“الحزب” يعلن “الانتصار” الذي سينهي “حماس”


خاص 6 تشرين الثانى, 2023

بدا تنصّل نصرالله في خطابه الأخير من العلم المسبق بالعملية مفهوماً، لكن ما ليس مفهوماً حتى الآن هو تبرير نصرالله تعليق العمل بـ “وحدة الساحات” ليحلّ مكانها “جبهة تضامن ومُساندة لغزة”.

كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:

كانت هناك حاجة ماسة لكل التحضيرات التي رافقت إطلالة الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصرالله يوم الجمعة الماضي. فما قاله في خطابه التبريري لعدم الانخراط في حرب غزة احتاج من “الحزب” ترتيب حشد كبير من المناصرين في الضاحية الجنوبية لبيروت، كما لو أنّ نصرالله في صدد الإعلان عن فتح جبهة الجنوب على مصراعيها. فيما كان القرار هو تغطية قرار الانسحاب من الحرب بطريقة لا يبدو معها قرار هزيمة.

بالطبع، لن يجاهر نصرالله بهذا المضمون الفعلي لما قاله في الثالث من الشهر الجاري. لكن ما بدأت أجهزة “الحزب” عمله بعد “الاحتفال التكريمي للشهداء الذين ارتقوا على طريق القدس”، وهو اسم المناسبة التي أطل فيها نصرالله، هو شرح لماذا خرجت هذه المنظمة من ساحة الحرب. وفي مقال أورده موقع “العهد” الإلكتروني التابع لـ “الحزب” حفل بالمبررات التي تشير إلى “انتصار غزة”، معدداً ما أسماه “مؤشرات ونتائج” لبلوغ هذا “النصر”. وفي مقدمة هذه “المؤشرات” قول موقع “الحزب” الإلكتروني “إخلاء المستوطنين من كافة المستوطنات في غلاف غزة ومستوطنات الشمال بفعل صواريخ وضربات المقاومة التي لم تتوقف ساعة واحدة”.

ويسرد الموقع بعد ذلك، “مؤشرات” إضافية على غرار “نصب خيام لهؤلاء المستوطنين في منطقة إيلات، وتوقف الدراسة في الكيان من الشمال إلى الجنوب، وفرار عدد كبير من أصحاب جوازات السفر الدولية، وإغلاق غالبية المطارات، ودخول غالبية المستوطنين إلى الملاجئ، وتوقف كلي للسياحة الداخلية والخارجية وإغلاق عدد من الشركات وإعلان إفلاسها”.

ومن هذه “المؤشرات” وما شابهها، يصل موقع “العهد” إلى القول: “أنّ جيش الاحتلال الذي لم يستطع منذ هزيمته في العام 2006 أن يرمم صورته وقوته، لن ينجح في تحقيق ذلك أمام مقاومين فلسطينيين واثقين بقدرتهم على إلحاق الهزيمة به على أرض قطاع غزة رغم الدمار والحصار”.

للوهلة الأولى، يخيّل للقارئ اللبناني أنّ ما يقوله “حزب الله” عن نتائج حرب غزة، يدور حول لبنان وما حلّ به من تداعيات حتى الآن بسبب هذه الحرب نتيجة قرار “الحزب” فتح جبهة محدودة من المواجهات على امتداد الحدود الجنوبية. وهذا ما أغفله نصرالله في خطابه الأخير، كما تجاهلته ولا تزال وسائل “الحزب” الإعلامية. إذ أنّ ما مني لبنان به من خسائر يحتاج إلى مساحات واسعة من الكتابة، وهو ما يجب التركيز عليه بأدقّ التفاصيل.

في أي حال، قرر نصرالله أن يبرّر الأحوال التي صارت إليها نظرية “وحدة الساحات” الإيرانية بعد السابع من تشرين الأول الماضي. ففي ذلك اليوم، قامت حركة “حماس” في غزة بما لم يقم به “حزب الله” في تاريخه منذ العام 1983. لكن ما أنجزته الحركة فجر ذلك اليوم بدا على أنه يتطلع إلى “الشهادة”. أما “النصر” فأمر آخر، ستقرره وقائع كبرى جارية، يصعب على منفذي هجوم 7 تشرين الأول الماضي تقديره مسبقاً. من هنا بدا تنصّل نصرالله في خطابه الأخير من العلم المسبق بالعملية مفهوماً. لكن ما ليس مفهوماً حتى الآن هو تبرير نصرالله تعليق العمل بـ “وحدة الساحات” ليحلّ مكانها “جبهة تضامن ومُساندة لغزة”، كما قال نصرالله. وعلى وقع سقوط نظرية “وحدة الساحات” التي لا يبدو أنها ستعود إلى الحياة، دخلت حرب غزة مساراً استشرفه عن بعد رئيس المكتب السياسي لـ “حماس” في الخارج خالد مشعل عندما صرّح بعد اشتداد الحرب قائلاً: “حزب الله وإيران قدموا لنا السلاح والدعم ونطلب المزيد”. وأثار موقف مشعل انتقادات واسعة في أوساط “حزب الله”. وتحدث معلومات أن “درجة الاستياء كانت عالية جداً وفعلت فعلها” جراء كلام مشعل. وأشارت إلى أن قيادة “الحزب” ما تركت مناسبة إلا وجاهرت بالشكوى مفصحة عن “غضب بالغ” من هذا الكلام المقرون بهذا الاتهام في هذا التوقيت بالذات.

بالعودة إلى موقع “العهد” وما نقل عنه في مستهل هذا المقال. فهو يقول: “تقديرنا بأنّ فصل الختام لهذه الحرب سيكون شبيهاً بفصل البداية الذي بدأته المقاومة بعملية طوفان الأقصى. وسينهض في نهاية العدوان شهيد من تحت الركام رافعاً شعار النصر أو ناجياً يهتف للمقاومة”. لنتخيّل أنّ “شهيداً”، وليس أحد الأحياء، هو من سيرفع شارة النصر!

أما نصرالله نفسه، وفي خطابه الأخير، فيقول أيضاً: “يخرج ‏الناس من تحت الأنقاض في غزة ويقولون فداءً للمقاومة”. فهل ما قاله نصرالله ويستمر “الحزب” في قوله عبر آلته الإعلامية الضخمة، هو من أجل تبرير نهاية “وحدة الساحات” وبدء نهاية مشروع إيران التوسعي في المنطقة؟ وأيضاً للقول: “وداعاً حماس؟”

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us