اللبنانيون مهددون بأمنهم الغذائي.. هل اقترب الإنفجار الإجتماعي؟


أخبار بارزة, خاص 24 كانون الثاني, 2023

معظم الشعب اللبناني أصبح تحت خط الفقر وبات غير قادر على شراء المواد الغذائية المطلوبة للعيش وهذا الأمر قد يؤسس لإنفجار إجتماعي..

كتبت شهير إدريس لـ”هنا لبنان”:

فيما الأنظار تتجّه إلى مجلس النواب الذي يحتضن نواباً يحاولون تغيير الصورة النمطية عن طريقة الحكم والديمقراطية في لبنان من دون تحقيق أي نتيجة، والتي تترافق مع المناكفات السياسية للسلطة الحاكمة المستمرة منذ عهود مع كل إستحقاق أساسي في البلد، يتغاضى المسؤولون عما آلت إليه أوضاع المواطنين الذين انتخبوهم ليكونوا صوتهم في مجلس النوّاب ومؤسّسات الدولة، إذ كلّ يغني على ليلاه وسط حلول سياسية واقتصادية وصحية واجتماعية تبدو بعيدة في المدى المنظور. ويتغاضى هؤلاء المسؤولون أيضاً عن تقارير ودراسات خطيرة تطلقها المؤسسات الدولية وسفراء الدول المؤثرة المعتمدون في لبنان وحتى بعض المسؤولين في الدولة الذين لا زالوا يتمتعون بالضمير.

أكبر دليل على تجاهل التقارير كان كارثة وجريمة تفجير مرفأ بيروت حيث كانوا على دراية بوجود نيترات الأمونيوم وتغاضوا عنها آنذاك، وفي الفترة الأخيرة لم يستمعوا إلى تقرير البنك الدولي الذي صنّف الأزمة اللبنانية ضمن أكثر الأزمات حدّة على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر بسبب السياسات المالية والإقتصادية المتعمدة والمتهورة وتحذيره من الإنهيار.

تقرير آخر أطلقته في العام 2023 منظمة هيومن رايتس واتش حول التفاوت في مستويات دخل الأسر اللبنانية ومستوى المعيشة مع إرتفاع أسعار السلع الغذائية وفواتير الخدمات لا سيّما الكهرباء وفواتير الإستشفاء والطبابة.

ومنذ أيام كان تحذير السفارة الفرنسية من زوال الدولة، كما زاد الطين بلّة عدم تسديد لبنان لمساهماته للأمم المتحدة وحرمانه من حق التصويت.

ومع تفاقم أزمة نقص الغذاء على مستوى العالم، وتوقع الخبراء والمراقبين أن تشهد دول العالم أزمات جديدة خلال العام الجاري 2023، في ما يتعلق بتوفير المواد الغذائية الأساسية لمواطنيها، وتضاعف معدلات النقص الحادّ في الغذاء في بعض البلدان وصولاً إلى المجاعة والتي حذرت منها الأمم المتحدة.

فإنّ تقريراً خطيراً حول إنعدام الأمن الغذائي، أطلقته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي في لبنان بالتعاون مع عدد من المنظمات ووزارة الزراعة اللبنانية، ألقى الضوء على أزمة جديدة تتربّص باللبنانيين بالأرقام والوقائع ووفقاً للدراسة ولبيانات التحليل تتعلق بانعدام الأمن الغذائي وقد مرّ مرور الكرام أمام المسؤولين اللبنانيين الذين لم يهزهم انقطاع حليب الأطفال الرضع ورفع الدعم عنه والتلويح بأزمة شح القمح التي تطال رغيف الخبز.

التقرير سلط الضوء على أن زهاء مليوني شخص في لبنان، بمن فيهم 1.29 مليون مقيم لبناني و700 ألف لاجئ سوري يواجهون انعدام الأمن الغذائي، ومن المتوقع أن يتفاقم الوضع في الأشهر المقبلة وأن يتدهور الوضع بين شهري كانون الثاني ونيسان من العام 2023، لـ 2.26 مليون شخص أي 1.46 مليون مقيم لبناني وحوالي 800 ألف لاجئ وسيكونون بحاجة إلى المساعدة العاجلة.

وكشفت الدراسة أن منطقة عكار تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي الحاد بين اللبنانيين المقيمين، تليها مناطق بعبدا وبعلبك وطرابلس.

