باسيل الثالث ونصرالله الأول


أخبار بارزة, خاص 18 أيلول, 2023

“التّاريخ يعيد نفسه مرتيّن: مرّة تراجيديا ومرّة كوميديا”، ولكن مع رئيس التيار الذي صار يحمل عنوان “باسيل الثالث” سيدخل تعديل على هذا القول مفاده أنّه في زمن “نصرالله الأول”، الذي ما زال أميناً عاماً منذ 31 عاماً، سيعيد التاريخ نفسه “تراجيديا وكوميديا” في آن.

كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:

للمرة الثالثة على التوالي، جرى تكريس النائب جبران باسيل رئيساً لـ “التيار الوطني الحر”. وهو خاطب أمس مؤسس “التيار” الرئيس ميشال عون قائلاً: “جنرال، كل مرّة بوقف قدّامك، بشعر بهيبة الأمانة يلّي سلّمتني ياها بالـ 2015”.

في هذا المشهد “الدرامي”، جرى أمس حفل تسليم وتسلُّمٍ بين باسيل وباسيل الذي قال: “أجمل المعارك هي يلّي بتربحها من دون ما تخوضها”. وهذه الفكرة تحتاج لشرح. إذ كيف نتحدث عن “معارك”، وهنا المقصود الديموقراطية، من دون أن تكون هناك منافسات بين طامحين للوصول إلى المناصب كي يتم اختيار الفائزين من بينهم؟

من تابع النسخة الأولى من خطاب “الانتصار” الثالث لوريث الجنرال ميشال عون، وجد فيه الكثير من التصريح والتلميح إلى أنّ ربيب “تفاهم مار مخايل”، باقٍ على العهد الذي أوصل ميشال عون إلى قصر بعبدا عام 2016، أي في العام التالي لوصول باسيل إلى ميرنا الشالوحي.

كما يقال بالعامية ،التي استعملها باسيل، “بيستحلي” من تابع خطاب الأخير، أن يسمع كلمة عن “حزب الله” وسلاحه وتربعه فوق الدولة. وعندما ذكر باسيل “الحزب” بالاسم وبـ “المنيح” هو عندما قال: “الأولويّات الرئاسية هي خارطة إنقاذ. تعوا نتحاور فيها ونلتزم بشو منتّفق عليه، مثل ما عم نعمل مؤخراً مع حزب الله”.

وكيفما تطلع المرء إلى باسيل الثالث يجد أنّ “الحزب” خارج التساؤل. ومن نماذج عناية رئيس “التيار” بحليفه في حارة حريك قوله: “الحل المتكامل بيعني دولة مركزية قوية بنظام لامركزي إداري ومالي…”. لكن أين الدولة المركزية القوية التي تمتلك حصرية السلاح؟

ويقول باسيل أيضاً: “من دون هالخطوة الإصلاحية (لامركزية إدارية ومالية) لا يمكن تحقيق المشاريع الكبيرة”، كالمطارات والمرافئ وغيرهما. لكنّ باسيل لم يشر إلى المطارات العسكرية الّتي باشر “الحزب” بإنشائها كي تكون على غرار مطارات سوريا هدفاً لصواريخ إسرائيل. من دون أن ننسى أنّ مطار رفيق الحريري الدولي نافذة لبنان على العالم، تتهدّده أخطار توريطه بأعمال “الحزب” غير المشروعة على كلّ المستويات. أمّا مرفأ بيروت الذي كان لؤلوة المتوسط في الزمن الجميل فقد صار خراباً في الزمن الكئيب، وتحوّل قاضي التحقيق في انفجاره في 4 آب 2020 إلى مشروع لـ “القبع” كما هدّد “الحزب”.

بعد كلّ هذه التجارب التي قادت لبنان إلى الخراب، ما زال باسيل بصفته الوريث الأوحد لـ “التيار” العوني يمضي على طريق مؤسِّسه. هذه الطريق عنوانها: “السلاح لـ “حزب الله” والسلطة لـ “التيار”. لكن، ما يتجنب باسيل الإشارة إليه من قريب أو بعيد، هو أنّ لبنان، لن تقوم له قيامة، ما دامَ “حزب السلاح” خارج الدولة. وكم كان باسيل ساذجاً أو مراوغاً، لا فرق، عندما سأل: “وين موقع لبنان بالمنافسة الدولية المفتوحة بين مشروعين استراتيجيين: طريق الحرير بقيادة الصين من آسيا باتجاه المتوسط وأوروبا، والممّر الأخضر بقيادة أميركا من الهند للخليج للمتوسّط وصولاً لأوروبا”؟

لو أراد باسيل استخدام العقل وليس التذاكي، لكان أدرك أنّه بعد اتفاق الطائف ودخول لبنان معترك مشروع الإعمار، طرح السؤال السابق نفسه شكلاً، لكنّه كان بمضمون مختلف، هو: “هل يسلك لبنان طريق هانوي (في اشارة إلى حرب فييتنام)؟ أم يسلك طريق سنغافورة (الجزيرة الأشهر في جنوب شرق آسيا، وهي رابع أهم مركز مالي في العالم)”؟

ما استوجب طرح السؤال السابق، هو أنّه ومنذ نهاية حرب لبنان، عام 1989، إستثنى نظام حافظ الأسد سلاح “حزب الله” من قائمة المليشيات بذريعة “تحرير الجنوب”. ومنذ 34 عاماً، بقي هذا السلاح غير منزوع.

وقبل أن يطلّ باسيل بما أطلّ به بالأمس، كانت هناك إطلالة لنائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم قال فيها أنّ “المقاومة ستبقى قوية بثلاثية الجيش ‏والشعب والمقاومة وستزيد من قوَّتها وتسلُّحها وجهوزيتها وستكون مستعدّة لأيّة مواجهة إذا ما ‏فرضتها “إسرائيل” ولن تؤثّر فينا أصوات التوتر العالي في كشف لبنان أو إخضاعه للأجنبي”، ونقطة على السطر.

لن يتأخر الوقت، ليتبيّن مجدداً “أنّ التّاريخ يعيد نفسه مرتيّن: مرّة تراجيديا ومرّة كوميديا” وفق القول المشهور. لكن مع رئيس “التيار” الذي صار يحمل عنوان “باسيل الثالث” سيدخل تعديل على هذا القول مفاده أنّه في زمن “نصرالله الأول”، الذي ما زال أميناً عاماً منذ 31 عاماً، سيعيد التاريخ نفسه “تراجيديا وكوميديا” في آن.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us