ماذا يعني الرئيس الجامع؟


أخبار بارزة, خاص 25 نيسان, 2023

ليس التسويق لرئيس جامع مناقضاً للديمقراطيّة، فالفكرة لا تناقض المبدأ الديمقراطي الأساسي المتصل بتداول السلطة، ولا تعاكس حسن التمثيل السياسي، ولا تتعارض مع الطبيعة التوافقيّة للنظام اللبناني التي تفرضها التعدديّة والتنوّع في الصيغة اللبنانيّة.

كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:

ماذا يعني الرئيس الجامع؟ وهل لبنان فعلاً بحاجة إلى رئيس يُطلق عليه هذا الوصف؟ وهل التسويق لفكرة الرئيس الجامع مناقض لمبدأ الديمقراطيّة؟ وهل الديمقراطيّة اللبنانيّة هي ديمقراطيّة حقاً؟

ليس هناك في علم السياسة، أسوة بالرياضيّات والفيزياء والكيمياء، إجابات عمليّة حاسمة، كفيلة بأن تسقط أي جدال محتمل على ضوء ما تتضمنه من عناصر حسمها العلم وتحوّلت إلى قواعد ثابتة تتناقلها الأجيال تلو الأجيال من دون أن تتعرّض لتغييرات جوهريّة ولا حتى بسيطة.

في السياسة، الثابت الوحيد هو أنها متغيّرة باستمرار وأنها نقيض الجمود، وهو ما يتيح تالياً، إذا ما مورست من قبل نخب تتحلّى بروح المسؤوليّة الوطنيّة والأخلاقيّة، أن تكون قابلة للتكيّف بما يتطلبه تكوين النظام القائم.

وبسبب طبيعة تركيب المجتمع السياسي اللبناني وتكوينه، تنطوي هذه القاعدة على أهميّة إستثنائيّة بحيث أنها تتيح مواءمة النظام الديمقراطي، على هشاشته، مع إحتياجات مكونات المجتمع لا سيّما في مسألة حسن التمثيل والمشاركة السياسيّة التي لطالما فرضت نفسها كإشكاليّة معقدة في المجتمعات التعدديّة، بحيث تولد العنف في كل مرة كانت تتراكم الإخفاقات.

إنطلاقاً من كل ما تقدّم، وفي اللحظة السياسيّة اللبنانيّة الراهنة، لبنان يحتاج إلى رئيس جامع قادر أن يكون على مسافة واحدة من جميع الفرقاء، لا يمثّل طرفاً فيجعل الأطراف الأخرى تشعر بالغبن، كما أنه لا ينفّذ أجندة طرف، فيشعر الأطراف المقابلة بالقلق.

الرئيس الجامع الذي يحظى منذ لحظة انتخابه إلى سدّة الرئاسة الأولى بمروحة دعم واسعة سوف تترجم نفسها دعماً له في برنامجه الإصلاحي في سنوات عهده. هذا الرئيس قادر على توفير الطمأنينة لجميع الفرقاء دون أن يكون مرتهناً لأي منها، ودون أن يكون كيديّاً في سلوكياته ضد أي منها أيضاً.

يحتاج لبنان إلى هذا النوع من الرؤساء بعيداً عن رؤساء الصخب والضجيج الذين عاثوا في الأرض كراهية وحقداً ضد معظم مكونات المجتمع السياسي، وعندما دخلوا إلى قصر بعبدا أهدروا عهدهم في المناكفات والنكايات وغلّبوا مصالحهم الخاصة على مصلحة الوطن.

ليس الانهيار قدراً، وليس البقاء في حالة الانهيار من الأقدار أيضاً. الرئيس الجامع قادر على قيادة السفينة بالكثير من الحكمة والروية والمسؤوليّة بعيداً عن الاستفزاز وهدر الفرص، وقادر أن يعيد ربط لبنان بالمجتمع العربي والدولي بما يتيح له أن يتنفس مجدداً من تلك الرئة العربيّة التي أرهقها الدخان الأسود المنبعث من الخطابات المسمومة والحاقدة والتي أدّت إلى أن يدفع لبنان الأثمان الباهظة ولا يزال.

ليس التسويق لرئيس جامع مناقضاً للديمقراطيّة، فالفكرة لا تناقض المبدأ الديمقراطي الأساسي المتصل بتداول السلطة، ولا تعاكس حسن التمثيل السياسي، ولا تتعارض مع الطبيعة التوافقيّة للنظام اللبناني التي تفرضها التعدديّة والتنوّع في الصيغة اللبنانيّة.

فلنذهب لانتخاب الرئيس الجامع، وإلا سنبقى ندور في الحلقة المفرغة إلى ما لا نهاية!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us