ضحايا بكين


أخبار بارزة, خاص 8 نيسان, 2023

يُسَجَّل للإتفاق أنه عرّى كذبة المتفاخرين بأن لبنان هو “البلد العربي الوحيد الذي يمارس شعبه حقه في الانتخاب”، وأنه الوحيد بين دول العرب الذي يعرف الديموقراطية، على كل المستويات، متجاهلين البازار الذي يواكب أي انتخاب، رئاسي أو نيابي، بلدي أو إختياري، وعلى أي مستوى، حتى لجان مالكي الشقق المفرزة.

كتب راشد فايد لـ “هنا لبنان”:

أسقط “اتفاق بكين” السعودي – الإيراني “التكاذب الوطني” في ادعاء رفض تدخل الخارج في عملية انتخاب رئيس للجمهورية، يستوي في ذلك معسكرا حزب السلاح وخصومه، وكل ما قيل، وما سيقال، في لبننة الإستحقاق ليس صحيحاً لا جملة ولا تفصيلاً، وإلّا لماذا يتدفق الموفدون من عرب وعجم، على لبنان، ويُيمّم المسترئسون شطر الشرق والغرب، لتقديم سيرهم الذاتية، وما يزعمونه خططهم لإخراج البلاد من شبكة عنكبوت الأزمات، فيما يبددون الوقت في الشروط المتقابلة، أو يخترعون الكمائن لتعقيد الوصول إلى إنهاء فراغ مقعد الرئاسة.

كذلك يسجل للإتفاق أنه عرّى كذبة المتفاخرين بأن لبنان هو “البلد العربي الوحيد الذي يمارس شعبه حقه في الانتخاب”، وأنه الوحيد بين دول العرب الذي يعرف الديموقراطية، على كل المستويات، متجاهلين البازار الذي يواكب أي انتخاب، رئاسي أو نيابي، بلدي أو إختياري، وعلى أي مستوى، حتى لجان مالكي الشقق المفرزة. فالكذبة المسماة الديموقراطية على الطريقة اللبنانية هي فن لبناني في مسخ الدستور، وتأويله على ما يشتهي الأقوى، والأكثر تجرؤاً على سلطة الدولة. وما الجلسات “الكسيحة” لانتخاب رئيس منذ نحو 200 يوم، إلّا صورة فجة للتواطؤ ضد انتظام الحياة العامة، وبدل تحويل نقاشات السياسيين إلى استشراف المستقبل، واحتياجات الإصلاح المجتمعي، والخلاص من الفساد، نراهم يبرعون في الأكاذيب والترويج لارتهاناتهم، باكتشافهم، فجأة، أن “هذا العالم تحكمه المصالح لا القيم والمبادئ، والثوابـت”، ويستنتجون تالياً أن ترشيح شخصية ذات خلفية إقتصادية لرئاسة الجمهورية سيؤدي إلى تفاهم صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، لمصلحة “التعليمات والتوجيهات والسياسات التي رسمها النافذون الإستكباريون للعالم من خلال هذه المؤسسات الإقتصادية الدولية”.

ربما صاحب هذا التحليل الإقتصادي، وهو النائب محمد رعد، على حق، لكنه يتجاهل أنّ لبنان لم يكن في أسفل السافلين، اقتصاداً ومالية، لولا تنكيلات حزبه، وشريكه، ببنى الدولة، وتسفيه القوانين، ووضع اليد على المؤسسات العامة والخاصة المنتجة، وتقديم الجاهلين قبل الأكفاء، وتحويلها إلى ما يشبه تكايا السطان زمن العثمانيين.

كلام نائب “كتلة الوفاء للمقاومة” نشر قبل أيام، واستقاه صاحبه من خطب وتصريحات أدلى بها قبيل الإنتخابات النيابية في أيّار/ حزيران عام2022 ، داعياً إلى “الكفّ عن تعطيل المشاريع وعرقلة تنفيذها”، ورأى في تأمين الكهرباء أوّل الأولويات. لكن لا المشاريع تبلورت، ولا الكهرباء أنارت كل البلاد، كل الوقت. وعلى العكس، زاد انتشار مولدات الكهرباء، وستكتسب حقوقاً على الدولة لن تقصر البيئة الحاضنة الشهيرة في قيادتها وحمايتها، كما كان حال مستشفى الحريري والتعويضات المالية لمن “عُمّدوا”، بقوة الأمر الواقع مهجرين، وهي حال تكررت في وادي أبو جميل، ووسط بيروت.

اليوم، وتبعاً للتفاؤل ببيان بكين، والإتفاقات التفصيلية عقبه، سيكون السؤال اللبناني الأول، كيف سينصاع الحزب للمستجدات داخياً، بعد البيان اليمني المشترك، وهل ستظل عضلاته معلقة على شاشة الشرق الأوسط، أم يترجم اتفاق قواعد الإشتباك مع العدو الإسرائيلي إلى العربية ويفهمه الجميع، ويُعرف ما لم يُعرف من الترسيم البحري، على الأقل لفهم حقيقة القصف من الجنوب اللبناني، نهاية هذا الأسبوع، ولماذا استهدفت مناطق سقوط النيران دون غيرها، وكاد الرد عليها أن يكون ورود محبة وبرداً وسلاماً. فلا نتنياهو يريد الحرب، ولا أمين عام الحزب، وفوقه إيران.

هل نعيش سلماً بغلاف حرب، أم حرباً بقشرة سلم؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar