إيجارات السكن بـ “الدولار الفريش”.. العاصمة بيروت تخلو من أبنائها

أخبار بارزة, خاص 24 شباط, 2023

أبناء بيروت هجروها، فبدلات الإيجار فيها تفوق رواتبهم بأشواط.. ومن بقي فيها، في نزاع دائم مع المالكين الذين ما عاد يرضيهم سوى “الفريش دولار”..


كتبت هانية رمضان لـ “هنا لبنان”:

ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية لم يساهم في التخفيف من حدة أزمة إيجارات السكن كما كان متوقّعاً، بل زاد الوضع سوءاً. فهشام يسعى جاهداً للبحث عن شقة بدل تلك التي يقطن فيها حالياً، وذلك بعدما فشلت محاولاته في إقناع صاحب الشقة بإبقاء بدل الإيجار على ٣٥٠$ حيث طالبه الأخير برفعه قبل انتهاء العقد.

لطالما كانت العاصمة بيروت تعاني من ارتفاع كلفة الإيجارات حيث كانت تتراوح بين الـ ٤٠٠$ والـ ٥٠٠$ في المناطق القريبة من الأحياء الشعبية، وترتفع كلما اقتربنا من المناطق “المرتبة” لتصبح بين الـ ٧٠٠$ او الـ ١٠٠٠$، ما دفع “البيارتة” للتخلّي عن مدينتهم فتركوا بيروت ومنهم من استأجر خارجها أو حتى اشترى منزلاً.

ولكن ومنذ سنتين تقريباً، عاد أهالي بيروت إلى مدينتهم فاستأجروا فيها وأجّروا منازلهم التي يملكونها خارج بيروت.

ولكن مع ازدياد هذه الظاهرة مؤخّراً، بدأ طمع المالكين يظهر أكثر فأكثر وبدأت محاولات لطرد المستأجرين وذلك من خلال زيادة بدل الإيجارات شيئاً فشيئاً، حتى بات المستأجر الذي دخل شقته بـ ١٠٠$ يخرج منها بـ ٤٠٠$!

ومن هؤلاء من قرّر العودة إلى منزله خارج العاصمة، ومنهم من قرّر الصمود حتى يصبح بدل الإيجار خارجاً عن قدرته تماماً، والبعض فكر في مشاركة السكن مع الأهل ودفع الإيجار “النص بالنص”.

وهذه الحال لم تعجب بعض المالكين بحجة أنّه لم يعطِ الإذن المسبق بذلك، ما دفعهم للشروع في البحث عن أي بند في قانون الإيجارات يمكّنهم من إفراغ منازلهم من مستأجريها.

وسيم ذو الخمسة وثلاثين عاماً والّذي رُزق بمولود مؤخراً، قرّر أن يبحث عن مسكن في بيروت لأن دوام عمله ينتهي في وقت متأخر من الليل ولا يستطيع ترك زوجته وابنه الرضيع وحدهما في منزله الكائن في منطقة برجا، وبعد بحث طويل لم يجد فيه بدل إيجار يُلائم مدخوله الشهري قرّر السكن مع والدته التي تقطن وحدها في منطقة البسطة ولكن المشاكل لحقته منذ أن خطا عتبة المنزل.

يقول وسيم لـ “هنا لبنان”: واجهت العديد من المشاكل مع صاحب الشقة لأنّه خيّرنا بين رفع كلفة الإيجار أو إخلاء المنزل لأنّه لم يكن على علم مسبق بهوية المستأجرين ولأنّه ليس هناك اتّفاق مسبق يسمح بمشاركة الشقة مع مستأجرين جدد”.

وفي هذا السياق تشرح المحامية دانا حمدان في اتصال مع “هنا لبنان” أنّ عقد الايجار يقوم على الاعتبار الشخصي لأن المؤجّر يهمّه أن يعلم من هو المستأجر، لذلك أصبحت العقود عادةً تُضمّن بنداً يشرح ما يسمح للمستأجر القيام به أثناء سكنه، بمعنى تضمين العقد نص التنازل الكلي عن الإيجار أو الإيجار من الباطن بما يعني أن تكون علاقة المالك مستمرة بالمستأجر الذي يستطيع التأجير لشخص آخر.

و تؤكد حمدان أنّه “بحسب القانون اللبناني يستطيع الفرقاء تضمين العقد ما يريدونه، أما في حال لم يذكر أيّ بند واضح في العقد فيستطيع المستأجر فعل ما يريد طالما أن لا شيء في القانون يمنعه”.

وبالعودة إلى النص القانوني أشارت حمدان إلى أنّ القانون لا يمنع ذلك إلّا إذا ما تضمن العقد بنداً يمنع قيام المستأجر بهذا التنازل الكلي أو الجزئي، أمّا إذا قرّر المالك مقاضاة المستأجر فلا يحق له ذلك في ظل عدم وجود نص يمنع ذلك.

ولدى سؤالها عن أبرز القضايا المتعلقة بعقود الإيجار أجابت حمدان: “مؤخّرًا انتشرت الدعاوى المتعلقة بكلفة الإيجار خاصة التي كانت تحتسب بالليرة اللبنانية، وبطبيعة الحال فإنّ المؤجّر لم يعد يقبل الدفع سوى بالفريش دولار، أو أنّ العقود مسجلة بالدولار والمستأجر يريد الدفع باللبناني على الـ 1500 ليرة لبنانية وهذا الأمر لا يرضي المؤجر، وهذه هي أكثر النزاعات الموجودة والمتعلقة بسعر الصرف”.

أزمة الإيجارات في بيروت ليست وليدة الساعة، بل إنها متأرجحة مع تبدل الأوضاع والأحوال، وخطر تهجير البيروتي من عاصمته سيبقى قائماً لطالما أنّ كلفة السكن فيها تفوق راتبه بأشواط!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar