العيد في طرابلس.. “الفقر” لا يمنع للفرح سبيلاً!


أخبار بارزة, خاص 21 نيسان, 2023
طرابلس

ليل العيد في طرابلس، يسرق الساعات حتى الفجر، لا تعب، فهذا الفرح يستحق ألّا تنام المدينة، عيونها تبقى يقظة حتى الصباح، فتصدح تكبيرات المساجد بصلاة العيد التي تمتد إلى الطرقات والساحات، وبعدها تبدأ المعايدات و”العيديات”، والأطفال الذين يرقصون في الشوارع فرحاً بالثياب الجديدة، والعيديات، والحلويات.


كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان”:

لا تستسلم طرابلس. فقر، إحباط، طبقة وسطى اضمحلّت، تلاشت. ولكن رغم كل ذلك، هذه المدينة تقاوم.
طرابلس التي حملت عبء رمضان، استطاعت أن تحيي إفطاراته ولياليه، بأجواء من الفرح والمودة، فكانت الموائد على تواضعها ترتدي رداءً رمضانياً، وكانت الأسواق شهية، مشتاقة لحركة افتقدتها لسنوات.
لم يمنع الفقر هذا العام، أهالي طرابلس من قطف فرحة العيد، من الازدحام، إلى اكتظاظ المحلات، والأصوات العالية التي ملأت الشوارع والأسواق.

الليلة الأخيرة لرمضان، كانت مميزة، لم يكن في السوق مكان لوطأة قدم، فالمتسوّقون كانوا يتوافدون، من منطقة التل إلى السوق العريض. عند تجوّلك في هذه الساحات تتسللّ بين الأهالي كي تعبر، بين عيون الأطفال والأمهات والآباء.
محلات الثياب والأحذية والحلويات مكتظّة، مشهد يشبه المدينة، يتماهى معها، مع تقاليدها، والأسعار رغم دولرتها، هي بمتناول اليد بالحد الأدنى.

الأضواء تزيّن الأسواق، هناك عالم آخر، اشتاقت إليه المدينة بعد سنوات من القلق والإنهاك، والفراغ.

تدخل إحدى المحلات، تسأل عن قياس محدّد، فيخبرك البائع أنّها ليلة العيد ولا قياسات ولم يعد يتوافر إلّا عدد محدد من الموديلات، تشعر بالغبطة، فالحركة الاقتصادية باتت ضرورة وهي عجلة “فرح”، تحيط الجميع برهجة العيد.
الأسعار في هذه المحلات تبدأ من 10$ وتتصاعد، وكلما دخلت واندمجت في الأسواق الشعبية وجدت أسعاراً مناسبة، ووجوهاً فرحة، فالباعة عيونهم وابتساماتهم تتحدث، تشعر وكأنّهم يقولون بكل حركة “اشتقنا”، وكأنّ الزمن أعاد إليهم شيئاً مما افتقدوه.

تجيد طرابلس، التعامل مع العيد، الزينة، “الوداع” بطبوله ومزاهره وأناشيده الدينية، الأشخاص الذين يرتدون أزياءً محببة للأطفال كزيّ المهرج، البالونات، بسطات المأكولات الشعبية من البليلة إلى الذرة، وصولاً إلى التوت والخرنوب وذلك البائع الذي يتجوّل بالشروال والزيّ التراثي وهو ينادي على العرق سوس.

عند كل بسطة في السوق العريض والأسواق الشعبية حشد من الناس، نساء ورجال وأطفال ينتظرون دورهم، وسط الروائح الزكيّة التي تعبق بالأجواء.

إلى ذلك، لم تفقد المدينة رحمتها، فـ”بيعة ليلة العيد”، تقليد، تسمع إحدى النساء تفاصل البائع، فتطلب شراء حذاء لطفلتها ثمنه 20$ بـ15$، يسايرها صاحب المحل فيقول 18$، تتردد ربما لا تملك هذا المبلغ، نراه ينده لها ويقول لها “مبروك عليكِ”.

ليل العيد في طرابلس، يسرق الساعات حتى الفجر، لا تعب، فهذا الفرح يستحق ألّا تنام المدينة، عيونها تبقى يقظة حتى الصباح، فتصدح تكبيرات المساجد بصلاة العيد التي تمتد إلى الطرقات والساحات، وبعدها تبدأ المعايدات و”العيديات”، والأطفال الذين يرقصون في الشوارع فرحاً بالثياب الجديدة، والعيديات، والحلويات.

هو العيد، عيدٌ أنعش الفقراء ومنحهم مساحة من الضوء في ظلام اقتصادي سيّئ…

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us