المستشفيات الحكومية تعمل “باللحم الحي”… والمطلوب خارطة صحيّة واضحة


خاص 9 حزيران, 2023

مستشفى الشرق خرج عن الخدمة منذ أن توالت الأزمات على القطاع الصحي خلال السنوات الثلاث الأخيرة حيث بدأت جائحة كورونا التي أنهكت المستشفيات الحكومية بشكل خاص، ومن ثم تزامن ذلك مع هجرة الطاقم الطبي والتمريضي.

كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:

بعد أن كان لبنان لعقود مضت قبلةً للباحثين عن العلاج الطبي لتميّزه بأفضل العاملين في مجال الرعاية الصحية في الشرق الأوسط، خرج “مستشفى الشرق عن الخدمة” منذ أن توالت الأزمات على القطاع الصحي خلال السنوات الثلاث الأخيرة حيث بدأت جائحة كورونا التي أنهكت المستشفيات الحكومية بشكل خاص، ومن ثم تزامن ذلك مع هجرة عدد كبير من الطاقم الطبي والتمريضي على وقع الأزمة المالية التي يمر بها البلد.

وفيما يتهيّب المواطنون دخول المستشفيات الخاصة في ظلّ الإرتفاع الجنوني لفاتورة الاستشفاء “المدولرة” فيها، تتفاقم معاناة المستشفيات الحكومية في لبنان وكأنّها متروكة لمصيرها بين خطر الإقفال أو تراجع تقديمات الخدمات الطبيّة والاستشفائية فيها وتحوّل بعضها إلى مجرّد مستوصف.

وفي دراسة أعدتها الدولية للمعلومات يبلغ عدد المؤسسات العامة التي تتولّى عمل المستشفيات الحكوميّة والعاملة فعليّاً لغاية نهاية العام 2022، 33 مستشفى، ويبلغ عدد العاملين فيها من مستخدمين ومتعاقدين وأجراء بشكل رسمي 3829 موظفاً.

“باللحم الحي” لا تزال تعمل المستشفيات الحكومية، بهذه العبارة يختصر عاملون في هذه المستشفيات واقعها في حديث لموقع ” هنا لبنان”. المعاناة على أكثر من صعيد: عجز عن تأمين مقوّمات التشغيل ونقص المعدّات الطبية والصيانة والتجهيزات اللازمة، وصولًا إلى عدم توفر مادة المازوت. فيما رواتب الموظفين لا تساوي شيئاً أمام تدهور صرف العملة الوطنية وهم لا يتقاضونها في اغلب الأوقات في وقتها، إذ أنها حين تُصرف تكون قيمتها قد تراجعت.

وتقف المستشفيات الحكومية أمام المرضى الذين يلجأون إليها من دون حيلة، بسبب غياب الدعم الكبير لها في الوقت الذي تتلقى فيه المستشفيات الخاصة مساعدات مالية من جهات محلية ودولية، فهل هذا الدعم يتم على حساب المستشفيات الحكومية ومن المسؤول عن هذا الإهمال؟ وهل من حلول أم أنّ الأولويات في مكان آخر؟

عضو لجنة الصحة النيابية النائب ميشال موسى أكد في حديث لموقع “هنا لبنان” ما تعانيه المستشفيات الحكومية من سوء الأوضاع المالية نتيجة الأزمة المالية والإقتصادية التي تعيشها البلاد في ظل التأخير بدفع المستحقات من الصناديق الضامنة. أما المسألة الأهم فهي تتمثل بالعقود بين المستشفيات وكافة الصناديق الضامنة في لبنان وفق تسعيرة لا تساوي اليوم شيئاً إذا ما قارنناها بسعر صرف الدولار في السوق السوداء.

وإذ لفت موسى إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في الشق المالي إلا أن هناك مشكلة إدارية أيضاً تتعلق بتعيينات مجالس إدارة المستشفيات المعطلة أحياناً في مجلس الوزراء فتحصل التعيينات بالتكليف أو بالوكالة وبالسياسة أيضاً ما يؤثر على عمل هذه المستشفيات.

وفي مقابل زيادة نسبة المواطنين الذين يتعالجون على نفقة وزارة الصحة، فإنّ ميزانية الوزارة انخفضت لأن إمكانات الدولة محدودة بحسب موسى، ووزارة الصحة تحاول قدر المستطاع. فيما تأتي مساعدات من قبل مؤسسات إلى المستشفيات الخاصة مباشرة وليس للدولة حتى تعيد توزيعها إلى المستشفيات الحكومية التي هي بحاجة ماسة إلى مساعدات مماثلة. مشدداً على وجوب أن تأخذ المستشفيات الحكومية فرصاً أكبر وتتساعد من أجل أن تكون مستشفيات مركزية في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها المواطن مالياً وصحياً.

أما عن الحلول فلفت موسى إلى وجود ثغرات عديدة في التعاطي مع ملف المستشفيات الحكومية خصوصاً على صعيد الموظفين نتيجة التدخل السياسي ما يؤثر على التوظيف والتعاقد فيها، الأمر الذي يتطلب إعادة هيكلة عامة وحسن توزيع الموظفين والرقابة على عمل هذه المستشفيات. وهي أمور لا يمكن تحقيقها إلا بوجود حكومة بصلاحيات كاملة تعالج هذا الموضوع ضمن خارطة عامة للمستشفيات الحكومية، والحاجة ضرورية لتأمين الموارد المالية و مساعدة هذه المستشفيات عبر الدولة إذا ما توافرت الإمكانيات أو عبر منظمات دولية أو غيرها.

موسى الذي لفت إلى مشاريع عديدة في مجلس النواب تتعلق بالتغطية الصحية الشاملة، أكد أن هذا الأمر يتطلب تمويلاً ووقتاً إضافة إلى إدارة لضبط سير العمل داخل هذه المستشفيات وهو ما ليس متوافراً حالياً.

لا شك أنه يجب أن تكون الشؤون الصحية من ضمن الأولويات إذ لا إمكانية ليتأقلم الإنسان مع أي وضع صحي طارئ يتعرض له. ومن هنا تأتي أهمية أن تعطي أي حكومة الأولوية للقطاع الصحي في كل الموازنات وفق الإمكانيات المتاحة إن كان لناحية الاستشفاء أو الدواء ووجوب وضع خارطة صحية واضحة ورقابة على كيفية الصرف. والثابت أنه يجب أن تتاح لكل إنسان فرصه الاستشفائية، إذ أنّ الرعاية الصحية حق من حقوق الإنسان في كل دول العالم.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us