منطق الحرب والشغور


خاص 19 كانون الثاني, 2024

بين الشغور الرئاسي والإنهيار المالي والإقتصادي وسياسة الحرب لن يكون لبنان لا وطناً ولا دولة، سيسمحون لكم إلى حين بأن تبقى الموسيقى تصدح وأن تتراقصوا على أنغامها لتعودوا بعدها إلى واقع مرير يجبركم على الرحيل أو السكوت أو الموت


كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:

لم يعد في لبنان أي أمر منطقي أو طبيعي فوصل الدرك إلى أن يُتّهم المطالبون ببناء الدولة وأن يكون قرار السلم والحرب في يدها بالخيانة، والمطالبون بحصر السلاح بيد الجيش بالعمالة، والرافضون لزج البلاد في الحروب بالتخاذل.

لم يعد الإستقرار والازدهار والأمن من مقومات نهوض لبنان من أزماته، وأصحاب هذا المنطق المقلوب لا يريدون فعلاً للبنان أيًّا من هذه المقومات الفعلية لنهوض وطن مما يعاني منه في السياسة والإقتصاد.

هذا المنطق ليس جديداً على هؤلاء ولكن الأخطر أنه أصبح هو الذي يقود البلد نحو مزيد من العمق في الهاوية التي سقط فيها، ويرفض هؤلاء كل محاولة لإخراجه ويتهمون من يتجرأ على ذلك بأنه يعمل على تحقيق سيادة الدستور والقانون وإسقاط لبنان كساحة للحرب والجهاد.

وفي هذا السياق عطل ويعطل أصحاب هذا المنطق الاستحقاق الدستوري الأول أي انتخابات رئاسة الجمهورية، وهم استفادوا من الشغور الأكبر الذي مارسوه بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان ثم انتخاب رئيس يدور في فلكهم وهو العماد ميشال عون أنّ كل ذلك يصب في مصلحتهم لجهة بقاء لبنان في دائرة الجهاد والقتال والفوضى والإنهيار، ولو لم تكن مصلحتهم كذلك لكانوا استخلصوا العبر ورفضوا تكرار تلك التجربة لأنها لم تأتِ بأي خير على لبنان واللبنانيين، ولكنهم بدلاً من ذلك أمعنوا فيها وتسببوا بشغور رئاسي جديد بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وربما يكون شغوراً يكسر الرقم القياسي للشغور السابق وهو سنتان ونصف السنة، ويصرون على أن يكون الرئيس العتيد تحت سيطرتهم ليبقى لبنان درة تاج محور الممانعة الممتد من طهران إلى اليمن إلى العراق إلى سوريا.

بين الشغور الرئاسي والإنهيار المالي والإقتصادي وسياسية الحرب لن يكون لبنان لا وطناً ولا دولة، سيسمحون لكم إلى حين بأن تبقى الموسيقى تصدح وأن تتراقصوا على أنغامها لتعودوا بعدها إلى واقع مرير يجبركم على الرحيل أو السكوت أو الموت ببطء أو نتيجة حرب.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar