مصادر “المالية” تؤكّد لـ “هنا لبنان” اعتماد سعر منصّة صيرفة في موازنة 2023.. فما الانعكاسات؟


أخبار بارزة, خاص 20 حزيران, 2023

يتّسع النقاش بين المسؤولين والخبراء الاقتصاديين حول مخاطر وإيجابيات اعتماد سعر دولار منصة صيرفة في موازنة العام 2023 التي يجري التحضير لها، خصوصاً لجهة التأثير المباشر على القدرة الشرائيّة للمواطنين والرواتب والأجور، فضلاً عن تحصيل الضرائب وتأثيرها على الانكماش الاقتصادي.

كتبت باولا عطية لـ “هنا لبنان”:

بعد الاجتماع الذي عقد في السراي برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للبحث في موازنة 2023 يوم 13 حزيران 2023، وسبقه تصريح لنائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي كشف فيه أنّ “اتجاه الحكومة هو أن يكون كل شيء في موازنة 2023 على سعر صرف موحد وهو سعر صيرفة، وأن المواطن سيدفع ضريبته على سعر المنصة”، يتّسع النقاش بين المسؤولين والخبراء الاقتصاديين حول مخاطر وإيجابيات اعتماد سعر دولار منصة صيرفة (86.200 ليرة) في موازنة العام 2023 التي يجري التحضير لها، خصوصاً لجهة التأثير المباشر على القدرة الشرائيّة للمواطنين والرواتب والأجور، فضلاً عن تحصيل الضرائب وتأثيرها على الانكماش الاقتصادي.

اتجاه فعلي لاعتماد منصّة صيرفة في موازنة 2023

وفي هذا الإطار تقول مصادر مقرّبة من وزارة الماليّة في حديثها لموقع “هنا لبنان”، أنّ “وزير المال يوسف الخليل كان بدأ صراحة العمل على هذا الموضوع وأمامه أسبوعان لتعديل موازنة الـ2023 وفق سعر منصّة صيرفة”، مؤكدة أنّ “سعر منصّة صيرفة هو الأقرب لفائدة السوق أو سعر صرف الدولار في السوق الموازية، وبما أنّ هدف الحكومة هو توحيد سعر الصرف، فإنّ هناك اتجاه حقيقيّ لأن تكون هذه الخطوة أولى الخطوات التي تأخذها الدولة باتجاه توحيد سعر الصرف الرسمي”.

وشدّدت المصادر المقرّبة من وزارة المال على أنّ “أهميّة هذه الخطوة تكمن في تأمين إيرادات إضافيّة لخزينة الدولة، بعد وصل الضرائب بمنصّة صيرفة، والاتكال الأكبر سيكون على الدولار الجمركي الذي يسمح للدولة بجباية المال لتأمين تمويل رواتب وأجور القطاع العام دون اللجوء إلى مصرف لبنان لطباعة العملة، ولا سندات اليوروبوند”، معتبرة أنّ “تجربة رفع الدولار الجمركي كانت إيجابية ولو على مرحلة قصيرة وهي التي سمحت بتأمين الرواتب ولو على عدّة دفعات”.

لا تاثير على القدرة الشرائيّة للأفراد

من جهته اعتبر الخبير الاقتصادي أنطوان فرح في حديثه لموقع “هنا لبنان” أنّ “موازنة الدولة اللبنانيّة تصاغ بالليرة اللبنانيّة ولا علاقة لها من حيث المبدأ بسعر صرف الدولار في السوق السوداء، باستثناء الأمور المسعّرة بالدولار الأميركي وبالتالي يتمّ تحويلها إلى الليرة اللبنانيّة بالموازنة، وعلى رأسها الدولار الجمركي وهو بالليرة ولكن يتمّ تسعيره وفق سعر منصّة صيرفة، وقد تمّ اعتماده سلفاً أي قبل وضع موازنة الـ2023، وبالتالي القضيّة الأكثر حساسيّة، بالنسبة لسعر الصرف المعتمد في موازنة 2023، تمّ تجاوزها وقد أصبحت أمراً واقعاً، ولن يكون لها تأثير جديد على القدرة الشرائيّة للأفراد”.

ويتابع فرح “يبقى هناك بعض الرسوم والضرائب الإضافية التي قد تكون مسعّرة ومصنّفة وفق سعر صرف الدولار، وهي قد تشكّل ضغطاً إضافياً وترتفع قليلاً”.

إلاّ أنّ الملاحظة الأساسية التي يلفت إليها هي “أننا نتصرّف بموضوع منصّة صيرفة وكأنّها السعر الرسمي للدولار في حين أنّ الواقع مغاير، بدليل وجود سعر آخر في السوق السوداء إلى جانب سعر صرف رسمي وهو 15 ألف ليرة، وليس سعر منصّة صيرفة. وهنا تكمن المشكلة الأساسيّة حيث أن صندوق النقد الدولي كان قد طالب بأن تتضمّن موازنة الـ 2023 الإصلاحية توحيداً للأرقام وبالتالي لتوحيد سعر صرف الدولار، وهنا الإشكاليَّة الكبيرة، باعتماد منصّة صيرفة وكأنّها سعر الصرف الرسمي في ظلّ عدّة أسعار صرف، وهو ما سيسبب إشكاليّة، وسيتوجّه من خلالها صندوق النقد بانتقادات للدولة اللبنانيّة التي لم تستطع تجاوز موضوع السعر الواحد وتوحيد سعر صرف الدولار”.

أهمية توحيد سعر الصرف

من جهّته رأى الخبير الاقتصادي باتريك مارديني أنّه “من المهمّ جدّا أن يتّجه لبنان إلى توحيد سعر الصرف، فتعدّد أسعار الصرف أمر سيء جداً، ويحفّز على الفساد، والمفاضلة بين الأسعار، إضافة إلى محاولة البعض الاستفادة من فوارق سعر الصرف، ما يؤدي إلى هجرة المستثمرين”.

وأضاف: “أمّا توحيد أسعار الصرف على منصّة صيرفة في موازنة الـ 2023 فهو أمر ايجابي، إلاّ أننا كنّا نأمل أن تتوحّد أسعار الصرف على السعر الحقيقي، ألا وهو سعر الدولار في السوق الموازية، ولكن بما أنّ صيرفة قريبة من السوق السوداء فنحن نعتبر أنّ هذه خطوة ايجابيّة، وتعطي رؤية أوضح لماليّة الدولة، حيث كانت النفقات بالدولار تحتسب سابقاً إمّا على الـ1500 ليرة أو الـ7000 ليرة ولم تكن تعبّر عن حقيقة الواقع في لبنان، أي أنّه كان لدينا موازنة وهميّة، أمّا الموازنة وفق سعر صيرفة فهي الأقرب إلى الحقيقة، ولكنّها لا تعكس الواقع تاماً أيضاً، فما يعكسه هو موازنة وفق سعر الصرف في السوق الحقيقي”.

مخاطر رفع الضرائب

واعتبر مارديني أنّ “رفع سعر الصرف الرسمي ووصله بمنصّة صيرفة سيرفع بطبيعة الحال الضرائب التي توضع على عمليات مقيّمة بالدولار. كالجمرك، والخدمات والأجور المدولرة، والـtva ، وأيّ شيء مسعّر بالدولار، فحتى القطاع العقاري، ستحتسب ضريبته بالدولار وفق سعر الصرف الجديد”، مشيراً إلى أنّ “هذا الأمر يحمل نتائج سلبية على الاقتصاد، خصوصاً في بلد يمرّ بركود اقتصادي كبير، ويعاني من نسبة مرتفعة من التهرّب الضريبي، والجمركي، وبالتالي فإنّ الزيادة في سعر الصرف الرسمي ستؤدّي إلى زيادة بنسبة التهرّب الضريبي، والإيرادات لن ترتفع كما هو متوقّع، وهذا التهرّب سيضرب الشركات الشرعيّة ، وسيمنعها من منافسة الشركات التي تتهرّب، ما قد يؤدّي إلى إقفال بعضها، الأمر الذي يعزّز الركود الاقتصادي”.

ولمعالجة هذه المشكلة يقترح مارديني “توحيد أسعار الصرف على منصّة صيرفة، ولكن بالتوازي على الدولة أن تقوم بإصلاح ضريبي وجمركي يذهب في إطار تخفيض التعرفات الجمركيّة، فعلى سبيل المثال، إذا كان الشخص يستورد سلعة من الخارج عليها جمرك 10%، فإنّ عليه دفعها وفق سعر صرف 86 ألف ليرة، وفي المقابل سنعمل على تخفيض قيمة الضريبة من 10% إلى 1 أو 2%، حيث أنّ نسبة جباية لبنان من الاستيراد الجمركي لا تتخطى الـ2.5%، لذلك فلنضع ضريبة مسطّحة نسبتها 2.5% على كلّ السلع المستوردة وبالتالي نكون قد رفعنا الضريبة الجمركيّة وفي الوقت نفسه خفّضنا التعرفة الجمركيّة، وبالتالي استفدنا من ايجابيات توحيد سعر الصرف وتخلّصنا من سلبيات رفع سعر الصرف، ويجب تعميم هذا النموذج برأيي على جميع الضرائب”.

 

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us