“التنظيمات الإسلامية” والسيادة اللبنانية


خاص 9 كانون الأول, 2023

معظم الذين يدّعون أنهم يخوضون معركة نضالية ضد إسرائيل، إن لم نقل جميعهم، إسلاميون يرفعون شعارات إسلامية وكأنّ القضية الفلسطينية تخص فقط المسلمين، ما يخدم فقط ما تريده إسرائيل من تثبيتٍ لطابعها العنصري للمواجهة.


كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:

أعلنت حركة حماس مؤخراً عن إنشاء ما سُمّي بـ “طلائع طوفان الأقصى”، وهو تنظيم بطبيعة الحال مرادف واحتياطي لـ “حماس” في حركتها العسكرية والتعبوية تحديداً في لبنان، كما فعل غيرها قبلها، مثل “حزب الله” الذي أسس سرايا المقاومة أو أفواج الفجر للجماعة الإسلامية أو حتى قوات “فتح” وإن لم يكن طابعها إسلامياً بحتاً.
ولاقت تلك الخطوة حملة ردود فعل سلبية، باعتبار أنها أتت في الزمان والمكان غير المناسبين، أولاً لأنّ المواجهة التي لا تزال قائمةً مع إسرائيل نشأت أساساً بمبادرة من “حماس” نفسها عندما قامت في ٧ تشرين الأول الماضي بخطف عدد من الجنود الإسرائيليين وكانت الحصيلة حتى اليوم أكثر من 15 ألف فلسطيني ضحية لهذا الهجوم، وقدمت “حماس” بذلك هدية لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو المنهار كي ينقذ نفسه سياسياً وينقذ حكومته اليمينية الفاشية التي لا بديل عنها حالياً ضمن التركيبة السياسية الإسرائيلية إلا بالذهاب إلى انتخابات مبكرة. كما أن هذه المواجهة قد خرجت وتمددت إلى خارج فلسطين، وإلى لبنان طبعاً مقدِّمة حجة إلى إسرائيل كالعادة وإلى بعض اللبنانيين وبعض الفلسطينيين المقيمين في لبنان ليدّعوا أنهم يخوضون معركة نضالية ضد إسرائيل.. ومعظمهم، إن لم نقل جميعهم، إسلاميون ويرفعون شعارات إسلامية وكأنّ القضية الفلسطينية تخصّ المسلمين فقط. وهذا النهج لا يؤدي فقط إلى خدمة ما تريده إسرائيل من تثبيتٍ لطابعها العنصري للمواجهة في القضية الفلسطينية، وإنما يؤدي إلى شرخ طائفي وديموغرافي، يجعل الناس يشعرون أنهم ضحية لمواجهة لا قرار لهم فيها أو تصبح القضية الفلسطينية لا تعنيهم.
َوقد سبق أن حصلت اعتداءات على مؤسسات الدولة باسم “المقاومة” مثل اغتيال أربعة قضاة بدم بارد وهم على القوس قبل ٢٤ سنة في مدينة صيدا، عدا عن مشاكل أخرى ساهمت في تخريب النسيج الاجتماعي للمدينة المعروفة بأكثريتها السنية والتي يوجد فيها منذ عشرات السنوات ما يسمى “سرايا المقاومة” التابعة لـ “حزب الله”. وهذا ما مارسه ويمارسه هذا الحزب في صيدا والجنوب.
واليوم تحاول إسرائيل أن تتخلص من “قوة الرضوان” التابعة لـ “حزب الله” والتي تتمركز على خط الليطاني والتي تخالف القرار ١٧٠١ الذي يمنع تواجد قوات ميليشياوية وغير شرعية جنوب الليطاني. وهذا يدفع قوى وفاعليات، تحديداً مسيحية إلى اعتبار أنّ ما يجري ويعود بلبنان إلى ما قبل اتفاق الطائف وإلى المؤمنين بسيادة الدولة اللبنانية. ناهيك عما مارسته فتح في السبعينات وبداية الثمانينات في الجنوب وبيروت وسيطرتها على القرار اللبناني على إثر اتفاقية القاهرة التي تم التوقيع عليها في القاهرة بين الجيش اللبناني ومنظمة التحرير الفلسطينية عام ١٩٦٩.
واليوم بدأ النزف من الجنوب وبلغ النزوح نحو ١٠ آلاف مسيحي ما دفع البطريركية المارونية إلى التحرك والتوجه لأول مرة إلى الجنوب، فالزيارة التي قام بها البطريرك الماروني بشارة الراعي للتضامن مع الجنوبيين هي أيضاً للاعتراض على النهج الإسلامي الذي تتخذه المواجهة ويشكل اعتداءً على السيادة وعلى القرار اللبناني الحر ، ولذلك ترى قوى مسيحية متعددة أن إيران تقف وراء ما يجري.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us