تسعيرة الدولار الجمركي “الثالثة”: تمويل الزيادات من جيوب الناس


أخبار بارزة, خاص 24 نيسان, 2023

تبقى التأثيرات التي سيتركها “التعديل الثالث” لسعر صرف الدولار الجمركي مرتبطة بخطوة هي حتى اللحظة ليست في سلم أولويات الحكومة وهي العمل بجدية وبشكل موضوعي ومدروس على فتح الإدارات العامة، كي تتمكن من الجباية وفق الأصول على الدولار الجمركي الذي أقرته، وعندها قد نلاحظ استقراراً في سعر صرف الدولار، وانخفاضاً في نسبة التضخم.


كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان”:

يوماً بعد يوم، تثبت الحكومة أن ابتداعاتها بتمويل الزيادات على الرواتب من جيوب الناس أقرب ما يكون إلى صرخات الموضة التي بأغلبها لا تموت إنما تعود بين حين والآخر، بشكلٍ متجدد.

فقد خرجت الحكومة بإقرار زيادات تثقل كاهل المواطن، غير آبهة برأيه ولا بقدراته المادية على الدفع ولا بفقره المدقع بطبيعة الحال.

فبعد الاضطرابات التي شهدناها في تسعير السلع في الأسواق المحلية بالدولار، ها هي الحكومة تجري التعديل الثالث لسعر صرف الدولار الجمركي خلال ثلاثة أشهر، فقد زادت الحكومة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة بنحو 10 أمثال إلى 15 ألف ليرة نهاية العام الماضي من السعر الرسمي السابق البالغ 1507.5 ليرات، تلته زيادة في سعر صرف الدولار الجمركي من 15 ألفاً إلى 45 ألفاً ابتداءً من الأول من آذار ثم إلى 60 ألفاً يتبعه إلى منصة صيرفة أي 88 ألفاً مطلع أيار المقبل.

وكيفما “حسبناها” فإن المواطن يبقى الضحية الأولى لهذه الزيادة، والمصدر الأساسي لـ الإيرادات “، والأمثلة كثيرة على ارتفاع الكثير من الأصناف بشكل جنوني قبل وخلال شهر رمضان المبارك.

وفي هذا السياق يعلق الخبير في الاقتصاد والأسواق المالية الدكتور عماد عكوش في حديث لـ “هنا لبنان” بأنه لم يكن هناك متسع من الوقت لكي يعدّ التجار الطلبات ويجهزوها، لكي تدخل على دولار جمركي مخفض، فقد كان الوقت ضيقاً لا يتجاوز الأسبوعين، علماً أن أقل طلبية تتعلق باستيراد المواد الغذائية وتكوين مخزون خاص منها تحتاج إلى شهر كي تدخل الأراضي اللبنانية عبر مرفأ بيروت.

وبتابع بأن رفع هذا الدولار سيؤثر على أسعار هذه المواد، لكن بحسب الرسوم الجمركية المفروضة على كل سلعة. فبعض الأصناف لا تتجاوز قيمة الرسوم الجمركية عليها الـ 5 % ما يعني أن سعرها الجديد لن يتأثر بشكل كبير، فيما تتراوح قيمة الرسوم على سلع أخرى بين 10 إلى 50 %، وهنا التأثير سيكون كبيراً لأن هذه “اللعبة” تتعلق بنسبة الرسوم الجمركية المفروضة أساساً.

وحول الزيادة التي سيلتمسها المواطن على الأسعار، فإنها ستتراوح بين 2 % إلى 12 % وفقاً لنسب الرسوم المفروضة على هذه السلع. وهذه النسب قريبة مما ذكرته نقابة مستوردي المواد الغذائية برئاسة هاني بحصلي قبل أيام، إذ صرحت بأن رفع الدولار الجمركي إلى حدود 90 ألف ليرة سيرفع أسعار هذه السلع حوالي 15 في المئة. محذرة من مغبة رفع هذا الدولار إلى 60 ألف ليرة ومن ثم اعتماد سعر الدولار على منصة صيرفة اعتباراً من أول أيار، لأن هناك عدد لا بأس به من المواد الغذائية الأساسية يفرض عليه رسوم جمركية مرتفعة.

ويشرح عكوش بأنه عندما يأتي هذا القرار ضمن سلة قرارات متناسقة، ويؤدي أيضاً إلى استعادة الإدارات العامة نشاطها، يمكن القول إننا نعطي بيد ونحافظ على هذا العطاء بالنسبة لموظفي القطاع العام، لكن في حال استمرار الإضراب في القطاع العام وفشل قرارات الحكومة المتعلقة بزيادة الرواتب بإقناع الموظفين بالعودة إلى العمل، فإن عملية الجباية ستكون أقل من المتوقع ما سيؤدي إلى تراكم في العجز في الموازنة، وبالتالي إلى المزيد من التضخم والمزيد من طبع العملة، كي تتمكن الدولة من دفع الرواتب والأجور، وهنا يمكن القول أن الحكومة أعطت بيد وأخذت بالأخرى.

ولذلك تبقى التأثيرات التي سيتركها “التعديل الثالث” لسعر صرف الدولار الجمركي مرتبطة بخطوة هي حتى اللحظة ليست في سلم أولويات الحكومة وهي العمل بجدية وبشكل موضوعي ومدروس على فتح الإدارات العامة، كي تتمكن من الجباية وفق الأصول على الدولار الجمركي الذي أقرته، وعندها قد نلاحظ استقراراً في سعر صرف الدولار، وانخفاضاً في نسبة التضخم.

ويختم عكوش بأن التأثير سيكون على كل فئات الشعب اللبناني وما من فئة لن تطالها تبعات رفع الدولار الجمركي، بل ستتأثر الطبقة الغنية أكثر من الطبقة الفقيرة، نظراً لأن الأولى تستهلك الكماليات أكثر من الثانية، وتحديداً الأصناف التي عليها رسوم جمركية عالية أكثر من الطبقة الفقيرة، ما يعني أن ما ستدفعه الطبقة الغنية سيكون أكثر وأكبر مما ستدفعه الطبقة الفقيرة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us