ماذا يعني “رأيٌ آخر” في التيّار الوطني الحر؟
لم يعد باستطاعة باسيل اتّخاذ القرار الذي يريده في التيار، ساعة يشاء، وكيفما يشاء. وما استعانته بـ “الجنرال” لحضور اجتماع التكتّل الأخير إلا دليلاً على ذلك.
كتب زياد مكاوي لـ “هنا لبنان”:
في التيّار الوطني الحر رأيٌ آخر. يمكن قراءة الأمر من وجهتَي نظر مختلفتين، على طريقة النصف الملآن والنصف الفارغ من الكوب. يعني ذلك أنّ جبران باسيل يتيح مساحة حريّة ونقاش داخل “تيّاره”، ويمكن أن يعني أيضاً أنّ الرجل غير ممسك بالقرار.
ظهرت داخل “التيّار” مجموعة نيابيّة تمايزت، في بعض المحطات والقرارات، عن باسيل، وذلك منذ بلوغ الأخير رئاسة الحزب خلفاً للعماد ميشال عون. لا يملك “الصهر” هالة “الجنرال”، ولكنّه، في الوقت عينه، عرف كيف يبسط نفوذه على مفاصل “التيّار” ويُطلق ما بات يُعرف، ولو على نطاقٍ ضيّق، بـ “الباسيليّة” كبديل لـ “العونيّة”. الأولى أقوى من الثانية اليوم.
وبدأت هذه المجموعة النيابيّة بالتنسيق في ما بينها، استحقاقاً بعد آخر، وأصبحت معارضتها، أو لنقل تمايزها، أكثر وضوحاً. وبات في تكتّل “لبنان القوي” ثلاث مجموعات: الأولى قريبة من رئيس “التيّار” وتبصم له، بالعشرة. والثانية تتمايز عنه في الأسلوب والمضمون وتتألّف من خمسة نوّاب. والثالثة تضمّ نوّاباً يحصرون تمايزهم بالنقاش الداخلي وإبداء الرأي، ولكن من دون بلوغ مرحلة الخروج من تحت عباءة باسيل، على طريقة “إجر بالفلاحة وإجر بالبور”.
لا يعني ما سبق أبداً أنّ باسيل فقد السيطرة على التيّار الوطني الحر، ولكنّه يعني أنّه لم يعد باستطاعته اتّخاذ القرار الذي يريده، ساعة يشاء، وكيفما يشاء. وما استعانته بـ “الجنرال” لحضور اجتماع التكتّل الأخير إلا دليلاً على ذلك. وكان يجدر به ألا يُقدم على هذه الخطوة لأنّها تؤثّر على “صورته القويّة” التي صنعها بتراكم الأفعال والقرارات، وحتى الإنجازات. وهذه الصورة تزعزعت أيضاً حين وجد نفسه مضطرّاً الى تسريب أخبار ضدّ نوّاب في “التيّار”، من فئة المتمايزين، عبر مستشاريه وبعضهم يكتب بأسماء مستعارة أو يستكتب أو يوحي بالكتابة.
لم يفعل ميشال عون ذلك يوماً. وعندما كان يريد أن يُضعف أحدهم كان يعتمد وسائل أخرى. ولم يوجّه عون رسائل إلى نوّابه في مقابلات أو خطب، كما يفعل باسيل من حينٍ إلى آخر. اضطرار باسيل عامل ضعف، لا عنصر قوّة. وإذا كان عون يُنتقد، كرئيسٍ، بفعل بعض المحيطين به ممّن يعطون استشارات في غير محلّها، فإنّ الأمر نفسه ينطبق على باسيل الذي يورّطه مقرّبون في معارك، بعضها داخليّة، عبر تسريبات وتعليقات على حسابات وهميّة على مواقع التواصل الاجتماعي، بات من يحرّكها مكشوفاً.
يقودنا ما سبق كلّه إلى السؤال عن قدرة باسيل على الإمساك بالقرار “التيّاري” في مرحلة ما بعد العماد عون. والسؤال عن سبب تحوّل “التيّار” إلى حزبٍ لا يعيش إلا في السلطة، ومن خلالها، بينما كانت تكمن قوّته في أنّه تيّار معارض للسلطة وارتكاباتها. من ثار عليهم بات يشبههم، أقلّه في بعض الممارسات وليس في كلّها.
يحتاج الأمر، بدل الانفعال، بعض التروّي والتعقّل والنقد الذاتي. يحتاج إلى إعادة نظر بفئة “المقرّبين” وغربلتهم. ويحتاج إلى إعادة بحث بالدور والأهداف، لا بل الموقف السياسي والتحالفات والخيارات الكبرى. يمكن لذلك كلّه أن يتحقّق، وإلا فإنّ مجموعة المتمايزين النيابيّة التي سعى باسيل إلى أن تخسر في الانتخابات النيابيّة الأخيرة ستكبر عدداً وستزداد تأثيراً. حينها سيواجه باسيل الآخرين، وفي خاصرته خنجر…
مواضيع مماثلة للكاتب:
 الحرب والرئاسة… الحزب وباسيل |  لبنان أمام أيّامٍ حاسمة: انتظروا العودة! |  رئيسٌ في آذار؟ هذا اسمه… |
