“الحزب” يبيع باسيل بالنقاط


خاص 4 كانون الأول, 2023

يتّكل باسيل على الحزب كي يحقّق مراده في معركة إسقاط تمديد ولاية قائد الجيش، ولكن حتى الآن لم يقل الحزب أنه سيؤازر التيار الباسيلي في هذه المعركة


كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

ذهب رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بعيداً في اعتراضه على التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون. لم يراعِ في اعتراضه هذا، اللياقات الديبلوماسية، كما فعل في اللقاء الأخير مع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان. ولم يتأخر في رفع سقف اعتراضه، فكلّف وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم كي يصعد إلى بكركي ليقول: “لا تمديد للعماد عون ونقطة على السطر”! علماً أنّ بكركي، قالت ولا تزال أنها مع التمديد. كما أنّ البطريرك الراعي لم يفته أمس في عظة الأحد أن يجدّد التحذير من “المسّ حاليًّا بقيادة الجيش”. وجدّد الدعوة إلى “تحصين وحدة الجيش وتماسكه، وثقته بقيادته، وثقة الدول به”.
لا يخفى على القاصي والداني، أنّ باسيل يتّكل على “حزب الله” كي يحقّق مراده في معركة إسقاط تمديد ولاية “القائد”. لكن حتى الآن، لم يقل “الحزب” أنه سيؤازر “التيار” الباسيلي في هذه المعركة. وكلّ ما يتردّد حول موقف “الحزب” هي معلومات من هنا وهناك. فإلى متى سيمضي باسيل في رفضه المفرط لبقاء العماد عون على رأس المؤسسة العسكرية؟
الجواب متوقع في النصف الأول من الشهر الجاري، عندما يعقد مجلس النواب جلسة عامة، وعلى جدول أعمالها اقتراح قانون تمديد ولاية العماد عون. وفي هذه الجلسة إذا انتهت بإقرار الاقتراح، فستكون نهاية المطاف لـ “الدون باسيل” الذي يشبه “الدون كيشوت” ليس من حيث الهضامة، ولكن من حيث الخيبات.
وقبل الوصول إلى هذه الخاتمة المأسوية للمواجهة التي يخوضها باسيل ضدّ قائد الجيش، لا بدّ من قراءة ظروف “حزب الله” الذي يشكل الحاضنة لـ”التيار”. فـ “الحزب” ينخرط حالياً في أخطر مواجهة في تاريخه، ليس ضدّ إسرائيل فحسب، وإنما ضدّ المجتمع الدولي والعربي تقريباً. وهذه المواجهة التي تحمل عنوان القرار 1701، تعني أنّ مشروع “الحزب” القائم على مواجهة إسرائيل هو على المحكّ. وكانت هذه المواجهة هيّنة لو اقتصرت على الأيديولوجيا، كما تفعل إيران صاحبة المشروع الأصلي. فالأخيرة ترفع شعار “الموت لإسرائيل” من على بعد 1724 كيلومتراً، وهي المسافة بين طهران وتل أبيب. لكن هذا الشعار لا يحمّل إيران أيّ تبعات. أما “حزب الله” فهو في وضع مختلف كلياً، لأنه في “فوهة المدفع” كما يقال، كما هي الحال الآن على الحدود الجنوبية. لذا، على “الحزب” في هذه المرحلة المعقّدة أن يكون حذراً في مواقفه، لا سيّما من تمديد ولاية العماد عون. وإذا كان هناك تأييد واسع داخلياً وخارجياً لهذا التمديد، فلماذا يتّخذ “الحزب” موقفاً معاكساً ضد قائد الجيش الذي لم يكن خصماً لـ “الحزب” في يوم من الأيام؟
مروّجو فكرة أنّ “حزب الله” سيقف إلى جانب باسيل في معركته ضدّ تمديد ولاية العماد عون، يتصرفون على أساس أنّ “الحزب” مرتاح إلى وضعه كليًّا. لكن وقائع الميدان الملتهب في الجنوب تقول العكس. حتى أنّ حجة ربط التمديد بالهجمة الدولية والعربية لتنفيذ القرار 1701، ما يؤدي إلى انسحاب “الحزب” من جنوب الليطاني، لا تقدم ولا تؤخر. إذ أنّ وجود الجيش بموجب القرار الدولي في المنطقة الحدودية لن يكون شكلاً ومضموناً ضدّ الضاحية الجنوبية. بل ما هو في منتهى الخطورة، أن تنزلق مواجهات الجنوب إلى حرب تؤدي إلى إلحاق هزيمة كاملة بـ “حزب الله”.
يجدر بباسيل أن يتمعن في الموقف الذي أعلنه نائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، في الذكرى السادسة والعشرين لتأسيس “السرايا اللبنانية”. فهو قال: “نحن مقتنعون أننا سنهزم إسرائيل لكن بالنقاط، ولا تعتقدوا أننا مستعجلون في ذلك. يقول البعض لماذا لا تبدأون الآن حربكم ضدّ إسرائيل على قاعدة (عليهم يا عرب)، نسألهم ماذا تعملون أنتم؟ أم تكتفون بالتنظير فقط؟ نحن معكم فكونوا أمامنا ونحن وراءكم (وراءهم حتى ندفنهم)”.
أما لماذا على باسيل أن يقرأ ويفهم موقف قاسم، فلأنّ “التيار” يتصرف على أساس أنه شريك “الحزب”، ما يعني أنّ الأمور تقف عند هذا الحد. لكن هذه الشراكة عملياً، لم تؤدِّ حتى الآن إلى تحريك جحافل الجناح العسكري في ميرنا الشالوحي نحو مواجهات الجنوب، وبذل الضحايا على “طريق القدس”.
ولأنّ شراكة الباسيلي مع “الحزب” لن تصل حدّ تقديم الأضحية البشرية، لجأ خليفة الرئيس ميشال عون السبت الماضي، خلال إطلاق فعاليات “البترون عاصمة الميلاد”، إلى إجراء “فحص دم” ذاتي. فهو كي يبرّر موقفه المتفرج على مواجهات الجنوب، قال:” كنّا أمام تحدٍّ كبير في ظل الحرب الدائرة في غزة. شعرنا بالمسؤولية لأنّ الحرب ليست على الأبواب وليست على الحدود… وهذا لا يعني أننا منفصلون عن الأحداث التي تحصل”. فهل كان باسيل بحاجة إلى كل هذا التبرير؟
في أيّ حال، عندما يبصر التمديد لولاية العماد جوزيف عون النور، يكون “حزب الله” عندئذٍ قد باع باسيل، حتى ولو صوّت ضدّ قرار التمديد. فوفقاً للشيخ نعيم قاسم وكلامه إنّ “الحزب” يخوض معاركه بالنقاط، من مقتضياتها أحياناً مبادلة الكلام بكلام.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us