طبول الحرب على لبنان قرعت ليل السبت.. قرار فجائي غيّر المعادلة!


أخبار بارزة, خاص 25 تشرين الأول, 2023

منذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض وإحدى أبرز أهدافه عدم الإنزلاق إلى حروب في المنطقة لأن الرؤية والمصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة تتطلب التركيز أكثر على صراع القوى الكبرى في العالم ولا مصلحة أميركية للإنزلاق مجدداً في وحول الشرق الأوسط.

كتبت شهير إدريس لـ”هنا لبنان”:

كان ليل السبت الفائت موعداً محدداً للغزو البري الإسرائيلي على غزة والتي كانت ستفتح معها الوضع الأمني في لبنان على جميع الإحتمالات، لا سيما تدخل وتصعيد حزب الله على الحدود الجنوبية وإمكانية شنّ حرب لن يسلم لبنان من شظاياها، بحسب مصادر دبلوماسية غربية لموقع “هنا لبنان”. وقد أبلغت السفارات الأجنبية وأبرزها السفارة الأميركية بشكل يومي ومكثف رعاياها بضرورة ترك لبنان فوراً، كما أبلغ حزب الله مسؤولين لديه بضرورة إخراج عائلاتهم من الضاحية الجنوبية والجنوب إلى مناطق آمنة بعد أن نزح قرابة 19 ألف شخص بحسب أرقام الأمم المتحدة، كما أنذرت مؤسسات أميركية في لبنان موظفيها وعملت على استئجار فنادق لهم في منطقة فاريا والمناطق الجبلية البعيدة عن العاصمة إضافة إلى خيار آخر وهو نقلهم مع عائلاتهم إلى قبرص. وبحسب المصادر فإن الكثير من المواطنين خرجوا من هذه المناطق ليل السبت كما غادر العديد من الرعايا الأجانب بعد تحذير سفاراتهم عبر مطار رفيق الحريري الدولي. وهذا ما أكدته أيضاً صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية نقلاً عن مسؤولين في إدارة بايدن قالوا أن 600 ألف من مواطني الولايات المتحدة الذين يعيشون في لبنان وإسرائيل يشكلون مصدر قلق لهم، وعملية إجلائهم تمثل أسوأ سيناريو على خلفية الحرب البرية الإسرائيلية على غزة. إلا أنّ الهجوم البري الذي كان مقرراً قد تم تأجيله لأسباب عدة أبرزها بحسب المصادر الدبلوماسية الضغط المتعلق بموضوع الرهائن الإسرائيليين في غزة والذي يعتبر الأشد أهمية للرئيس الأميركي جو بايدن، ومسألة إكتمال مشهد الوجود الأميركي في البحر المتوسط عبر ترسانة عسكرية ضخمة لتكون رادعاً للعديد من البلدان وأهمها الصين وروسيا. أما العامل السياسي الذي فرمل العملية فتمثل بعدم رغبة إدارة الولايات المتحدة ورئيسها جو بايدن بتنفيذ سيناريو الإجتياح البري لقطاع غزة الذي يمثل قلقاً كبيراً بالنسبة له ومنع “الكابوس” كما يصفونه بعد الضغط الداخلي ورد الفعل الدولي المتصاعد والخلافات الداخلية الإسرائيلية لا سيما بين الحكومة والجيش، وكذلك بما جرى طرحه في “مؤتمر القاهرة” حول دخول قوات دولية وعربية إلى غزة لفرض نوع من الوصاية الأممية إضافة إلى الحديث عن أنّ ما ستأخذه إسرائيل في الحرب يمكن أن يُعطى لها في حال التسوية عبر تحقيق السلام.

ووفق كبير الباحثين لدى معهد الشرق الأوسط في واشنطن فراس مقصد لموقع “هنا لبنان” فإن القرار الأميركي بضرورة تأجيل الحرب البرية على غزة لما لها تداعيات خطيرة وتحاول الولايات المتحدة التأثير على مجريات الأمور في المنطقة عبر طريقتين:

أولاً: عبر وجود الأساطيل الأميركية على شواطئ البحر المتوسط والتي تعتبر رسالة ردع واضحة من خلال التحركات العسكرية.

ثانياً: عبر التحركات الدبلوماسية.

