ياسمينا زيتون الجنوبية والقرار 1701


خاص 11 آذار, 2024

ما فعلته ياسمينا زيتون أنها حملت لقب الجمال وليس السلاح، ورفعت غصن زيتون الجنوب وليس شعار الحرب. أليس هذا ما يطلبه اللبنانيون؟

كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:

ربما هو النبأ الأول الذي يطلّ به لبنان على العالم بعد 8 تشرين الأول الماضي من بوابة الجمال وليس الحرب. فياسمينا زيتون اللبنانية ابنة كفرشوبا ومن سكان صور في الجنوب، تم السبت الماضي تتويجها وصيفة أولى لملكة جمال العالم. وكان اللقب من نصيب التشيكية كريستينا بوشكيفا.
إنّه النبأ السار الذي أسعد اللبنانيين قاطبة وسط طوفان الأنباء الحزينة الذي أغرق هذا الوطن ولا يزال منذ الانهيار الاقتصادي عام 2019، ومنذ جبهة الحرب التي فتحها “حزب الله” قبل خمسة أشهر في الجنوب دعماً لحركة “حماس” في غزة.
وفي الوقت الذي كان اللبنانيون والعالم يتابعون الحدث الجميل في مدينة مومباي الهنديّة، كان اللبنانيون يتابعون أيضاً بهلع نتائج الغارة الإسرائيلية على بلدة خربة سلم الجنوبية التي أدّت إلى مصرع عائلة من 4 أشخاص نازحة من بلدة بليدا، وجرح أكثر من 9 آخرين.
قبل أن يتمّ تتويج الجنوبية ياسمينا زيتون وصيفة ملكة جمال العالم، كانت تعلن ياسمينا في جواب على سؤال خلال المسابقة أنّ على النساء أن يثقن بأنفسهنّ، قائلة: “نحن هنا مختلفات لكننا جميلات وكل واحدة منا جميلة على طريقتها”. وقبل الوصول إلى لقبها العالمي، قالت إنّ ما تريده أن تكون “جميلة وذكية” في آن. ولاحقاً وبعد إحرازها لقب الجمال المميز قالت: “فعلتُ كل ما في وسعي ونقلتُ صوتنا كلبنانيين، وتحدثتُ عن كلّ ما يحصل في لبنان، وحاولتُ أن أظهر للعالم كم أنّ شعبه قوي ومميز”.
ماذا لو قُيّض لضحايا خربة سلم الذين نزحوا من بليدا الحدودية، أن يقولوا ما يؤمنون به قبل أن تخطفهم آلة الحرب الهادرة على جانبي الحدود الجنوبية؟
من المؤكد، هناك كلام آخر غير الذي يطلّ به يومياً مسؤولو “الحزب” من على منابر تشييع الضحايا. ومن أحدث الكلام الذي تفوّه به ضحايا النزوح، ولكنهم ما زالوا على قيد الحياة، ما قاله أحد هؤلاء النازحين لصحيفة “الشرق الأوسط”: “الحزب أبلغ من تضرّرت منازلهم في المناطق الحدودية أنه سيعيد بناءها فور توقف الحرب، لكن بعضهم تمنوا عليه الحصول على مبالغَ مالية عوضاً عن إعادة الإعمار كي يشتروا منازل في مناطق بعيدة عن الحدود، كي لا يتمّ تدميرها كل فترة، لكنّ الحزب ليس بصدد التجاوب مع هكذا طلبات”. أليس في هذا الكلام احتجاجٌ على الحرب المفروضة؟
هناك المزيد عن ياسمينا زيتون الذي يجب أن نكتبه. فوالدها إسماعيل زيتون، يعمل كمزيّن نسائي في صالون يملكه في صور. أما والدتها اسمهان الهلالي فهي فلسطينية أردنية. ومن هذه الجغرافيا التي تختزل رقعة الصراع الدائر حالياً في الشرق الأوسط، أبصر النور قرار الذهاب إلى الحياة الذي اتّخذه والدا ياسمينا التي بلغت الآن 24 ربيعاً. ودرست ياسمينا في جامعة سيدة اللويزة بدءاً من العام 2020، للحصول على درجة البكالوريوس في الصحافة. وفي كانون الثاني 2021، حازت شهادتها كمقدمة تلفزيونية من معهد الجزيرة للإعلام، ومقره الدوحة في قطر. وفي نيسان 2021 بدأت في استضافة عرض تعليمي بعنوان “مع ياسمينة شو”.
على الجانب الآخر جنوباً، يقول معلقون مشهود لهم بالكفاءة من داخل إسرائيل أنّ تهديدات الجيش هناك ضد لبنان، ترمي إلى ممارسة ضغوط نفسية مرفقة بضربات عسكرية لا تتوقف في الجنوب. ويشير هؤلاء أنّ تل أبيب تريد في نهاية المطاف أن تصل إلى وضع يسمح لها بإعادة عشرات الآلاف من النازحين من مستوطناتها الشمالية إلى ديارهم التي تركوها بعد قرار “حزب الله” فتح جبهة “المشاغلة” في 8 تشرين الأول الماضي. لكن ما تسعى إليه الدولة العبرية أيضاً، هو ألّا يعود “الحزب” مجدداً إلى تهديد حدودها مع لبنان نهائياً.
على الضفة المقابلة، هناك النبرة الحالية التي يطلّ بها شبه يومياً قادة “الحزب” وفي مقدمهم نائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم. وما قاله قاسم أخيراً: “في حال هاجمت إسرائيل لبنان سنواجهها وستلعن الساعة التي قررت فيها مهاجمة لبنان”.
في ظل الوضع المعقد في المنطقة عموماً، ولبنان خصوصاً، يجب عدم الاتكال على تهديدات إسرائيل وتطمينات “حزب الله” بأنّ الحرب لن تتوسع، كي نتبصر بمآل هذه المرحلة. والأمر الوحيد الذي يحمي لبنان هو الذهاب إلى الشرعية الدولية التي حمت لبنان على امتداد تاريخه منذ إعلان لبنان الكبير عام 1920. وآخر العنقود في قرارات هذه الشرعية هو القرار 1701 الذي أنهى حرب عام 2006. إنّ تطبيق هذا القرار بلا مواربة هو نافذة الخلاص. وهذا يعني بوضوح، يجب ألّا يبقى سلاح “حزب الله” مكان سلاح الشرعية اللبنانية والدولية.
ما فعلته ياسمينا زيتون أنها حملت لقب الجمال وليس السلاح، ورفعت غصن زيتون الجنوب وليس شعار الحرب. أليس هذا ما يطلبه اللبنانيون؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar