قطاع الصناعات الخشبيّة في دائرة الخطر: أكثر من 5000 حرفي مهدّد بالتشرّد


أخبار بارزة, خاص 9 حزيران, 2023

كانت أشهر معارض الصناعات الخشبيّة في لبنان تتمركز في طرابلس وصيدا. ولكن مؤخراً فقدت هذه الصناعة بريقها بعد تراجع عدد محترفي صناعة الخشب اليدوية في صيدا إلى أقلّ من 5 أشخاص أو أسر، وبعدما بات قطاع الحرفيات والصناعات الخشبيّة في مدينة طرابلس على درب الاندثار تضارب عليه المفروشات المستوردة.

كتبت باولا عطية لـ “هنا لبنان”:

مع تفاقم أزمة الصناعيين في لبنان تواجه معظم القطاعات الصناعيّة في لبنان صعوبات تحول دون استمراريتها، وخير دليل على ذلك الصرخة التي أطلقها أصحاب الصناعات الخشبية والمفروشات الحرفيّة في طرابلس منذ بضعة أيّام محذّرين من خلالها من تهديد حقيقي يواجه هذا القطاع ويهدده بالزوال، بعد ما ترتب عليهم من خسائر تنتج عن أداء ضعيف لمسؤولين إداريين في وزارة الصناعة، بحسب قولهم.

أكثر من 7100 مصنع خشبيّات في لبنان

واستناداً إلى أرقام دليل الصادرات والمؤسسات الصناعيّة في لبنان الصادر عن وزارة الصناعة، فإنّ في لبنان أكثر من 7100 مصنع للمصنوعات الخشبيّة، تتوزّع بين محافظة البقاع (712 مصنعاً)، وجبل لبنان (3953 مصنعاً)، والشمال، (597) والجنوب (582)، بيروت (603)، النبطية (348)، عكار (67 مصنعاً)، بعلبك الهرمل (204)، وتنتج هذه المصانع أخشاباً مخصّصة للتجارة، والديكور الداخلي والخارجي للمنازل، والصناعات الخشبيّة، والطبالي، والتنجيد، والمفروشات… بمعدّل 1488 نوعاً من السلع. ولعلّ أشهر معارض الصناعات الخشبيّة في لبنان تتمركز في طرابلس وصيدا. إلّا أنّ الأخير فقد بريقه بعد تراجع عدد محترفي صناعة الخشب اليدوية في صيدا إلى أقلّ من 5 أشخاص أو أسر. فهذه الصناعات كانت تتناقلها الأجيال أباً عن جدّ، على مرّ السنين، وتعتبر من أقدم وأشهر الحرف التي عرف بها لبنان. وعلى غرار صيدا بات قطاع الحرفيات والصناعات الخشبيّة في مدينة طرابلس على درب الاندثار.

وللاطلاع على تفاصيل هذا الموضوع تواصل موقع “هنا لبنان” مع رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الشمال شادي السيد الذي كشف في حديث خاص عن “مؤتمر سيعقده يوم السبت الجاري عند الساعة العاشرة صباحاً في الميناء بطرابلس”.

60% من اقتصاد الشمال يحرّكه قطاع المفروشات

ويشرح السيّد أنّ “المشكلة تكمن بمقررات اتخذتها وزارة الإقتصاد عام 2019 ولم تنفّذ بسبب الإهمال من قبل الموظفين العاملين في هذه الوزراة وعلى رأسهم السيدة ليندا قاسمي. حيث أنّ هناك مقرّرات اتخذت في العام 2019 ولم تنفّذ حتى اليوم بسبب وضعها في الجوارير، وتنصّ هذه المقرّرات على حماية الصناعات المحليّة بوجه الاستيراد العشوائي للسلع التي تقابلها أخرى محليّة الصنع”.

ويلفت السيّد إلى أنّ “60% من اقتصاد الشمال يحرّكه قطاع المفروشات، لكونه يؤمّن فرص عمل لعدد كبير من اللبنانيين، وتحديداً أبناء الشمال، حيث أنّ أكثر من 300 ألف عائلة تعتاش من هذا القطاع، يتوزّعون بين عامل ورب عمل وتجار معارض وتجار مواد اولية وسائقين وموظفي مبيعات، أو أصحاب محلات، ما يوفّر عليهم عناء النزوح إلى المدينة بحثاً عن فرص عمل، أو النزول يومياً إلى العاصمة لتأمين لقمة العيش”.

ويتوجّه إلى المسؤولين بالقول “أصبحنا منكوبين يا مسؤولين وأقل من لاجئين في وطننا، بعد ضرب أصحاب أكثر من 500 مصنع، هؤلاء باتوا مشردين في وطنهم لعدم حماية مصانعهم وإنتاجهم الوطني”.

7 آلاف دولار تأمين؟

ويتابع “في أحد المقابلات هاجم وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشيكيان، في الوقت الذي لا يملك فيه سلام أيّ معلومات عن الملفّ، فيما بوشيكيان يتابعه بدقّة وعن قرب”، مضيفاً “وللعلم فإن مدير وزارة الصناعة داني جدعون الذي أقيل منذ أيام كان أكبر مجرم بحق القطاع الصناعي وتحديداً قطاع المفروشات. حيث كان يعطي تعليمات لوزراة الاقتصاد بأخذ تأمين بين الـ6 والـ7 آلاف دولار من كلّ صاحب صناعة حرفيّة!”.

وتابع “نحن صناعيين حرفيين نأكل من عرق جبيننا، ولسنا أصحاب شركات نفط، “منشتغل مناكل ما منشتغل ما مناكل”، فكيف يسمحون لأنفسهم بفرض هذه الأرقام العالية على الشمال عموماً وطرابلس خصوصاً؟ بسبب إهمالهم وقلّة مسؤوليتهم وإخلالهم بواجاتهم الوظيفيّة”.

وعن المطالب يقول “كلّ ما نطالب به هو التعويض عن أصحاب هذه الصناعات، وحماية هذا القطاع، عبر إعادة دعم المصانع التي تضررت من البضاعة المستوردة، وضبط الحدود وحمايتها من البضاعة المستوردة حيث هناك قرارات سابقة بهذا الخصوص ندعو المعنيين إلى تطبيقها، فأبناء مجتمعنا أصبحوا إمّا في السجون أو في القبور أو في البحر يغرقون”.

أكثر من 5000 حرفي ترك وظيفته

من جهّته أوضح نقيب قطاع المفروشات والصناعات الحرفية والخشبية في الشمال عبد الله حرب، في حديثه لموقع “هنا لبنان” أنّ “القرارت التي أقرّت في العام 2019، نصّت على حماية القطاعات المحليّة من البضائع المستوردة من أوروبا والعالم العربي، لما لهذه الأخيرة من تأثير خطير على استمرار القطاعات المحليّة الصناعيّة. وكان من المفترض أن يبدأ تنفيذ هذا القرار منذ حوالي الـ3 سنوات لنتفاجأ منذ شهر تقريباً بأنّ هذه المقررات لا تنفّذ، لا بل لا علم للجمارك بها. فتواصلنا كنقابة مع الجمارك العليا ووزارة الاقتصاد ولكن لم تلقَ مطالبنا آذاناً مصغية”.

ويشرح حرب، أنّ “هناك صناعات مفروشات خشبيّة تدخل لبنان من مصر وتركيا، فيما هذين البلدين يدعمان 20% من صادراتهم إلى الخارج، ما يعني أنّ الدولة توفّر على التاجر الذي يصدّر بضاعته ثمن الشحن إلى دول أخرى، وبالتالي تكون هذه البضائع أرخص من المحليّة اللبنانيّة الصنع، لكونها مدعومة ليس فقط بالشحن بل بالمواد الأوّليّة والتخفيضات الضريبيّة ما يصعّب علينا عمليّة المنافسة خصوصاً من ناحية السعر. حيث أنّ الكلفة على الصناعي مرتفعة”.

ويكشف أنّ “هذه البضائع المستوردة تأتي قطعاً مفككة ويتمّ إعادة تركيبها بالداخل في محاولة لغشّنا”.

ويتابع “واليوم، وبسبب إهمال المعنيين، تشرّد أكثر من 5000 حرفيّ وتركوا وظيفتهم ليضحوا هؤلاء دون مستقبل، في الوقت الذي كان هذا القطاع ينتج حوالي الـ12 ألف قطعة (غرف نوم وصالون فقط) من الشمال بمفرده، 80 % منها تغطّي حاجة السوق و20% منها تصدّر إلى الخارج”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us