كما أشارت الدراسة التي قام بها 55 خبيراً وطنياً بالتعاون مع مؤسسات دولية معنية مثل الفاو وأوكسفام وشبكة أنظمة الإنذار المبكر ومجموعة الأمن الغذائي العالمية وغيرها، أنّ “حالة الأمن الغذائي المقلقة هي نتيجة الأزمة الإقتصادية العميقة التي استمرت ثلاث سنوات”. فإنخفاض قيمة العملة، ورفع الدعم، وارتفاع تكاليف المعيشة تمنع الأسر من الحصول على ما يكفي من الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى كل يوم.

ممثل برنامج الأغذية العالمي في لبنان عبد الله الوردات أكّد لموقع “هنا لبنان”، أنّ “نتائج التقرير شكّلت مفاجأة بالنسبة لنا وهي مخيفة ومقلقة للغاية وتعطي صورة قاتمة عن وضع الأمن الغذائي في لبنان، كما تعكس الوضع المتردّي الذي يواجهه العديد من الأشخاص في لبنان حاليًا”، مشيراً إلى “ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعتمدون على المساعدة في لبنان أكثر من أيّ وقت مضى”.

وقال: “إذا لم يتم العمل فوراً على تحسين الوضع الإقتصادي والمعيشي ووضع نظام حماية إجتماعي وتقديم مساعدات فورية فإنّ المشكلة ستتفاقم والأرقام ستتزايد”، محذراً من وقوع فئات جديدة في حالات الفقر المدقع وانعدام الأمن الغذائي، ومعتبراً أنّ هذا الوضع يحتاج إلى إستجابة سريعة لتقديم مساعدات إنسانية طارئة.

وأضاف الوردات أنّ “الموارد لم تعد موجودة ومتاحة كالسابق وذلك في ظلّ أزمة الطاقة العالمية وأزمة القمح بسبب الحرب في أوكرانيا، كما أنّ السلة الغذائية ازدادت تكلفتها على المواطنين”، لافتاً إلى أنّ برنامج الأغذية العالمي يقوم بدعم اللبنانيين أيّ قرابة 700 ألف شخص عبر برنامج أمان بالتعاون مع وزارة الشؤون الإجتماعية إضافة المساعدات التي يقدمها البنك الدولي لنحو 300 ألف شخص.

وقال: “نريد أن يكون لبنان في وضع مستقر سياسياً واجتماعياً كي نبقى قادرين على متابعة تقديم المساعدات المطلوبة”.

بدورها اعتبرت منظمة الفاو في لبنان أنّ “هذا الوضع سيكون حرجاً بدون اتخاذ إجراءات عاجلة، كما ستكون العواقب قاسية على الصحة السليمة للسكان الأكثر ضعفاً”.

وزير الزراعة عباس الحاج حسن اعتبر في حديث لـ”هنا لبنان” أنّ التقرير الذي صدر بأرقامه وتوقيته خطير جداً إذ أنّه أول مسح في لبنان يتم العمل عليه منذ زمن وكان اللافت تصنيف المناطق الأكثر فقراً والتي تشهد انعدام الأمن الغذائي بحسب الألوان وقد تبين أنّ 90% من لبنان أصبح بلون واحد مبدياً أسفه وتخوفه من هذا الأمر. وأكّد أن عدداً كبيراً من اللبنانيين أصبحوا تحت خط الفقر وباتوا غير قادرين على شراء المواد الغذائية المطلوبة للعيش وهذا الأمر الذي نحذر ونتخوف منه قد يؤسس لإنفجار إجتماعي كما قال، إذ أننا ذاهبون إلى مكان صعب جداً خصوصاً مع وجود اللجوء السوري الذي يزيد العبء على المواطن اللبناني. لذلك علينا كوزارات وحكومة الذهاب إلى اتخاذ قرارات جريئة وواضحة وبالإتجاه الصحيح بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية وصولاً إلى تشكيل الحكومة وإطلاق ورشة وطنية للنهوض بالإقتصاد اللبناني والتنمية الزراعية والصناعية، إضافة إلى أن على المجتمع الدولي مساعدة لبنان والعمل على الدفع من أجل إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم بعد أن تم تصنيف 80% من المناطق السورية مناطق آمنة.

وفي ظلّ عدم التنبه للمخاطر المحدقة بلبنان وشعبه وغياب أي حلول لمعالجة هذه المسألة الحساسة والدقيقة وغيرها من القضايا المصيرية والإستمرار في الفشل والعجز والإنهيارعلى كافة المستويات، يبقى المواطن الخاسر الأكبر والذي بات يعاني الأمرين وسط أزمات خانقة تحاصره من كل حدب وصوب ولا يجد دولة تحميه وتحمي أبسط حقوقه وكرامته بدءاً من لقمة عيشه وأمنه الغذائي.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar