بين الغرم والغُنم


خاص 22 كانون الأول, 2023

التصعيد الخطابي يضع المنطقة أمام اتجاهين: وساطة ما تخفض التوتر، وإما انفجار يضع يمن الحوثيين على سكة التدمير، لتضاف إلى “كوكبة” الجماعات التي دمّرت تحت عنوان الثورة الإسلامية


كتب راشد فايد لـ”هنا لبنان”:

خطف بواخر النفط وغيرها في بحر الخليج العربي، والرد الأميركي بالدعوة إلى تشكيل قوة دولية بحرية، استجاب لها، للآن، ما يفيض على 10 دول، تذكر المخضرمين من المتابعين بحرب 1967، حين قرر الرئيس جمال عبد الناصر، أن يطلب إلى الامين العام للأمم المتحدة، حينها، يوثانت، عبر الجنرال ريكي قائد قوات الطوارئ الدولية، سحب جزء من هذه القوات.

رد الأمين العام الثالث للأمم المتحدة، عبر محمد عوض القوني المندوب المصري في الأمم المتحدة بأنه لا يمكن الانسحاب الجزئي للقوات الدولية، ولا يمكن دعوة الأمم المتحدة إلى الوقوف وقفة المتفرج في حال وقوع اصطدام، ولهذا “يجب أن يطلب الانسحاب التام لقوات الطوارئ من الأراضي المصرية أو يسمح لها بالبقاء في مراكزها الحالية”. في اليوم نفسه أعلن كل من المندوبين الهندي واليوغسلافي في نيويورك ليوثانت أنهما سيسحبان قواتهما التابعة للامم المتحدة استجابة لطلب من الحكومة المصرية. وفي 22 أيار أعلنت الحكومة المصرية أن مضائق تيران، وهي بوابة خليج العقبة ومدخله إلى البحر الأحمر، قد أغلقت في وجه الملاحة الإسرائيلية، ما أوصل، لاحقاً، إلى حرب نكسة 1967، وتضامن الغرب، وأتباعه، مع إسرائيل، بحجة أن المضائق البحرية في المنطقة، هي شرايين الإقتصاد العالمي كون النفط يأتي عبرها إلى الدول الصناعية الغربية تحديداً، وللعلم، يحظى العالم العربي بوجود خمسة ممرات مائية مهمة فيه، هي: جبل طارق (المغرب)، وقناة السويس (مصر)، وتيران (السعودية/المصرية)، وباب المندب (اليمن)، وهرمز (عمان). وتشكل هذه الممرات مع كل من: قناة بنما، وقناة كييل، ومضيق البوسفور، ومضيق الدردنيل، ومضيق بالك، ومضيق ماجلان، ومضيق برينغ، أهم الممرات المائية في العالم.

اليوم تعود أزمة المضائق في الخليج العربي إلى الواجهة، وفيما ترى غالبية دول العالم في ذلك أعمال قرصنة، يقول الحوثيون الذين ينفذونها أنها وجه من وجوه التضامن مع غزة التي تعيش تحت رحمة الدمار والتهجير والجوع. لكن قلة من الناس تقتنع بهذه الأقوال، فالنفط عصب الحياة في ظل البرد القارس الذي يعصف بأوروبا، ويؤشر إلى تفاقم حاجة العالم إلى هذه المادة، فيما تهديد أمن البحر الأحمر يرفع أسعارها.

يتصاعد مسلسل القرصنة الحوثية جنوب البحر الأحمر يوماً بعد آخر. فبعد سلسلة من الهجمات تحدثت مصادر غربية ويمنية، نهاية الأسبوع، عن محاولة الحوثيين قرصنة سفينة حاويات جديدة في البحر الأحمر. في حين تضغط واشنطن لتشكيل أوسع تحالف دولي لحماية الملاحة، بالتزامن مع غضب أوروبي جراء الهجمات وإدانتها، مع تحذيرات إيرانية من تشكيل التحالف البحري المرتقب.

وفيما تجمع واشنطن القوى الدولية لردع الحوثيين، وتبلغهم بلسان مبعوثها إلى اليمن تيم لندركينغ بأنه لن يتم التسامح مع المزيد من الهجمات، يتوعد وزير الدفاع الإيراني محمد رضا أشتياني، أي تحرك في المنطقة، التي يزعم أنه يسيطر عليها، بمواجهة «مشكلات غير عادية»، وفق وسائل إعلام إيرانية.

يضع التصعيد الخطابي المنطقة أمام اتجاهين: وساطة ما تخفض التوتر، لاسيما إذا دخل الصراع الأساسي في هدنة مديدة بين إسرائيل وحماس تُسقط تبريرات طهران/ الحوثيين، وإما انفجار يضع يمن الحوثيين على سكة التدمير، ويضاف إلى “كوكبة” الجماعات والدول التي دمّرت تحت عنوان الثورة الإسلامية لتبقى طهران تديرهم من الخلف، فتحضر عند الغنْم، ولا تدفع عند الغرم.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us