سليماني بين مؤتمر بن فرحان ومعرض بيروت للكتاب


أخبار بارزة, خاص 19 حزيران, 2023
سليماني

صورة سليماني في طهران بالأمس، ومثلها صورة الجنرال الإيراني في معرض الكتاب في بيروت العام الماضي، هما تعبير عن أن زمن التشدد الإيراني ما زال مستمراً.


كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

ما زال قائد “فيلق القدس في الحرس الثوري” قاسم سليماني مثيراً للجدل بعد مصرعه قبل ثلاثة أعوام ونصف العام. هذا ما حصل بالأمس على هامش المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في طهران. حيث تناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، معلومات مفادها أنّ مكتب بن فرحان اعترض على مكان إقامة المؤتمر الصحافي المشترك السبت الماضي مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بسبب صورة قاسم سليماني التي علّقت خلف علم المملكة، وأن البروتوكول الإيراني اضطر إلى نقل المؤتمر الصحافي إلى غرفة أخرى. لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، وصف الأمر بـ “التكهنات الإعلامية و لا أساس لها من الصحة”. وقال أن تغيير مكان انعقاد المؤتمر جاء بسبب “حدوث مشكلات فنية”.

الأدق في هذه الواقعة، أن صورة سليماني لم تحضر في القاعة الجديدة التي انعقد فيها المؤتمر الصحافي المشترك لوزيري خارجية المملكة والجمهورية الإسلامية. فلو لم يكن هناك غاية “في نفس طهران”، لكانت صورة الجنرال الإيراني الذي اغتالته الولايات المتحدة الأميركية في كانون الثاني عام 2020، في كل القاعات، وليس في قاعة واحدة. كما أنّ صورة سليماني، إذا ما تأكدت المعلومات، كانت موضوعة في القاعة الأولى خلف العلم السعودي، تعني أنّ هناك نية مبيّتة للنيل من السعودية، بالقول إنّ الحرس الثوري، الذي كان ولا يزال اللاعب الرئيسي في حرب اليمن التي أدخلت المملكة في صراع ضد وكلاء إيران هناك، ما زال في المرصاد.

قبل ذلك، وفي آذار العام 2022، كانت صورة القائد السابق لـ “فيلق القدس” التي ارتفعت في معرض بيروت للكتاب، مبعث مواجهات وتوتر كادت أن تؤثر على عمل المعرض.

فقد ارتفعت قرب أحد أجنحة دور النشر، صورة كبيرة تفوق المألوف ما أثار استياء ناشطين معارضين لـ “حزب الله”، واصفين المعرض بأنه “معرض طهران للكتاب” ومعرض “بلاد فارس”.

مرة أخرى وبالعودة إلى المؤتمر الصحافي لبن فرحان، فيظهر أن سياسات الانفتاح التي هبت رياحها على المنطقة من إتفاق بكين في آذار الماضي، ما زالت قيد التأقلم في الجمهورية الإسلامية التي قامت على أساس التشدد على يد المؤسس الإمام الخميني. وما زالت هناك أمثلة على هذا التشدد المتمثل بالشعار الاساسي في ثورة الخميني ألا وهو “الموت لأميركا… الموت لإسرائيل”. ففي العام 2015 عندما جرى إبرام الاتفاق النووي بين طهران والغرب عموماً وواشنطن خصوصاً، بذلت إيران وقتاً وجهداً كي تعيد صياغة هذا الشعار الذي أزيل منه “الموت لأميركا”، فصار فقط “الموت لإسرائيل”. لكن الجمهورية الإسلامية، وبعد العام 2018، عندما صار الجمهوري دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة وأعلن الخروج من الاتفاق، عادت وبذلت الوقت والجهد المطلوبين كي يعود الشعار كما في نسخته الأصلية عام 1979.

اليوم، يبدو أن المثل القائل، أن “من شبّ على شيء شاب عليه”، هو الحال في العلاقات بين طهران والرياض. وقد ظهرت مؤلفات عدة تتحدث ملياً عن العداء الذي شهرته الثورة الإيرانية ضد المملكة العربية السعودية في وقت مبكر بعد انتصارها. وهناك أجيال من الساسة الإيرانيين، بينهم من هم اليوم في السلطة، الذين نشأوا على العداء مع السعودية ومعظم أقطار الخليج العربي.

من المفيد هنا، التذكير بواقعة لم يمرّ عليها الزمن تتعلق يإقصاء الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني بعدما كان الطرف الإيراني الموقع على إتفاق بكين مع السعودية برعاية الصين. فبعد الاتفاق بين إيران والسعودية على تحسين العلاقات السياسية وإعادة فتح السفارات وإنهاء الخلاف الذي استمر ثماني سنوات، برز نجم شمخاني وسلطت صحف وشخصيات سياسية الضوء على الدور المهم الذي لعبه الأدميرال في إبرام هذا الاتفاق.

هناك ترجيات عدة لإقصاء شمخاني بعد هذا الاتفاق التاريخي، ومن بينها أن التشدد سيبقى في صلب الحكم في إيران وسيبقى صوته أعلى من صوت الانفتاح حتى إشعار آخر.

في لبنان، هناك فترة اختبار مهمة سيجتازها هذا البلد في ظل التقارب السعودي الإيراني المستجد. ولا مبالغة في القول أن أحد أهم ميادين هذا الاختبار هو إنجاز استحقاق إنتخاب رئيس جديد للجمهورية. وهذا الاستحقاق رهينة “الثنائي الشيعي” عموماً و”حزب الله” خصوصاً. أما متى يقرر “الحزب” فك أسر هذا الاستحقاق فهو في ضمير الغيب.

صورة سليماني في طهران بالأمس، ومثلها صورة الجنرال الإيراني في معرض الكتاب في بيروت العام الماضي، هما تعبير عن أن زمن التشدد الإيراني ما زال مستمراً.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us