وداعاً “ليبان بوست”: ملايين الدولارات ستستفيد منها خزينة الدولة


أخبار بارزة, خاص 31 آذار, 2023

مناقصة قطاع البريد إنجاز قد يعيد للدولة فرصة استثمار أحد مرافقها الحيوية، الذي من شأنه تأمين إيرادات سنوية تقدّر بملايين الدولارات، حرمت منها لسنوات.


كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان”:

أكثر من اثنين وعشرين عاماً، استمر احتكار “ليبان بوست” لقطاع البريد في لبنان، ووافقت الحكومات المتعاقبة على التمديد للشركة ثماني مرات، رغم كل المخالفات والهدر التي بات يدركها كل لبناني، وفندتها لجنة الاتصالات النيابية وديوان المحاسبة.

ورغم كل شبهات الفساد، بقي القضاء منكفئاً عن التحرك، وأقصى ما حصل كان إخبار تقدم به رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم طلب فيه فتح تحقيق شامل ومُوَسّع بشأن عمل شركة بريد لبنان وكشف ما إذا كان هناك أي إرتكابات، مُخالفات أو تَجاوزات ارتُكبت من قبلِها أو من قبل مالكيها أو القيّمين عليها، وفي حال الإيجاب إجراء المُقتضى القانوني.

ورغم حصول “ليبان بوست” على براءة ذمة من مجلس الوزراء، إلا أنّها قررت عدم التقدم للمناقصة التي رست الخميس بعد فض العرض الوحيد واستناداً إلى قانون الشراء العام، على الائتلاف ما بين شركة ميريت انفست و Colis Privé France المملوكة من مجموعة CMA CGM بعدما قدمت المستندات اللازمة وفقاً للأصول.

وزير الاتصالات جوني القرم أوضح لموقع “هنا لبنان” أنّ حصة الدولة ستكون ١٥.٥٠ بالمئة لأول سنة، علماً بأن نقطة الانطلاق بالمزايدة كانت ١٠ بالمئة مشيراً إلى أن شركة “ليبان بوست” كانت تدفع 5% على البريد الداخلي وليس على كل الخدمات، رغم أنّ أكثرية عملها كانت خدمات غير بريدية تم استحداثها بعد الاتفاق مثل خدمات -e commerce أو إخراجات القيد والباسبورات وغيرها.

ولفت القرم إلى أن “الوزراة التزمت بكل ما ورد في التقرير الذي أنجزه ديوان المحاسبة والذي خلص إلى ضرورة إعادة تلزيم القطاع بشروط جديدة تأخذ في الاعتبار سلّة ملاحظات، أبرزها: رفع النسبة المئوية على الإيرادات السنوية، شمول هذه الحصة كافة الخدمات، إعادة النظر ببدلات الإيجار والمصاريف التشغيلية. ويفصّل القرم الإتفاق بأن نقطة الانطلاق لأول عام هي 10% كما ورد في شروط المناقصة إلا أنّ الشركة قدمت 15,5% أول سنة وكل عام تزيد 5% على أربع سنوات وعن كل الخدمات. كما أنّ الدفع سيكون مسبقاً أي أنّ الوزراة لن تنتظر نهاية العام للحصول على حصتها، على أن تقوم في آخر العام بـ “مقصة” لاحتساب نسبة الأرباح من حجم الخدمات التي قامت الشركة بها”.

وعن تاريخ استلام الشركة الجديدة عملها، أوضح القرم أنّ “أبعد حد يجب أن يكون نهاية شهر أيار، استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الأخير بالتجديد لليبان بوست حتى نهاية شهر أيار أو لحين إجراء المزايدة. وعليه، دخلنا مرحلة التسلم والتسليم كاشفاً أنّ الدولة اللبنانية ستقوم بإعادة النظر بقيمة الإيجارات للمباني التي تستخدمها ليبان بوست”.

ويذكر القرم أنّ “الوزارة كانت أمام ثلاثة خيارات لتشغيل قطاع البريد إما أن تستلم وزارة البريد القطاع وتقوم بتأمين التوظيفات اللازمة بالتعاون مع مجلس الخدمة المدنية وكان ذلك صعباً قبل 31 أيار، أو الذهاب إلى تأسيس شركة sal تحصل على موافقة من مجلس الوزراء لإدارة القطاع كما يحصل مع ألفا وتاتش، أو إجراء مناقصة لتأمين شركة مشغّلة للقطاع وهو ما حصل.

وعن التوقعات بما يمكن أن تؤمن هذه المناقصة إيرادات للخزينة يقول القرم “إنّه وجه السؤال للقيمين على “ليبان بوست ” فأجابوا أنّ الدراسة المقبولة تشير إلى أنّ الأرباح السنوية تصل إلى حدود حوالي 50 مليون دولار”. مع الإشارة إلى أنّ التقارير تشير إلى أن ليبان بوست لم تدرّ إلا إيرادات خجولة للخزينة، بل كانت خزينة الدولة في خدمة الشركة المشغّلة. ويقول تقرير لديوان المحاسبة صدر بتاريخ 8/6/2021، إنه بين عام 1999 لغاية 2019، أي خلال 20 عاماً، حصلت الدولة على إيرادات من شركة ليبان بوست بقيمة 1.5 مليار ليرة، مقارنة مع 7.8 مليار ليرة، أو ما يعادل 5.5 مليون دولار، إيرادات للخزينة عام 1997 وحده، حين كانت الدولة تدير هذا القطاع.

مدير هيئة الشراء العام جان العلية يشرح لموقع “هنا لبنان” أنّ “الفقرة الرابعة من المادة 25 من قانون الشراء العام تشير إلى شروط في القانون يفترض أن تتوافر لفوز شركة وحيدة شاركت في المناقصة: أولاً أنّ تكون الحاجة ملحة “besoins urgents ” وثانياً أن لا يكون العرض الوحيد هو نتيجة نص حصري في دفتر الشروط كما كان يحصل في مناقصات البواخر حيث كانت وزارة الطاقة تضع شروطاً لا تنطبق إلا على شركة واحدة. بمعنى آخر أن تنطبق الشروط على العديد من الشركات ولكن لم تتقدم إلا شركة وحدة وثالثاً: أن يكون السعر المقدم من هذه الشركة مناسباً للدولة مقارنة مع السعر الذي وضعته بسعر تقديري”.

ويشير العلية إلى أنّ “المناقصة ستخضع للتدقيق اللاحق، إذ أنّ دور الهيئة في قانون الشراء العام يختلف عن دورها في إدارة المناقصات، وهو دور إشرافي رقابي، وبحال وجود مخالفة للقانون، يتم وقف العمل بالمناقصة وإرسال تقرير إلى القضاء والهيئات الرقابية. كما أنّه لا يمكن المضي بالعقد إلا بعد مرور 10 أيام عمل، يمكن خلالها للشركات المعترضة الذهاب الى القضاء، الذي يعود إليه في حال وجود أي مخالفة أن يجمد العقد”.

صفحة ليبان بوست طويت إلى غير رجعة، إلا أنّ القضاء والهيئات الرقابية مطالبون بالقيام بالدور المطلوب منهم ومحاسبة كل المتورطين بالهدر والفساد.

مناقصة قطاع البريد إنجاز قد يعيد للدولة فرصة استثمار أحد مرافقها الحيوية، الذي من شأنه تأمين إيرادات سنوية تقدّر بملايين الدولارات، حرمت منها لسنوات.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us