“باخد حقي بإيدي”.. القضاء مشلول والتعويضات فقدت قيمتها و”الموقوفون” ضحية!


أخبار بارزة, خاص 17 آذار, 2023

لا حلّ قريب لأزمة القضاء في لبنان، فطالما أنّ الحلول السياسيّة غير متوفّرة، والحلول الاقتصاديّة معدومة، لا يمكن حلّ أزمة القضاء..


كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان”:

لم يسلم قطاع في لبنان من الأزمة الاقتصادية التي ضربت هذا البلد، فحتّى القضاء ويد العدالة كان لها نصيبها من هذا الانهيار “الهستيري”، وهنا لا نتحدث عن إضراب القضاة، وإنّما عن الدعاوى القضائية المكدّسة في دهاليز قصور العدل، وخاصّة دعاوى التعويضات والعطل والضرر وما إلى ذلك، والتي كانت تطرح في نصّها رقماً بالليرة اللبنانية.

أصحاب هذه الدعاوى، والذين كانوا ينتظرون البتّ فيها، لنيل المبلغ الذي يعوّض خسائرهم أو يعيد بعضاً من حقّهم، يطرحون اليوم أسئلة عن مصير “قيمتها”، فالـ100 مليون قبل ثورة 17 تشرين كان تعادل الـ75 ألف دولار، فيما هي اليوم لا تساوي حتى ألف دولار!

في هذا السياق يوضح المحامي محمد فياض لـ “هنا لبنان” أنّ “الدعاوى التي كانت مقدّمة بالليرة اللبنانيّة قبل أزمة لبنان الاقتصاديّة، لا يمكن التعديل عليها مهما ارتفع سعر الصرف، فموضوع الدعوة هو بالأساس بالليرة”.

ويشرح فياض المأزق، قائلاً: “مهما كانت قيمة الدعوة بالليرة اللبنانيّة 100 مليون أو مائتي مليون أو أكثر، فإنّ معظم أصحاب الدعاوى اليوم تخلّوا عن قضاياهم، وتوقّفوا عن القيام بمراجعات دوريّة، وذلك لأسباب عدّة منها تكاليف النقل وأسعار الطوابع، وأتعاب المحامي وغيرها..”

أما في ما يتعلّق بدعاوى الحجز، فيوضح فياض أنّ “المُدّعى عليهم بادروا بمعظمهم إلى دفع مبالغ الحجز الاحتياطي التي كانت مقامة عليهم، فمع انهيار الليرة باتت مبالغ فك الحجز بلا قيمة. وبالتالي فإنّ الدعاوى بالليرة اللبنانيّة تفقد قيمتها يوماً بعد يوم مع الارتفاع الجنوني في سعر الصرف”.

إلى ذلك، كشف فياض أنّ “العديد من المحامين قد تخلّوا عن دعاوى كثيرة مقامة بالليرة اللبنانيّة، إذ لا مصلحة ماديّة لهم بالاستمرار بهذه الدعاوى فأتعاب المحامي اليوم أصبحت تتخطّى بأضعاف قيمة الدعوى بالليرة اللبنانيّة، وفي حال أصرّ الموكّل على الاستمرار، ففي حينها يعطي المحامي تصريحاً بأنّ لا مانع لديه بتوكيل محامٍ آخر”.

وقال فياض: “بعض الأشخاص يتأمّلون بأن يصدر مجلس النواب تشريعاً للتعويض عن فقدان قيمة دعواتهم، لكن هذا الأمر مجرّد وهم وهو مخالف للقانون”.

أما في ما يتعلّق بإضراب القضاة، فيشرح فياض أنّ القضاة هم اليوم في اعتكاف جزئي غير معلن، معلّقاً: “أيّ موظّف في القطاع الخاص هو اليوم يتقاضى أجراً يتخطّى أجر القاضي، وهذا الواقع انعكس سلباً على عمل القضاة ما يعيق عمل المحاكم ويؤخّر سير المرافعات والبتّ فيها”.

ويحذّر فياض من أنّ الإضراب قد يفتح باب الرشاوى عند بعض الموظفين، لقاء تمرير بعض الملفات، موضحاً أيضاً أنّ “إضراب المحامين، يضع الموقوفين في أزمة، فالجنح التي كانت تحتاج لشهر وشهرين، أصبح اليوم الموقوف بها يمضي ما يقارب الـ6 أشهر في السجن بسبب تأجيل الجلسات، وعدم إجراء المحاكمات”.

ومع أنّه في بعض الأحيان يتمّ إخلاء سبيل الموقوف رغم إضراب القضاة، غير أنّ المشكلة – وفق فياض – هي في الكفالات التي باتت مرفعة جداً وبالتالي يعجز المواطن العادي عن دفعها.

ويلفت فياض إلى أنّه “من حقّ الموقوف، رفع دعوة على مسؤولية الدولة عن أعمال القضاء للمطالبة بحقه، لكن للأسف في لبنان هذه الدعوة غير فعّالة”.

وفي الختام أكّد فياض أنّ “لا حلّ قريب لأزمة القضاء في لبنان، فطالما أنّ الحلول السياسيّة غير متوفّرة، والحلول الاقتصاديّة معدومة، لا يمكن حلّ أزمة القضاء. وبالتالي نحن اليوم أمام أزمة كبيرة، وأمام شلل في عمل القضاة، وانعدام ثقة المواطن بهذه السلطة، ما يعني أننا سنقبل على تفلّت أمنيّ كبير وستكثر مقولة “باخد حقي بإيدي”…

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar