بين القطاعين العام والخاص: مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد!


أخبار بارزة, خاص 20 كانون الثاني, 2023

قطاع الخدمات والمهن الحرّة نافذة أمل لموظّفي القطاع العام، فرواتبهم بالكاد باتت تكفي لسدّ الحاجات الأساسية واضطرّوا مرغمين لإيجاد البديل..


كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان”:

بينما فقدت رواتب موظّفي القطاع العام 95% من قيمتها حتى بات الموظف غير قادر على تأمين مستوى عيش كريم له ولعائلته، فقد أدّت الأزمة الاقتصادية وملحقاتها إلى ازدهار العديد من القطاعات التي تنضوي تحت راية القطاع الخاص. فقد أثبت هذا القطاع أنّه يتمتع بالكثير من الخبرات في عشرات المجالات، ولذا لم ينتظر تفعيل القوانين الخاصة به والكفيلة بإنعاشه وباستثمار طاقات الشباب العاطلين عن العمل. بالإضافة إلى المئات من الذين تركوا أعمالهم ووظائفهم في القطاع العام مرغمين بحثاً عن لقمة العيش، ليتحول هذا البحث مع الوقت إلى منفذ لتحقيق الأرباح في العمل الحر أو قطاع الخدمات الذي اختاره كلٌّ منهم.

يُرجّحُ الخبير المالي والإقتصادي عماد عكوش في حديث لـ “هنا لبنان” أنّ ازدهار قطاعات المهن الحرة وقطاعات الأعمال الخاصة وتحقيقها الأرباح، يعود إلى ما شهده السوق اللبناني من نقص في الكثير من البضائع، وحتى فقدانها بدءاً من الدواء مروراً بالمواد الغذائية، ووصولاً إلى الكثير من البضائع المطلوبة في السوق اللبناني، ما حفّز الكثيرين على التجارة الخارجية غير الشرعية، أو التهريب، في ظلّ غياب الرقابة وحلول الفوضى، وبشكل لا يراعي أبداً المعايير الأساسية المفروضة على كل البضائع.

وبحسب بعض الخبراء فالاتجاه الراهن هو لمزيد من التوجه لشراء السلع من العديد من الدول القريبة من لبنان كسوريا وتركيا وحتى من دول الاتحاد الأوروبي مدفوع بالأساس بأزمة تكلفة المعيشة والتضخم، حيث يبحث العاملون (حديثاً) في التجارة الإلكترونية بشكل متزايد عن بضائع وسلع بأسعار رخيصة، وهي تجارة انتعشت في السنوات الأخيرة بفعل الأزمة الضاغطة على اللبنانيين، مما يمنح عدداً من المستهلكين القدرة على شراء منتجاتهم من دون الذهاب إلى الأسواق وما يسبّبه ذلك من حرج اجتماعي للبعض.

وتعد النزعة الاستهلاكية نزعة متأصلة في سلوك اللبنانيين المعاصر، وبغضّ النظر عن أسبابها ودوافعها، فالمؤكد أنّ النشاط الحاصل في بعض القطاعات والآليات المساندة له مثل الدعاية والإعلان تعمل على تعزيزها.

ويرى عكوش أنّ معدل النمو في الاقتصاد اللبناني بحسب إحصاءات البنك الدولي وصل إلى حدود 1,7% ” وهذا واضح من أرقام المسافرين الذين استخدموا مطار بيروت، والذين بلغ عددهم حوالي 6 مليون و350 ألف مسافر، ومن قيمة حوالات المغتربين إلى ذويهم والتي تجاوزت قيمتها 7 مليار دولار، معتبراً أنّ القطاع الخاص قادر على التأقلم مع أي تغيرات جديدة، وهذا ما حصل مع الواقع الاقتصادي الجديد.

وفي جولة سريعة على حسابات المئات من اللبنانيين واللبنانيات على وسائل التواصل الاجتماعي نجد مختلف أنواع البضائع والخدمات منها المحلية الصنع ومنها المستوردة، كلّ ذلك بفعل الأزمات المتتالية (الضاغطة) على اللبناني، ما أدّى إلى تغيّر هيكلية الكثير من القطاعات الإنتاجية وقطاعات الأعمال، من هنا تعاظمت رغبة المواطن بالحصول على الفريش الدولار من الداخل أو من الخارج، وانتقل الكثير من الأفراد إلى العمل في المهن الحرة وأعمال الخدمات، التي تقدم عن بعد (أونلاين)، ما سمح لهم بالحصول على مداخيل أكثر مما يتقاضونه في القطاع العام أو كانوا يتقاضونه فيه.

ويؤكد عكوش في مقاربته لعلاقة واقع القطاع العام بالنشاط الخاص في قطاع المهن الحرة وأعمال الخدمات، أن رواتب هذا القطاع التي فقدت بين 65% إلى 75% من قيمتها، حتى مع احتساب زيادة راتبين على الراتب الأساسي، دفعت بالكثير من موظفي هذا القطاع إلى القيام بأعمال إضافية وممارسة مهن حرة لتعويض العجز في قدرتهم الشرائية، كما تمّ تخفيض دوامات العمل لإعطاء هؤلاء الوقت الكافي لممارسة الأعمال الخاصة لتعويض النقص في قدرتهم الشرائية.

ويختم مذكّراً بأنّ عبء القطاع العام كان كبيراً جداً على الدولة اللبنانية، ووصل إلى 35% قبل الأزمة، فيما لا يتجاوز في معظم دول العالم عبء القطاع العام 20 إلى 25%، لكن اليوم فإن هذه النسبة بدأت بالتراجع تدريجياً بقرار ذاتي اتّخذه كلّ من بدأ يشعر أنّ راتبه لم يعد يكفيه لتأمين متطلبات عيش أسبوع واحد.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar