أرقام مخيفة: حتى السجون لم تعد تتسع للنازحين السوريين! وزيرا الشؤون والعمل في سوريا لمتابعة العودة الآمنة


أخبار بارزة, خاص 27 نيسان, 2023
المازوت

في وقت كان اللبناني يبحث عن المازوت والحطب للتدفئة في فصل الشتاء كان السوري يسحب ثمن المازوت من البنك وبالفريش دولار، إضافة الى المبالغ المرصودة لكلّ عائلة لتأمين حاجاتها الشهرية، وفيما كان اللبناني يعاني لتأمين التعليم لأولاده، كانت المنظمات الدولية تضمن التعليم المجاني للسوريين.

كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان”:

هي ليست مسألة ترحيل سوريين مخالفين، بقدر ما هي مسألة التصدي لأكبر خطر يشهده لبنان منذ تكوينه، بوجود أكثر من مليوني و80 ألف نازح سوري على الأراضي اللبنانية، بحسب أرقام الأمن العام اللبناني، ينافسون ابن البلد على رزقه وأكله وشربه وعلمه ومستقبله.

فمسألة ترحيل العشرات من السوريين، الذين دخلوا لبنان خلسة ولا يحملون أوراقاً ثبوتية أو مسجلين كنازحين، من أصل الملايين الموجودين، كانت القشة التي قسمت ظهر البعير، وأظهرت الانقسام الاجتماعي الحاصل بين اللبناني والنازح السوري، بعد الضرر الذي لحق باللبناني نتيجة تحمله أعباء النزوح السوري في ظل أزمة اقتصادية لا مثيل لها.

ففي وقت كان اللبناني يبحث عن المازوت والحطب للتدفئة في فصل الشتاء كان السوري يسحب ثمن المازوت من البنك وبالفريش دولار، إضافة الى المبالغ المرصودة لكلّ عائلة لتأمين حاجاتها الشهرية، وفيما كان اللبناني يعاني لتأمين التعليم لأولاده، كانت المنظمات الدولية تضمن التعليم المجاني للسوريين.

مستغربة هي الحملة التي تعرض لها الجيش اللبناني، بسبب قيامه بواجبه الأمني بتوقيف المخالفين للأمن بغض النظر عن جنسياتهم، فيؤكد مصدر أمني لموقع “هنا لبنان” أنها حملة منظمة وهدفها التصويب على الجيش الذي لا يخالف القوانين الدولية، فإجراءات الجيش هذه ليست وليدة اللحظة، بل بدأت منذ نيسان 2019 بعد قرار للمجلس الأعلى للدفاع الذي كلّف بموجبه الجيش ترحيل جميع السوريين الذين لا يحوزون الأوراق الرسمية اللازمة، ويشرح المصدر أنّ “الجيش لا يقوم بحملة مداهمات واسعة بقصد ترحيل السوريين، إنما وانطلاقاً من المهام الأمنية اليومية التي يقوم بها، ينفذ مداهمات وعمليات البحث في بعض المخيمات بعد توافر معلومات أمنية عن وجود سلاح أو مخدرات، وعليه تقوم مخابرات الجيش بتسليم المخالفين إلى أفواج الحدود البرية التي تسلمها بدورها للجهات الأمنية السورية.

ويشير المصدر الى أنّ “ما يقوم به الجيش ليست حملة شعواء بل يعمل ضمن الأطر والمهام العملانية التي ينفذها وهو يقوم بتوقيف أي مخالف أو من دخل لبنان خلسة أو بعد العام ٢٠١٩ أي بعد الهدوء النسبي في سوريا ولا يتمتع بصفة النازح، أو كل من لا يسوي أوضاعه ضمن الأطر القانونية، إلّا أنّ الفارق أنّه بدأ بإعادة أي مخالف أو مرتكب إلى الأراضي السورية بدل تسليمه إلى الأمن العام، وذلك بسبب عدم قدرة الأمن العام على تسلم المزيد من المطلوبين بعد وصول القدرة الاستيعابية للسجون إلى حدودها القصوى.

ونفى المصدر الأمني ما نشرته قناة “الحرة” نقلاً عن أحد السوريين الذي تم ترحيلهم، بأنّه تمّ تسليمه إلى الفرقة الرابعة التي قامت بتعذيبه، موضحاً أنّ الجيش يقوم بإعادتهم إلى مناطق آمنة في سوريا، مثل منطقة العريضة على سبيل المثال، وهي منطقة آمنة توازي مساحتها لبنان.

ورغم كل أصوات النشاز المشككة بالجيش، فإنّ الاجتماع الوزاري الأخير في السراي الحكومي، أعاد تصويب البوصلة، باتجاه إعادة النّازحين إلى بلادهم، وسط أرقام ومعطيات قدمها قادة الأجهزة الأمنية والوزراء المختصون.

الاجتماع وبحسب وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار اتّخذ قرارات جريئة، أبرزها على صعيد إعادة تحريك العودة الطوعية الآمنة وتنظيم حملات للراغبين، وكشف حجار لموقع “هنا لبنان” أنّ الاجتماع أمنّ غطاءً سياسياً لمقاربة ملف النزوح بعد أنّ اتسم بالتوازن والوحدة الوطنية. وانطلاقاً من مقاربة علمية وموضوعية لخطر النزوح السوري، تم تكليف الأمن العام اللبناني بالبعد التقني بهذه المهمة، ووزيري الشؤون الاجتماعية والعمل بالشق السياسي للملف، ويكشف الوزير حجار عن زيارة مرتقبة إلى سوريا، تقنية أولاً للمدير العام للأمن العام ثم سياسية للوزيرين المعنيين للتنسيق مع الجانب السوري لتأمين عودة النازحين.

ويرى حجار أنّ أهمّ ما حققّه اجتماع السراي هو الاتفاق مع المفوضية العليا لشؤون النازحين ابتداءً من الخميس، وضمن مهلة أقصاها أسبوع من تاريخه، تزويد وزارة الداخلية والبلديات بالداتا الخاصة بالنازحين السوريين على أنواعها، وهو إنجاز فريد من نوعه بعد تمنع المفوضية لمرات عدة عن تقديم الداتا المطلوبة للجانب اللبناني، ومن شأن ذلك إذا استلم الأمن العام الداتا أن يسقط صفة النازح عن كل شخص يغادر الأراضي اللبنانية ويقرر العودة، بعدما تبين للمجتمعين أن حوالي 37 ألف سوري خرجوا خلال فترة الأعياد وعادوا بعدها إلى لبنان، وهو ما يسقط مقولة تأجيل إعادة النازحين إلى حين استتباب الوضع الأمني في سوريا.

حتى السجون لم تعد تتسع، فأكثر من 42% من السجناء هم من السوريين وتشير الأرقام الأمنية التي حصل عليها موقع “هنا لبنان” إلى أن الجيش اللبناني أوقف فقط في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام أكثر من 2000 سوري بتهم التعاطي وترويج المخدرات، إطلاق نار، جرائم قتل وسرقة وسلب وخطف، تهريب بضائع وتجارة أسلحة ودخول خلسة.

وتشير مصادر وزارية إلى ضرورة تحميل الأمم المتحدة مسؤولية هؤلاء السجناء والتفاوض مع الدولة اللبنانية لتأمين مأكلهم ومشربهم.

يقول مصدر أممي رفيع لموقع “هنا لبنان” إن “الأمم المتحدة تتفهم الهواجس اللبنانية، الا أنها تربط عودة النازحين السوريين بالحل السياسي في سوريا، وهي تحت حجة ضمان أمن السوريين والخوف من تعرضهم للقتل والتعذيب في سوريا بحال عودتهم، لن تقدم على أي خطوة لإعادتهم، قبل استتباب الوضع الأمني في سوريا، وحتى تلك اللحظة فإنها ستواصل تقديم الدعم المالي لهم لمساعدتهم في تأمين عيش كريم في البلد المضيف”.

القصة ليست عنصرية ولا مذهبية ولا سياسية، هي جمر تحت رماد في بلد يعاني بكل فئاته وأطيافه، ووسط خوف من تحول الوجود السوري إلى كارثة ديموغرافية واجتماعية وسياسية واقتصادية، خصوصاً أن عدداً لا يستهان به من السوريين بات يجاهر بعدم نيته العودة إلى سوريا، بسبب الإغراءات التي يقدّمها المجتمع الدولي من جهة، أو بسبب نمط الحياة الذي اعتاد عليه في لبنان وقد لا يجده في سوريا!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us