ظاهرة فرار القاصرات “بإرادتهنّ” إلى ارتفاع… وهذا ما يوضحه علم النفس!


أخبار بارزة, خاص 16 تموز, 2023

في الملف الأخير لفقدان الفتيات القاصرات، تداولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خبر اختفائهنّ ضمن فترة زمنية محدّدة، ممّا أثار الذعر لدى المواطنين، والتهيؤ بوجود عصابات.

كتبت ريتا صالح لـ” هنا لبنان”:

شهد الأسبوع الماضي سلسلة عمليات فرار، بطلاتها مراهقات قاصرات لا تتعدّى أعمارهنّ الأربعة عشر عاماً. ما يدفع الأهالي للاتجاه حكماً إلى إبلاغ شعبة المعلومات في القوى الأمن الداخلي كما تقتضي الإجراءات الروتينية خصوصاً بعد مرور 24 ساعة على اختفائهنّ من دون علم وخبر، وذلك لمعرفة مصيرهنّ ومكانهنّ، لا سيّما في ظل خوف الأهل الدائم على أبنائهم لكثرة الحوادث الحاصلة في الآونة الأخيرة من خطف وقتل واغتصاب، إلّا أنّ “لكل حكاية أبطالها، ولكل قصة أسبابها”…

ففي الملف الأخير لفقدان الفتيات القاصرات، تداولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خبر اختفائهنّ ضمن فترة زمنية محدّدة، ممّا أثار الذعر لدى المواطنين، والتهيؤ بوجود عصابات. إلا أنه بعد أسبوع من التقصي، عادت الفتيات إلى منازلهن برفقة شعبة المعلومات، وبعد الاستماع لإفادتهن بحضور مندوبة حماية الأحداث، أفادت إحداهنّ أنها غادرت منزل ذويها بملء إرادتها نتيجة أسباب عائلية، ولم تتعرّض لأي عملية خطف أو ابتزاز وهي بصحة جيّدة.

وفي حين تتكاثر التساؤلات وتتشعب المسؤوليات وتتوزع التّهم في كل اتجاه، فعلم النفس يفسّر هذه الحالات بطريقته العلمية.

في هذا الإطار، اعتبرت الاختصاصية في علم النفس العيادي ديالا حلو في حديث خاص لـ “هنا لبنان” أن المراهق لديه حاجة دائمة بأن يتمرّد، ومن الممكن أن يكون قراره بمغادرة المنزل أو رغبته في ممارسة الاستقلالية وتحقيق ذاته بعيداً عن أي سلطة فوق رأسه، بالإضافة إلى رغبته في الهروب من البيئة التي يعيش فيها بسبب سوء المعاملة أو العنف. وأكدت أن المراهق يعيش صراعاً داخلياً ويواجه عدّة تغيّرات على الصعيد النفسي والمعنوي والجسدي، وتحقيق وتطور الذات، وتحديد هويته بعيداً عن مرحلة الطفولة. وتابعت حلو أن للأهل دور كبير ومهم في استيعاب أولادهم في مرحلة المراهقة، ومساعدتهم على تخطي الأزمات التي يمرّون بها. وإلا سيكون هناك صراعات ومشاكل فيما بينهم. وأكدت أن كل ما يمّر به المراهق من تمرّد أمر طبيعي لتكوين الذات، والمشكلة أن بعض الأهل لا يعرفون كيفية التعامل معه ممّا يدفعه إلى الدخول معهم في حروب. وشددّت على أنه من الطبيعي أن يعتقد ابمراهق أن السعادة موجودة في الخارج إذا كان يعيش في أسرة لا تحقق الحاجات الضرورية والأساسية له، وإذا انعدم شعوره بالأمن والأمان، وإن شعر بأن وجوده غير مرغوب به.

فمن هذه الناحية، تشير حلو إلى أن المسؤولية الكبرى تقع أولاً على الأهل، لأن من واجباتهم تأمين سلّم الحاجات الأولية لأولادهم على كافة الأصعدة. وكشفت أن المراهق الذي يعيش وسط عائلة تؤمن له كل متطلباته لا يفكر بالهروب، وكل ما يفعله هو التمّرد الطبيعي في هذا السن، مضيفة أن كل مراهق يدفع نفسه للهروب من دون عودة، فهو يشعر بأنه يعيش في ذلّ وعدم احترام وحاجاته ورغباته غير مسموعة لدى الأهل، مؤكدة أن الأهل هم السبب الأساسي الذي يدفع الأولاد لاتخاذ قرار الهروب أو الفرار من المنزل.

ورأت حلو أن المراهقات أو المراهقين هم نتيجة تربية الأهل، مشيرة إلى أن البيئة التي يعيشون فيها تؤثر حكماً على تصرفاتهم ولكن لو كان هناك “قانون منزلي” عادل لما وصلوا إلى قرار الفرار.

ومن ناحية أخرى، شددت حلو على أن إهمال الولد من قبل أهله أمر أساسي في هذا الموضوع، بحيث أن لكل منهما دور يجب القيام به، وفي حال أهمل أحد الطرفين دوره بتربية الولد، فسيكون هناك خلل بتربيته. وشرحت أن للأب دور بممارسة سلطته الرمزية، ويجب على الأم أن تلعب دورها بتربية أولادها والاهتمام بهم، وتعليمهم القيم والمبادئ الأساسية والرئيسية، وتربيتهم بأن يكونوا مستقلين ومكافحين وأن يتخطوا كل الصعوبات لتحقيق استقلاليتهم. وأضافت أن دور الأهل أيضاً هو متابعة مراحل نمو أولادهم ومعرفة البيئة التي ينتمون إليها. وأوضحت أن الحوار مع الأولاد هو أمر أساسي، فيجب أن يكون الأهل مرجعية لهم في حال أرادوا الكلام أو التعبير عما يعيشونه.

وفي المقابل، لفتت حلو إلى أن دور الأهل حماية أولادهم من أي سوء، ولكن للأسف، هناك بعض الحالات تقضي بحماية الأولاد من أهلهم، ومن هنا أهمية دور الدولة الأساسي في إنشاء جمعيات مثل “حماية الأحداث” التي تحمي الأولاد من أهلهم حين يكونون هم المجرمون، بحيث يكون لديهم إضطرابات نفسية وعقلية، لذلك يصبح هناك خطر على الأولاد وخطر بالتلاعب بهم.

قضية المراهقات القاصرات وفرارهم من منزل ذويهم قضية لا حدود لأسبابها، وتساؤلاتها ونتائجها. إذ أن كل عائلة تعيش وضعاً إجتماعياً- اقتصادياً مختلفاً. وفي هذه الأيام، الأوضاع العائلية باتت في أسوأ مستوياتها. فهل الوضع الاقتصادي للبلد أحد أهم الأسباب التي دفعت القاصرات إلى الهروب من المنزل؟ وهل نشهد المزيد من حالات الفرار والهروب للمراهقين؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us