لبنان الماكياج


خاص 30 كانون الأول, 2023

لبنان ذلك الوطن الذي نتحدث عنه في الأمنيات والأغنيات بات بعيد المنال، لأن هناك من يفرض علينا بالقوة لبناناً آخر نحاول أحيانًا تجميله فننجح لفترة قبل أن يصيبنا بتشوّهات أكبر لم يعد ينفع معها الماكياج

كتب بسام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:

تتكرر مع نهاية كل عام أمنيات اللبنانيين بعام أفضل يأتي عليهم وعلى البلد، وبالطبع هناك الأمنيات الشخصية لكل فرد ولكل عائلة وهناك الأمنيات على صعيد الوطن ككلّ، ولا بدّ من القول إنّ هناك ترابطاً بين بعض الأمنيات الشخصية والأمنيات الوطنية. فالمواطن لا يمكن مثلاً أن يتمنى مستقبلاً مهنياً ومعيشياً واقتصادياً مزدهراً له من دون أن يكون هذا الأمر نابعاً من مستقبل جيد ومزدهر ومستقر للبلد، إلّا إذا كان ذاك الشخص أو تلك المجموعة تعيش على مآسي الناس، وهؤلاء موجودون بالفعل وهم حقيقة من يتحكّم بقرار ومصير البلد حالياً.
يمكننا كمواطنين أن نبتهج في بعض فترات الهدوء التي يمرّ بها البلد أو مرّ بها في الماضي والحاضر وسنشهدها في المستقبل، ولكن هذه الفترات أو هذه الهدن لا تبني دولة ولا اقتصاداً ولا استقراراً لأنها في الحقيقة هي منّة من أهل الحرب والقتال الذين يأخذون بين الفينة والأخرى استراحة المقاتل للاستعداد لجولة جديدة من سحق الأرواح وهدر الدماء، ولقد أصبحنا نحن اللبنانيين ننظر إلى هذه الهدن وكأنها حبل الخلاص، وتتغنى وسائل الإعلام بها وبما تشهده من فقش وطقش وتوافد لبنانيين مقيمين في الخارج أصبحنا ننتظرهم في كل مناسبة لأن عددهم في الخارج يزداد، فنزيف الهجرة والفرار من البلد لم يتوقف، إذ أصبح الشبان يدركون حقيقة الوضع الذي زُجّ فيه لبنان وهو أنه ساحة قتال وحرب وجهاد وهذا هو الأساس، أما الاستثناء فهو فترات الهدنة التي يستغلها هؤلاء المنتشرون ليأتوا إلى لبنان لقضاء بضعة أيام على عجل ليعودوا بعدها إلى حيث الإستقرار وفرص العمل والدخل المقبول لهم ولمن تبقى من عائلاتهم في لبنان.

لن يكون الوضع في لبنان في العام الجديد أفضل مما هو عليه اليوم والأرجح أنه سيكون أسوأ، لأن لا وجود لدولة تحمي مصلحة لبنان واللبنانيين ولأن من يتحكم بمصير اللبنانيين جميعاً قرر أن نعيش إلى أن يقرر في أجواء الحرب والجهاد وأن نكتفي بخبزنا كفاف يومنا، ومن يريد أن يبني مستقبلاً ليس قائماً على الحرب وويلاتها والفوضى التي خلّفتها عليه أن يغادر البلد لأن لا مكان له على هذه الساحة، فمن يعترض على الحرب يُحارَب باعتبار أنّ الإعتراض عليها هو اعتراض على مشروع هذه الفئة التي تبنيه منذ سنوات خارج أي مصلحة لبنانية ولن تسمح اليوم للإستقرار والازدهار والدولة أن تهدده.

لبنان ذلك الوطن الذي نتحدث عنه في الأمنيات والأغنيات بات بعيد المنال، لأن هناك من يفرض علينا بالقوة لبناناً آخر نحاول أحيانًا تجميله فننجح لفترة قبل أن يصيبنا بتشوّهات أكبر لم يعد ينفع معها الماكياج.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar