بيروت الكبرى تختنق بازدحام السير والمخالفات سبب رئيسي “للعجقة”


خاص 18 كانون الأول, 2023

بعد الأزمة الاقتصادية، انخفضت نسبة السيارات التي تمر على الطرقات بمعدل لا يقل عن 40 بالمئة، فلماذا ما زال اللبنانيون يعانون من زحمة السير وهل هناك علاج لهذه الدوامة التي تزيد من معاناتهم اليومية؟


كتب جوني فتوحي لـ “هنا لبنان”:

في بيروت الإدارية وبيروت الكبرى من الضبيه إلى خلدة مروراً بكل الضواحي القريبة والبعيدة، اختناقات مرورية باتت تحول حياة سكان العاصمة إلى جحيم متواصل، كما تؤدي إلى استنزاف أعصابهم وأموالهم، التي تهدر جراء الاستهلاك المضاعف للوقود في أرتال السيارات المتوقفة، التي تنتظر دروها في العبور البطيء عبر الشوراع الرئيسية والفرعية.
يفاجئ هذا المشهد كل من يراقب الوضع الاقتصادي في لبنان، بعد الأزمة الإقتصادية والإنهيار. فالإحصاءات تدل على أنّ نسبة السيارات التي تمر على الطرقات انخفضت بمعدل لا يقل عن 40 بالمئة، وهذا يطرح السؤال الآتي: لماذا ما زال اللبنانيون يعانون من زحمة السير إذاً، وهل هناك علاج لهذه الدوامة التي تزيد من معاناتهم اليومية؟
الجواب لا تخطئه العين: من الأشرفية إلى الحمرا وراس بيروت، إلى المزرعة والطريق الجديدة، وطريق المطار وصولاً إلى أنفاق خلدة، ومن الحازمية إلى الدورة فجل الديب وأنطلياس وضبية، وفي جميع شوارع الضاحية الجنوبية، مخالفات “على مد عينك والنظر” وسيارات يركنها سائقوها “صف ثاني وأحياناً ثالث” بدون ضوابط أو رقابة وسط شبه غياب أمني، وتسجن أرتال السيارات خلفها بدون رحمة.

عبود: سيتم رفع السيارات المخالفة بالرافعات
في اتصالٍ مع محافظ بيروت، أكد القاضي مروان عبود لـ”هنا لبنان” أنّ التنسيق مع قيادة شرطة بيروت أفضى إلى توجه بمنع هذه المخالفات التي تؤدي إلى زحمة سير غير مبررة، وخصوصاً بالنسبة للمواطنين الذين يركنون سياراتهم “صف ثاني” في الشوارع الرئيسية والفرعية، وتمنى عبود على المخالفين الامتناع عن الاستمرار بهذا السلوك، لأنه يحدث ضرراً بحق أغلبية السائقين، كاشفاً عن اتجاه قوى الأمن إلى استعمال الرافعات لإزاحة السيارات المتوقفة في أماكن تعيق انسياب السير، ولفت من جهة ثانية إلى أنّ بعض المخالفين لم يعودوا يأبهون لتسطير محاضر الضبط بحقهم، بسبب قيمتها المتدنية. وأشار إلى أنه يكلف الشرطة البلدية تنفيذ مهمات تفوق طاقتها، داعياً كل الجهات للتعاون كي نسير أمور الناس في الفترة الصعبة التي يمر بها لبنان.

درويش:أصلحنا 60 بالمئة من الاشارات
أما رئيس بلدية بيروت عبدالله درويش فقد أشار إلى أن التعاون موجود بين البلدية والقوى الأمنية، لا سيما في فترة الأعياد .وعن تأهيل البنية التحتية، أشار درويش إلى أن البلدية أصلحت ما يقارب 60% من إشارات السير في معظم طرقات بيروت، والقسم الآخر سيتم صيانته قريباً، وهذا ما يشير إلى سير الجهود التي تقوم بها البلدية لتحسين حركة المرور، في الطريق الصحيح.

ماذا تقول قوى الأمن؟
من جهةٍ أخرى، أوضح مصدر أمني لـ”هنا لبنان” أن الوضع اليوم لا يختلف كثيراً عن ما كان عليه سابقاً. وتعليقاً عن تأثير إنخفاض عدد السيارات نسبةً لارتفاع أسعار المحروقات، أشار إلى أن القطاع العام عاود نشاطه على الطرقات، خصوصاً بعد التوازن الإقتصادي الذي تحقق، وبالتالي عادت الحركة، مضيفاً أن الطرقات لا تستوعب هذ العدد الكبير من السيارات، دون أن ننسى غياب النقل العام المنظم، وهذا يؤدي إلى زحمة السير بسبب اعتماد نسبة كبيرة من المواطنين على السيارات الخاصة.
وعن موضوع “الصف الثاني”، لفت المصدر نفسه إلى أن هذه نتيجة الأزمة، وهذا يعود إلى غياب النقل العام وبالتالي هناك مساحة محدودة لركن السيارات، ما يؤدي إلى ركن السيارات الأخرى “صف ثاني”. وأوضح أنّ معدل السيارات في لبنان، أكبر من معدل أي بلد صناعي، وهذا أمر غير مقبول، وهو ينتج عن تداعيات أزمة قطاع النقل، مشيراً إلى أنّ القوى الأمنية تدير الأزمة فقط ولا تملك أدوات حلها.
وأضاف المصدر أن 70% من المواطنين اللبنانيين يعتمدون النقل الخاص، فيما البلدان المتقدمة تعتمد على هذه الوسيلة بنسبة 20% فقط. وأشار إلى أن المخالفات غير رادعة، إذ تتراوح قيمة محضر الضبط بين 50 أو 100 ألف ليرة لبنانية، فيما قيمة الركن في “الباركينغ” تتراوح معدلاتها بين 200 أو 300 ألف ليرة، وهذا ما يدفع المواطن لركن سيارته “صف ثاني”.
وعن الخطة الموضوعة لموسم الأعياد، أشار المصدر الأمني إلى أنه كالعادة سيزداد عديد العناصر الأمنية على الطرقات، وهذا ما سيخفف قليلاً من زحمة السير.

في المحصلة، تعتبر أزمة السير التحدي الرئيسي الذي يستدعي اتخاذ إجراءات فعّالة لتحسين حركة المرور وتنظيمها. من خلال وضع خطة واضحة المعالم، بحيث يتم تخفيف الأزمة في العاصمة، ويتعين على المعنيين، أن يتّخذوا إجراءات جادة لتعزيز البنية التحتية، وتشجيع استخدام وسائل النقل العامة، وتعزيز ثقافة احترام قوانين السير. إن التنسيق بين القطاعين العام والخاص إضافةً إلى تفعيل التعاون بين السلطات المحلية وقوى الأمن، تشكل أهمية كبيرة تتمثل بتنشيط خطوات حيوية، نحو تحقيق تحسين شامل ومستدام في وسائل النقل في العاصمة بيروت، لكن يبقى الأهم قيام شرطة بيروت وكل الإدارات المعنية بواجبهم، على الرغم من أن رجال الأمن يعانون أسوة بكل موظفي القطاع العام من تدني رواتبهم، ومن ارتفاع كلفة المعيشة.
لكن بيروت وكل مدن لبنان تستحق أن تنعم بتنفيذ قانون السير، لاسيما وأنّ حل هذه الأزمة هو أحد الأسباب الرئيسية لتشجيع السياحة وتحفيز اللبنانيين في الإغتراب على القدوم الى لبنان، مع ما يعني ذلك من تنشيط للاقتصاد المنهار.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us