مذاق الأطعمة تغيّر: الجودة والنوعيّة تتراجع وتخوّف من ارتفاع حالات التسمم


أخبار بارزة, خاص 14 نيسان, 2023

البحث عن “الأرخص” أدى إلى تراجع جودة الطعام الجاهز مع ارتفاع ثمنه، فبات اللبناني يفضّل أكل البيت المعروف المصدر والمكوّنات على “الديليفري”


كتبت باولا عطية لـ “هنا لبنان”:

“مذاق اللقمة تغيّر، كانت أطيب قبل”، بهذه العبارة يصف معظم اللبنانيين الأطعمة والحلويات والسندويتشات التي اعتادوا تناولها قبل الأزمة وما عادوا يجدون فيها نفس اللذة اليوم، حيث اختلف مذاقها وحتى حجمها. فلم تعد تلبّي شهيّة اللبناني المعروف بحبّه للطعام.

الجودة انخفضت والمذاق تغيّر

وفي هذا الإطار يرفع العديد من المواطنين شكواهم إلى موقع “هنا لبنان”، فيقول سامر، (38 عاما، مهندس اتصالات)، “اعتدنا في السابق على قصد المقاهي القريبة من مكاتب عملنا في ساعة “البريك”، أو طلب ترويقة “ديليفري” في ساعات الصباح الباكرة، إلا أننا أصبحنا نقلّص هذه المصاريف، ونكتفي بحواضر المنزل أو الطبخات، ليس فقط بسبب الأسعار المرتفعة للطعام الجاهز إنما أيضاً بسبب الجودة التي انخفضت. حيث لاحظنا مثلاً أنّ بعض محلات الحلويات استبدلت نوع الجبنة التي كانت تستخدمها في “الكنافة” بنوع آخر، ربما أرخص، ما أثّر على مذاقها. حتى أنّ ساندويش الطاووق اختلف، فالدجاج غالباً ما يكون فاسداً، ربما بسبب أزمة الكهرباء وارتفاع تعرفة المولدات التي تجبر أصحاب هذه المؤسسات على تخفيض استهلاكها للكهرباء وبالتالي إطفاء البرّادات. وهذا الأمر ينعكس أيضاً على المايونيز الذي قد يعطي أحياناً طعماً حامضاً، أو يختلف مذاقه، لكون المطعم أصبح يستخدم نوعاً آخر أرخص، من المايونيز أو حتى الكاتشاب. وبعد سماعنا لأكثر من حالة تسمم بين أصدقائنا وأقاربنا، وبعد أن وقعنا بأنفسنا في فخّ التسمم من الأكل توقّفنا عن طلب الديليفري، خصوصاً من المطاعم الجديدة، والتي لم نجرّبها مسبقاً”.

ويلفت سامر إلى أنّ “كميّة الدجاج أو اللحم التي أصبحت توضع في الساندويشات أقلّ بكثير من الكميّة السابقة، حيث كان ساندويش اللحمة مكوّن من شيشين لحمة، أمّا اليوم “فشيش إلّا”، وحتى ساندويش الدجاج كان يتضمّن 3 حبّات دجاج كريسبي فيما اليوم حبّة واحدة مقطّعة إلى قسمين، وحتى البطاطا والكبيس أو الخضار قلّ عددها في الساندويشات. هذا ومعظم الساندويشات أصبحت تلفّ بقبعة واحدة أو قبعة ونصف من رغيف الخبز، فيما كانت قبل تلفّ برغيف كامل. أمّا علب البطاطا فتقلّصت أحجامها، فيما أصبحت بعض المطاعم تقدّم البطاطس في “ورقة لفّ” بدل علبة الكرتون. وإذا ما طلبنا ديليفري إلى المنزل فأصبح الطعام يقدّم دون شوك أو سكاكين بلاستيك، وحتى من دون ظرف مايونيز أو كاتشاب التي أصبحت تشرّج extra على الزبون في حال تأكيده الحصول على علب كاتشاب. فأحد المطاعم يبيع العلبة بـ10 آلاف ليرة أو حتى 15 ألف ليرة فيما يصل ثمن علبة الصلصة إلى الـ20 والـ 25 ألف ليرة في بعض المطاعم”.

الأسعار بالدولار رخيصة وبالليرة “نار”

ومن جهتها تستغرب لارا، (27 عاماً، موظّفة مبيعات) في حديثها لموقع “هنا لبنان”، من “الأسعار التي انخفضت قيمتها مقابل الدولار بعد الأزمة، فيما كانت أيّام الـ1500 مرتفعة نسبياً”، متسائلة عن “حجم الارباح التي كان يحققها أصحاب المطاعم قبل الأزمة على حساب المواطنين. فساندويش الطاووق كان يسعّر سابقا بـ5$ ويصل إلى 10$ في بعض المطاعم، أمّا بعد الأزمة فأصبح ساندويش الطاووق بـ2$ أو 3$. أمّا ساندويش الشاورما لحمة فكان بـ5$ أمّا اليوم بـ 4$. فيما البيتزا كانت تباع بـ20 و30$ وتصل إلى الـ100$ تلك التي تطعم عدداً كبيراً من الناس. أمّا اليوم فأكبر بيتزا تصل إلى منزلك بـ15$، والمسبحة تكرّ”.

إلا أنّ لارا، تنتقد الأسعار الحاليّة، “والتي وإن بدت رخيصة بالدولار، فقيمتها بالليرة اللبنانيّة مرتفعة جداً. حيث يبدأ سعر أبسط ساندويش بالليرة اللبنانية، من 350 ألف ليرة، أمّا أرخص بيتزا فتبدأ من 700 ألف ليرة . وهو ما جعلنا نقلّص طلبات الديليفري، من مرتين في الأسبوع إلى مرّة في الشهر تقريباً، لكوننا ما زلنا نتقاضى رواتبنا بالليرة اللبنانيّة”.

كلّ شيء تمّ استبداله

إلى ذلك، تواصل موقع “هنا لبنان” مع صاحب أحد محلات السناك في منطقة بيروت للاستفسار عن حقيقة استبدال بعض أصحاب المحلات المكوّنات بأخرى أرخص، ليأتي الجواب بأنّ “كل شيء تمّ استبداله حتى الخبز، فاستبدل خبز البرغر بنوع آخر أرخص، كما تمّ حذف بعض الساندويشات من قائمة الطعام بسبب كلفتها العالية، ومعظمها ساندويشات بلحمة، كساندويش لحمة الستيك، والمقانق، والسجق، ولحمة الغنم، إلخ.. وهي بالأساس غير مطلوبة كثيراً، وأبقينا فقط على “الهامبرغر”، الأكثر طلباً، وإلّا كنّا سنضطرّ إلى تسعير الساندويش بـ7$ على الأقلّ، هذا ومعظم الساندويشات التي لا تملك طلباً عالياً، قد تسبب خسارة كبيرة على صاحب المطعم، ففي حال عدم بيع كميّة اللحمة التي اشتراها سيضطر إلى إبقائها في البرّاد ما قد يفسدها وبالتالي يكون صاحب المحلّ قد تكبّد “مصاريفاً على الفاضي!”

وتابع “استبدلنا الكراب بالساندويشات والسلطات بنوع آخر أرخص، كذلك الصلصات كالمايونيز، والكاتشاب، والخردل تم استبدالها بأنواع رخيصة، كذلك الكريم فريش استبدلناها بنوع آخر أرخص، ما أثّر على طعم الساندويش للأسف، بشكل كبير بحسب آراء معظم زبائننا. وحتى المشروبات الغازيّة تغيّرت، فأصبحنا نبيعها في الزجاجة البلاستيك وليس التنك لأنّ كلفتها أرخص وأيضا المياه المعدنية والعصائر”.

وعن الأكلاف التشغيليّة للمحلّ قال “كنّا نستعين أوّلاً بثلاثة موظّفين غيري أنا وزوجتي، واحد للطبخ، وآخر للتنظيف والثالث للديليفري، أمّا اليوم فقد استغنينا عنهم، وتعاملنا مع شركات ديليفري لتوفير أجرة عامل. كما أننا أصبحنا نقتصد باستخدام الطاقة، فنطفئ البرّاد كلّما أردنا تدوير الفرن. كما أننا نعاني من مشكلة إرتفاع الإيجار والتي أثّرت على أرباحنا بشكل كبير. هذا ولم نعد نعتمد لوغو المحلّ على غلاف الساندويتشات أو أكياسها، فأصبحنا نستخدم أكياس نيلون أو ورق عاديّة. إذ لا يمكننا رفع أسعارنا بعد، لأنّ ذلك سيخسرنا الكثير من الزبائن فالأزمة صعبة على الجميع. فيما ربحنا لا يتعدّى الـ500$ في الشهر في الوقت الذي كنّا نجني فيه 2000$ في الشهر”.

تحذير من تكرار سيناريو 2021

في الإطار نفسه تتخوّف مصادر صحيّة في حديثها لموقع “هنا لبنان” من خطورة انخفاض جودة الطعام في لبنان، محذرةً من “احتمال ارتفاع إصابات التسمم، خصوصاً وسط شكاوى لعدد كبير من المواطنين حول سوء الأطعمة التي تناولوها وتأثيرها السلبي على صحتهم، حيث ظهرت عليهم عوارض حرارة، ووجع أمعاء وإسهال، وتقيؤ، كما تمّ إدخال العديد منهم إلى المستشفى”.

واعتبرت المصادر أنّ “الحلّ الأمثل لهذه المشكلة يكون بإيجاد حلّ للأزمة الاقتصاديّة ولجم ارتفاع سعر صرف الدولار، ليتمكّن أصحاب المطاعم من شراء مواد غذائيّة جيّدة النوعيّة، كي لا نعيش سيناريو 2021 مرّة أخرى”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us