ويعتبر مقصد أن الطريقتين تهدفان إلى عدم اتساع رقعة الحرب في المنطقة لأن أولويات الإدارة الأميركية وعلى رغم الضوء الأخضر الواضح لإسرائيل للقيام بالإجتياح البري كان عبر تأجيل هذا الإجتياح والتقليص من بقعته على الأرض وإرتداداته، إضافة إلى محاولة مراعاة الأمور الإنسانية من خلال فتح ممرات آمنة وكذلك شراء الوقت للتحضير للهجمات المحتملة على المصالح الأميركية في المنطقة. وأضاف مقصد بأن “الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل من أجل تأجيل التوغل البري لمصلحة المفاوضات التي تتعلق ببعض الرهائن الأميركيين والأجانب” ولذلك فإن الضغط الأميركي يتمثل بالإتجاهين نحو إسرائيل لحظر إتساع نطاق النزاع، وبإتجاه لبنان وحزب الله من خلال عملية الردع إضافة إلى الرسائل لليمن وسوريا والعراق وحزب الله بالدفع لعدم الإضرار بالمصالح الأميركية في المنطقة.

وحول الدور الإيراني يؤكد مقصد أن ما حصل في غزة شكل إنتكاسة للولايات المتحدة فيما إيران هي الرابح الأكبر بالنقاط لجهة فرملة عملية التطبيع مع السعودية، وإيران من خلال “حماس” نجحت في تحقيق ذلك، مشيراً إلى أنه منذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض وإحدى أبرز أهدافه عدم الإنزلاق إلى حروب في المنطقة لأن الرؤية والمصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة تتطلب التركيز أكثر على صراع القوى الكبرى في العالم وأهمها روسيا والحرب على أوكرانيا والقارة الأوروبية إضافة إلى التنين الصيني والمبارزة على مصير تايوان. لذلك لا مصلحة أميركية للإنزلاق مجدداً في وحول الشرق الأوسط. ويرى مقصد أن إيران لديها مصلحة أيضاً أن تبقى الأمور على حالها وعدم الدخول في مبارزة مباشرة مع الولايات المتحدة والغرق كذلك في وحول الشرق الأوسط وإتساع العمل العسكري تحضيراً لمواجهة مباشرة فالحرب اليوم بحسب مقصد هي حرب أميركية إيرانية لكن بالوكالة.

وعلى الرغم من إصرار مسؤولي إدارة بايدن على أن الولايات المتحدة لم تخبر إسرائيل بما يجب عليها فعله وما زالت تدعم الغزو البري، فإنه بحسب مقصد علينا الانتظار لرؤية ما إذا كان الإسرائيلي والأميركي من خلفه قد نجحا في جعل إيران تدفع ثمناً باهظاً في الحرب في المنطقة، وإذا نجح الإسرائيلي في تفكيك البنية العسكرية لحماس كما توعد فسيكون هذا ثمناً غالياً على إيران أن تدفعه في المنطقة.

وعلى الصعيد اللبناني أشارت مصادر سياسية مطلعة لموقع “هنا لبنان” أن المعلومات عن حصول حدث كبير ليل السبت الأحد كان مؤكداً من قبل الأميركيين وقد وصلت إلى عدد من السياسيين اللبنانيين من المعارضة والممانعة، ولكن ضغوطات لم تعرف ماهيتها بعد قد حصلت في آخر لحظة مما أدى إلى تغيير المعادلة. وأضافت المصادر أن الضغط الذي حصل في جنوب لبنان عبر تكثيف العمليات العسكرية والضغط الدبلوماسي والشعبي في الدول الغربية ومسألة الرهائن الذين يحملون الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية ويصل عددهم إلى خمسين، عمل على إعادة حسابات الولايات المتحدة بشأن عدم القدرة على فتح جبهتين في ظل التكتيكات العسكرية الجديدة التي يتبعها حزب الله وحركة حماس التي ما زال عناصرها داخل المستوطنات، فيما الكثير من الجنرالات الإسرائيليين لا يريدون حرباً مع حزب الله.

وأشارت المصادر إلى أن قواعد الاشتباك سيتم تثبيتها وستبقى العامل الأبرز من أجل استنزاف الجيش الإسرائيلي وعدم تجميع قدراته باتجاه غزة مع عدم استبعاد ضربة عسكرية كبيرة في غزة ولبنان قبل أي تسوية كبرى.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us