ميقاتي يصف “الحزب” بداعية “سلام”!


خاص 13 تشرين الثانى, 2023
ميقاتي

في اللقاء الذي جمعه مع نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي على هامش قمة الرياض، قال ميقاتي أنّ “الحزب” يعمل على “بذل الجهود لخلق وإحلال السلام والطمأنينة لشعوب المنطقة”. فهل هناك معطيات دفعت ميقاتي إلى وصف “الحزب” بما وصفه به؟


كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

لم يسبق لأحد أن قال عن “حزب الله” أنه يعمل على “بذل الجهود لخلق وإحلال السلام والطمأنينة لشعوب المنطقة”، لكنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قال ذلك. وكانت المناسبة التي أعلن فيها الأخير هذا الكلام، هي اللقاء الذي جمعه مع نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي على هامش القمة العربية والإسلامية الأخيرة في الرياض.
فهل هناك معطيات دفعت ميقاتي إلى وصف “الحزب” بما وصفه به؟ من ناحية نصرالله، فهو في إطلالته الأخيرة، التي أتت في وقت واحد مع القمة، لم يأتِ مرة واحدة على ذكر “السلام”. وبالعودة إلى عقود من السنين التي مرت منذ أن أصبح نصر الله أميناً عاماً لـ “الحزب” لم تأتِ مناسبة وظهر فيها الأخير مهتماً بـ “السلام” سواء في لبنان أو المنطقة. من هنا لا بد من السؤال مجدداً عن معطيات ميقاتي التي نقلت الميليشيا التي أسسها الحرس الثوري الإيراني بعد غزو إسرائيل للبنان عام 1982 من ضفة الحرب إلى ضفة السلام؟
وقبل محاولة الإجابة على هذا السؤال، لا بد من الإشارة إلى أنّ تصريح ميقاتي حول “حزب الله” ورد حرفياً في وكالة الأنباء الإيرانية (ارنا). لكن الوكالة اللبنانية الرسمية للإعلام، لم تنشره، بل اكتفت بما صرّح به رئيس الحكومة لقناة “الجزيرة” التلفزيونية القطرية، فوصف “الحزب” بأنه “يتصرف بوطنية عالية ومطمئن لعقلانيته”.
في المقابل، أتى مديح ميقاتي لنصرالله في أحرج الأوقات التي يمر بها لبنان. فبسبب “حزب الله”، ينزلق لبنان إلى حرب رهيبة بدأت تشتعل من 8 تشرين الأول الماضي عندما قرر “حزب الله” فتح القتال في الجنوب لمناصرة حركة “حماس” في الحرب التي تخوضها ضد إسرائيل في قطاع غزة. وبالعودة إلى خطاب نصرالله الأخير، يوم السبت الماضي، ظهر الأخير كقائد عسكري بكل ما في الكلمة من معنى. فهو راح يشرح بأدق التفاصيل نوعية الأسلحة التي يستخدمها “الحزب” ضد إسرائيل الآن. ومن هذه الأسلحة “صاروخ البركان والذي تبلغ زنة المتفجرات الموجودة فيه ما بين 300 كيلو إلى 500 كيلو يعني نصف طن”، والكلام لنصر الله.
لا بد أنّ هناك التباساً وقع فيه ميقاتي يتطلب تدخل مكتبه الإعلامي. حتى أن الرئيس الإيراني الذي التقاه، لم يصدر عنه أيّ إشارة إلى أنّ “الحزب” مهتم بالسلام. بل على العكس، قال رئيسي أنّ “حزب الله” بصفته “مقاومة” ذاهب إلى الحرب وليس عائداً منها. وخلال لقائه ميقاتي، صرّح رئيسي، كما نقلت وكالة (ارنا) قائلاً: “إنّ أساس المقاومة هو الردع ومنع عدوان الأعداء”. وأكّد “أنّ إجراءات المقاومة الإسلامية – حزب الله – مبنية على الحكمة والعقلانية، لكن الكيان الصهيوني ليس له منطق ولا يفهم سوى لغة القوة”.
إذا ما جرت المفاضلة بين توصيف ميقاتي لـ “حزب الله” وبين أوصاف رئيسي، لتبيّن أنّ هناك مسافة شاسعة. لكن ما يحسم المفاضلة هو نصرالله الذي قال في خطابه الأخير أنّ “الموقف العام في لبنان المُتفهّم لما تقوم به المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان باستثناء بعض الأصوات والمواقف التي إذا ما قيست لمجموع الموقف السياسي اللبناني والشعبي هي أصوات حقيقةً شاذة وقليلة ومحدودة”.
إنّ أي مراقب، لو تابع كلمة ميقاتي أمام قمة الرياض، سيعتبر أنّ “التزام لبنان القرار 1701″، كما جاء في الكلمة يجب إدراجه ضمن “أصوات حقيقةً شاذة وقليلة ومحدودة” كما قال نصرالله. فهذا القرار يناقض كلياً ممارسات “حزب الله” في الجنوب. ففي هذا القرار بنود صريحة تحظر وجود “الحزب” وأسلحته في منطقة عمليات القرار التي تقع بين نهر الليطاني شمالاً والحدود مع إسرائيل جنوباً.
هل سيدرك ميقاتي إلى أي مدى ذهب في موقفه الذي أغدق فيه المديح لمنظمة عسكرية تابعة لإيران لا تمت للدولة اللبنانية بأية صلة؟ على ما يبدو إنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال اتكل على أنّ أحداً في لبنان لا يتابع ما ينشر في وسائل إعلام النظام الإيراني، فهو ولهذه الغاية اعتمد على موقع إلكتروني تابع له مباشرة ليصف اجتماعه بنظيره الإيراني بأنه “لقاء بارز”. ونقل الموقع عن رئيسي تأكيده لميقاتي “أنّ المقاومة مستقلّةٌ بالقرار والعمل ولا تتلقّى الأوامر من إيران”.
من يصدق أن لا صلة لـ “حزب الله” بـ “إيران”؟ الخشية كل الخشية أن يكون ميقاتي من هؤلاء المصدّقين. وإذا لم يكن كذلك، فمن المهم أن يوضح موقفه عاجلاً، حفاظاً على ما تبقى من موقف رسمي في بلد صار فيه “حزب الله” غير الرسمي الآمر الناهي.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us