ملف النزوح عاد ليتصدر المشهد مع نزوح كثيف من الجنوب.. وداتا النازحين السوريين ستُسلّم قريباً


خاص 15 تشرين الثانى, 2023
النازحين

أزمة النزوح اللبناني من المناطق الحدودية، إذ نزح أكثر من 19 ألف شخص جراء التوترات على الحدود الجنوبية، أزمة مستجدّة تضاف إلى الأزمة الرئيسية ألا وهي مسألة النزوح السوري والذي يغطي نحو ألف منطقة في لبنان من أصل 1050 منطقة لبنانية


كتبت شهير إدريس لـ”هنا لبنان”:

في الوقت الذي كان فيه ملف النزوح السوري على رأس المطالب السياسية مع الموجة الجديدة وكثافة العبور غير الشرعي قبل حرب غزة وتداعياتها على لبنان، يتصدر اليوم ملف النزوح اللبناني من المناطق الحدودية المشهد إذ نزح أكثر من 19 ألف شخص جراء الحرب الدائرة وفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، فيما يغيب النزوح السوري بشكل واسع عن التداول.
هذا النزوح الذي يتوزع على كافة المناطق اللبنانية يشكّل عبئاً جديداً على الدولة اللبنانية بعد أن لجأ آلاف من النازحين إلى مدارس ومراكز إيواء في مدينة صور فيما يتوزع الباقي في منازل مستأجرة أو لدى الأقارب والأصدقاء في بيروت والشوف وجبل لبنان وصولاً إلى الشمال وعكار. وتروي السيدة إسراء وهي إحدى النازحات مع أطفالها لموقع “هنا لبنان” مدى صعوبة الإنتقال للاحتماء من القصف لدى أقاربها في البقاع وقالت إنّ الوضع الإقتصادي والمالي الصعب لم يمكنها من استئجار منزل مستقل، متمنيةً العودة إلى قريتها الجنوبية ولكنها مضطرة للبقاء لدى أقاربها خوفاً على أولادها من مصير مجهول، أو الموت على الطرقات كما حصل مع فتيات بلدة عيناتا اللواتي استشهدن مع جدتهن بغارة إسرائيلية طالت سيارتهن.
هي أزمة مستجدة تضاف إلى الأزمة الرئيسية ألا وهي مسألة النزوح السوري والذي يغطي نحو ألف منطقة في لبنان من أصل 1050 منطقة لبنانية. وعلى الرغم من طغيان أخبار حرب غزة وجنوب لبنان على الإعلام إلا أنّ الخبر الأبرز بحسب مصادر أمنية لموقعنا هو توقيف العديد من النازحين السوريين في بلدات جنوبية بعد اكتشاف تعاملهم مع العدو الإسرائيلي وإعطاء إحداثيات حول وجود مراكز الجيش وحزب الله في المناطق الحدودية. وكان الحزب يستشعر خطر النازحين عليه بشكل كبير جداً في الآونة الأخيرة بعد التغلغل في مناطقه وتخوفه من خروقات أمنية لا يمكن ضبطها.
كما تنشط ظاهرة سرقة الزيتون وقطع الأشجار من قبل النازحين السوريين الذين يستغلون الأوضاع الأمنية، والتي اعتبرتها وزارة الزراعة ظاهرة خطيرة تهدد الاقتصاد اللبناني والبيئة الطبيعية وتتطلب محاسبة المعتدين. إضافة إلى استمرار دخول السوريين خلسة إلى لبنان والذي لا يزال على حاله على الرغم من الإجراءات التي يتخذها الجيش والقوى الأمنية عند الحدود. ويصدر الجيش والقوى الأمنية بيانات متلاحقة حول مكافحة عمليات تهريب الشباب من سوريا إلى لبنان وتوقيف مئات الأشخاص براً وبحراً.
وبانتظار حصول لبنان على الداتا المتعلقة بأعداد السوريين الحقيقية والتي تزيد عن مليون ونصف نازح أكدت مصادر أمنية رفيعة تتابع هذا الملف لموقع “هنا لبنان” أنّ الأجواء إيجابية وخلال فترة وجيزة سيتم تسليم الداتا إلى الجهات المعنية، مشيرة إلى أنّ هناك اتفاقاً مع الأمم المتحدة حول هذه المسألة وأنهم ملزمون بكل القرارات والمعاهدات الموضوعة وبتطبيق الإتفاق المبرم مع الدولة اللبنانية التي تحترم بدورها هذه القرارات والمعاهدات وتقوم بواجباتها على أكمل وجه التزاماً بالقوانين الدولية لا سيما في الموضوع الإنساني وعبر معاهدة مناهضة التعذيب.
ولفتت المصادر إلى أنّ السوريين أبدوا استعدادهم للتعاون في مواضيع يقدرون عليها، فهناك خطوات عملية قد تقوم بها السلطات السورية ومنها خفض خدمة العلم إلى ستة أشهر، لا سيما أنّ النازحين السوريين يتجنبون العودة تحت وطأة محاسبتهم لتغيبهم عن خدمة العلم.
وكشفت مصادر ديبلوماسية لموقع “هنا لبنان” أيضاً أنّ الداتا ستسلم للبنان في وقت قصير قد تكون نهاية الشهر الجاري للإستثمار فيها بعد وضع خارطة طريق لحلٍّ مستدامٍ يطالب به لبنان كل الموفدين الأمميين والعاملين في مفوضية اللاجئين إضافة إلى مطالبة لبنان بالالتزام بالإتفاق الموقع بين الجانبين سابقاً.
وقد فتحت زيارة وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب الأخيرة إلى سوريا، على رأس وفد ضم المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، الباب الموصد أمام هذا الملف الشائك لكنها لم تحقق المطلوب منها. ولا تزال العقبات تواجه هذا الملف بسبب مواقف المجتمع الدولي بعدم عودة النازحين الطوعية الى بلدهم إلا بعد إيجاد حل سياسي إضافة إلى الموقف السوري الذي يبدي انفتاحه لعودة النازحين لكنه في نفس الوقت يعاني من أزمة إقتصادية لا يمكن بفعلها تطبيق العودة، ويطالب السوريين بمساعدتهم من قبل المجتمع الدولي والدول العربية على إعادة إعمار القرى المدمرة من أجل تحقيق عودة النازحين. وهو ما أكده وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في البيان الذي صدر عن الإجتماع الثنائي المشترك بأن سوريا ترحب بجميع أبنائها وتتطلع لعودتهم وهي تبذل قصارى جهدها بالتعاون مع الدول الصديقة والشركاء في العمل الإنساني.
وكشفت مصادر مشاركة في الإجتماع أنّ أكثر من مسألة مهمة تم بحثها وأبرزها أن تدفع أموال الأمم المتحدة والمساعدات للسوريين في سوريا وليس في لبنان، مشيرة إلى أنّ الإجتماع الذي عقد مع الممثل المقيم للأمم المتحدة وشؤون اللاجئين في سوريا كان الأهم إذ تم التأكيد من قبله على أن الكثير من المناطق في سوريا تعتبر آمنة، وقد عبروا عن ذلك في جنيف عبر السماح بالتنقل في سوريا ووضع مشاريع التعافي المبكر وتنفيذها مباشرة. ولفتت المصادر إلى أن الزيارة حققت نوعاً من الإنفتاح وقد تتخذ الحكومة قراراً لزيارة ثانية إلى سوريا لترجمة التجاوب السوري مع المطالب اللبنانية التي تمحورت حول التنسيق في الشؤون الأمنية والقضائية ومنها ضبط الحدود ومسألة المساجين السوريين في لبنان بعد إستتباب الأوضاع الأمنية.

أزمة النزوح السوري واللبناني قد تلقي بظلالها الخطيرة في حال التصعد على الحدود الجنوبية، وقد تأخذ منحىً أمنياً وإنسانياً صعباً في ظل خطة طوارئ وضعتها الحكومة العاجزة على مساعدة اللبنانيين، وقد لا تنفع بعد تهديد المجتمع الدولي والدول العربية بعدم مساعدة لبنان في حال دخوله في مثل هذه الحرب.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us