح رئيس الأركان في الجيش اللواء أمين العرم الذي يحال إلى التقاعد ما لم يصدر مرسوم تأخير تسريحه، وفقاً لمقترح قائد الجيش العماد جوزف عون المرفوع لوزير الدفاع موريس سليم، وهو مرسوم عادي لا يحتاج إلى مجلس وزراء… وفي هذه الحال يكون لباسيل دين في ذمة جنبلاط لا بدّ أن يصرف في السياسة، سواء بالانفتاح والتشاور في الخيارات الرئاسية أو في التنسيق في الشأن الحكومي، أو في كليهما”.

هل يبدو من باب المغالاة وصف واقع “التيار الوطني الحر” بـ “اليتم” بعد إنفراط عقد “التفاهم” مع “حزب الله” وهو “التفاهم” الذي أوصل مؤسس “التيار” العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية عام 2016؟ ربما هناك من سيعترض على هذا الوصف، لكنه في الجوهر يشير إلى أن التيار العوني الذي تمتع بنفوذ لا سابق له بعد عودته إلى لبنان عام 2005 بحماية السيد ورعايته، كما تشير وثائق منشورة لمن يرغب في الاطلاع عليها، بدأ الآن يمر بمرحلة فقدان السند القوي الذي مثله “حزب الله” والذي لا يزال يتمتع بالنفوذ لكي يمنح هذا السند لمن يشاء في الوقت المناسب.

رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع، ورداً على سؤال عن رأيه في التواصل ما بين الإشتراكي” و”التيار” قال “Tea and Sympathy”:

هذه العبارة بالإنكليزية تعني بحسب قاموس وبستر الآتي:

kind treatment and care that is given to someone who is upset

أما ترجمة ذلك بالعربية: “المعاملة اللطيفة والرعاية التي تعطى لشخص مستاء”.

وكأن جنبلاط تحول إلى ناشط في “جمعية الرفق بأيتام حزب الله”. المطلوب الآن الحصول على علم وخبر من وزارة الداخلية بإنشاء هذه الجمعية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us