“نفّخ عليها تنجلي”.. لبنان سادس الدول الأكثر تدخيناً


أخبار بارزة, خاص 11 شباط, 2023

الأزمات التي مرّت على اللبنانيين منذ 2019 وحتى اليوم، زادت معها أعداد المدخنين فهي “فشة الخلق” الوحيدة التي تنسيهم همومهم وتخفّف عنهم ولو القليل..


كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان”:

احتلّ لبنان المركز السادس عالمياً على لائحة الدول العشر الأكثر تدخيناً في العالم بنسبة 42.6 % وفق الإحصاءات الجديدة التي نشرتها مؤسسة وورلد بوبيولايشن ريفيو World Population Review للعام 2023 حول أعداد المدخّنين في مختلف أنحاء العالم .

وأتى لبنان بعد كل من ناورو وكيريباتي وتوفالو وميانمار وتشيلي، الدول التي أتت في المراكز الخمسة الأولى على التوالي. كما نشرت المؤسسة النسبة حسب الجنس أيضاً، فمثلاً، عدد المدخنين من الذكور في لبنان هو 49.4%، ومن الإناث 35.9%.

هذا الارتفاع الكبير في أعداد المدخنين يترافق مع مخاطر صحية ونفسية وعقلية على المدخنين، ويمتدّ تأثيرها إلى بيوتهم والمحيطين بهم على السواء، هذا في النتائج أما الأسباب فهي متنوعة، وتعلق الدكتورة في علم النفس العيادي إيمان رزق في حديث لـ “هنا لبنان”: “هذا الارتفاع يأتي نتيجة المصائب الكثيرة التي حلت باللبنانيين منذ انطلاق ثورة تشرين 2019 وحتى اليوم، وقد رأينا كيف تعاملت الدولة والأجهزة الأمنية مع التحركات الشعبية بعد التدهور الاقتصادي والمالي والمعيشي”، لافتة إلى أن من كان يدخن بضع سجائر يومياً بات يدخن علبة، ومن كان يدخن علبة بات يدخن علبتين، وحتى من كان لا يدخّن قد نجده اليوم في عداد المدخنين، مؤكدة أنّ كمّ الأزمات شكل الدافع الاساسي وراء ازدياد تعلق اللبنانيين بالسيجارة، فمعظم المدخنين يجدون فيها “فشة خلق” ظنّاً منهم أنّها تحل لهم مشاكلهم أو أنها تساعدهم في حلها.

ووفق أحدث الدراسات الطبية فالسيجارة الواحدة تحتوي على نحو 350 مادة خطرة، وحوالي 70 مادة مصنفة كمواد مسرطنة لدى البشر. مواد كفيلة بإلحاق الضرر بجميع أجهزة الجسم، وبالتسبب بالعديد من الأمراض، مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الجهاز التنفسي، كما تؤدي إلى وفاة ثلث إلى نصف المدخنين وتقصر حياة الإنسان 10 أعوام تقريباً.

أما في ما يتعلق بالناحية النفسية تفسر رزق العلاقة الوطيدة ما بين الفطام (طريقة الفطام عند الطفل الصغير) وعادة التدخين، بحسب المدرسة التحليلية الفرويدية التي وضعت معادلة تفيد بأنه كلما كان الفطام سريعاً وقاسياً، من دون تحضير الطفل الصغير، زادت نسبة التعلق بالتدخين أو بـ “اللذة الفموية”، عازية أسباب هذا التعلق إلى الحشرية حيال التعرف على ماهية التدخين، واعتبار المراهق أنّ التدخين يشعره أنه يشغل مكانة أرفع اجتماعياً، إضافة إلى القلق الذي قد ينتابه في أموره الفردية والاجتماعية والعائلية فضلاً عن أنه يعتبره وسيلة لتقليد الأهل والأصدقاء في الصف أو المدرسة. ولاحقاً عندما يفترق عن أهله ويجد نفسه مضطراً إلى الاعتماد على النفس كي يؤمّن لقمة عيشه، أو عندما يجد نفسه أمام مسؤولية تأمين مدخول لعائلته من عمر صغير بسبب وفاة الأب أو الأم (في حال كانت هي معيلة العائلة)، هنا لا يجد سهولة في التأقلم مع الواقع الجديد فيتعلق بالتدخين الذي يرافقه مدى الحياة.

ويبدو أن ولع اللبنانيين بالسيجارة أخرجهم من دائرة المدخنين العاديين وحوّل الكثير منهم إلى مدمنين، وهنا توضح رزق: “بدل أن يحاول اللبناني إيجاد حل لمشكلته الاقتصادية والمالية، فإنه يقع في مشكلة ثانية غير مبال بمخاطر الإدمان الكثيرة على المستوى النفسي والعقلي والجسدي والتي تحتاج للعلاج طبعاً.

ختاماً، من المعروف أن المدخن لا يضر نفسه وحسب بل أيضا 70 % من البيئة المحيطة به بما فيها أفراد عائلته، أقاربه، أصدقاؤه، وحتى أناس لا تربطه بهم أي علاقة كما يحصل في بعض المطاعم والمقاهي التي لا تعتمد أماكن مخصصة للمدخنين فيها، الذين يكونون ضحية التدخين السلبي.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar