الراهبة المقاومة: آخر المضلَّلين


خاص 13 آذار, 2024

آخر ضحايا الانتهازية العونية التي ترجمت في العام 2006 على شكل اتفاق تبادل مصالح عليا وسفلى، بين طرف يخطط استراتيجياً، وآخر أيقن أنه على هامش هذه “التجرة” يمكن أن يحصل مكاسب شخصية، كانت الراهبة مايا زيادة

كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

لعل أكثر من يعرف ما هو المشروع الحقيقي لحزب الله، هو العماد ميشال عون. خطيئته أنه يعرف، وأنه كان وما زال نسبياً، قادراً على تعريف الحزب في البيئة المسيحية، بما يناقض طبيعة مشروعه والأهداف.

آخر ضحايا الانتهازية العونية التي ترجمت في العام 2006 على شكل اتفاق تبادل مصالح عليا وسفلى، بين طرف يخطط استراتيجياً، وآخر أيقن أنه على هامش هذه “التجرة” يمكن أن يحصل مكاسب شخصية، كانت الراهبة مايا زيادة.

هذه الراهبة هي النموذج الأوضح الذي مكن العماد ميشال عون من أن يغزو العقول الضعيفة، وقد ترجمت نموذجها إلى شعر لبناني من النوع العاطفي الرديء، الذي يمزج بين وهم الشجاعة في إشهار وتصديق الانتماء إلى مشروع مناقض لفكرة لبنان، وبين قدرة عجيبة على التصديق والانخراط، في ما لا يمكن الانخراط به.

مايا زيادة هي واحدة من معجزات ميشال عون. عون الذي أوفد لسمير جعجع عبر الوسطاء قبل توقيع التفاهم البائس ما مفاده: “كما جعلت المسيحيين يحبون حسن نصرالله، يمكنني أن أنسي المسيحيين صورتك كرئيس ميليشيا”.

مايا زيادة هي خلاصة الصناعة العونية، القادرة على فتح حرب تحرير ضد المحتل السوري، ثم فتح حرب بين المسيحيين وفق معادلة الدولة تواجه الدويلة، بمساعدة المحتل السوري، الذي كان يرسل القذائف وشاحنات المازوت، خلال حرب الجيش والقوات اللبنانية إلى من افتخر بأنه هزّ المسمار.

عاد ديغول المزيف من باريس، ثم تحالف مع بيتان وأعوانه ولم يرمش له جفن. السبب كان واضحاً وحقيقياً: قال له أنصار الممانعة، إنّك معنا المرشح الوحيد للرئاسة، بينما في المقلب الآخر، ستكون واحداً من عشرة. حسبها الجنرال صح، وذهب إلى ورقة التفاهم، ثم بارك الاغتيالات، وواجه المحكمة الدولية بالنيابة عن حزب الله، ورقص فرحاً في 7 أيار، وأسقط حزب الله من منزله حكومة سعد الحريري، ونال أخيراً رئاسة ببندقية المقاومة، وسقط السقف على لبنان، لكن الجنرال وصهره، حميا نفسيهما، في تتخيتة المطبخ.

مايا زيادة ذنبها كالذين انتخبوا مشروع عون في العام 2009. لقد صوّتوا لتقويض فكرة لبنان ودولته، لا بل ذهبوا إلى نقيض هويتهم، بعدما أقنعهم الأخير أنّ هذه الهوية مصانة من محور إيران. كان ذلك مشهداً عجيباً: جماعة ضاربة جذورها في الجبال، تجوع من أجل العيش بحرية، تأتي بالمطبعة والجامعة والمستشفى ومراكز الأبحاث والانفتاح الثقافي والعلمي والسياحة والصحافة، تعلن عبر ميشال اللجوء، وتطلب الحماية من مشروع ظلامي، يقتل امرأة لأنها خلعت الحجاب.

ميشال عون يعرف كل هذا وأكثر، أما مايا زيادة، فتذهب بها البراءة إلى حد التصديق والترويج. مايا زيادة صدقت أنه صادق. هي إحدى ضحايا، شارلاتان العصر الجديد، والضحية لن تخرج من السجن إلا إذا اقتنعت بأنها ضحية.

على مايا زيادة أن تحفظ أولاً، أنّ الشاعر الذي استشهدت به هو محمود وليس محمد درويش. لو قرأت قليلاً بعمق، لكانت عرفت أنّ محمود درويش، كتب لياسر عرفات خطابه الشهير في الأمم المتحدة الذي قال فيه: أتيتكم حاملاً غصن الزيتون بيد والبندقية بيد أخرى.

هنيئاً لميشال عون بمن لا يقرأون.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar