الأزمة الاقتصادية دفعت نحو اقتصاد “الكاش”.. “أنظمة موازية تضرب سمعة الدولة”


خاص 21 آذار, 2024

للاقتصاد النقدي تداعيات خطيرة قد تصبح نهائية وغير قابلة للحلّ مع مرور الوقت كما يُعتبر انهيار القطاع المصرفي في البلدان التي تعاني من أزمة اقتصادية، السبب الأساس لنمو هذا الاقتصاد الذي يشكل بديلاً طبيعياً للمصارف ويؤمن استمرار الحركة الاقتصادية قبل أن يتحول عبئاً كبيراً على الاقتصاد

كتب أنطوان سعادة لـ “هنا لبنان”:

سهلت الأزمة المالية في السنوات الأخيرة الإتجاه أكثر نحو الاقتصاد “الكاش”، في وقت ازدهرت فيه شركات الخدمات المالية غير المشروعة، من قبل بعض المجموعات الإرهابية كوسيلة لتمويل منظمات في لبنان والخارج، وإستغلت انهيار النظام المصرفي الرسمي ومؤسسات الدولة.ح

فقد حذر نائب مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون آسيا والشرق الأوسط في مكتب تمويل الإرهاب والجرائم المالية، جيسي بيكر، خلال زيارته لبنان الأسبوع الماضي من مخاطر استخدام القطاع المالي لهذا البلد لتمويل حركة حماس وحزب الله، فيما يوجد في لبنان اليوم 297 صرافاً شرعياً فقط، بينما يُقدر عدد الصرافين غير الشرعيين بالآلاف، يعملون من دون حسيب أو رقيب.

للاقتصاد النقدي تداعيات خطيرة قد تصبح نهائية وغير قابلة للحل مع مرور الوقت كما يُعتبر انهيار القطاع المصرفي في البلدان التي تعاني من أزمة اقتصادية، السبب الأساس لنمو الاقتصاد الكاش.

يشكل هذا الاقتصاد بديلاً طبيعياً للمصارف ويؤمن استمرار الحركة الاقتصادية قبل أن يتحول عبئاً كبيراً على الاقتصاد للأسباب التالية:

١- يؤدي التفلت المطلق من الأنظمة والقوانين المصرفية، الناتجة عن هذا الإقتصاد، إلى جعل تتبع حركة الأموال لمعرفة مصدرها ووجهة استعمالها مهمةً صعبة، وإلى تعزيز التهريب والاقتصاد الأسود الذي من الممكن أن يعرض البلاد إلى عقوبات مالية ومصرفية دولية وإدراجه على اللائحة الرمادية أو السوداء.

٢- مصرفياً، يشجع الاقتصاد النَّقدي على قيام أنظمة موازية للقطاع المصرفي ترتكز الى شركات الخدمات المالية المرخصة وغير المرخصة، فهي تعيق تعافي القطاع المصرفي وتمنعه من لعب دوره كمنظم للحركة الاقتصادية وكمصدر للتمويل عبر التسليف للقطاع الخاص. وهذا يؤدي إلى إساءة سمعة الدولة عالميا.

٣- مالياً، التعامل بالكاش بعيدا عن المصارف يؤدي إلى عدم تمكن الدولة من ضبط العمليات إن كان لناحية مراقبة حَجم الإيرادات أو لجهة غياب ميزان المدفوعات وما لذلك من تبعات على السياسة المالية للدولة وعلى قدرة احتساب النمو وتحفيزه وعلى ضبط التهرب والتهريب.

في لبنان، الاقتصاد النقدي جزء من حلقة مُفرَغَة بدأت مع بِداية الانهيار ومع سُقوط القِطاع المَصرفي واستمرَّت مع استمرار الأزمة وغياب الحلول السياسية. يُشَكل هذا الاقتصاد جزءًا أساسياً من المُشكلة ومن الحَلّ. فتقليص حجم الاقتصاد النقدي لا بُدَّ أن يبدأ بضبط الحدود وبإعادة هيكلة المصارف وبتفعيل مؤسسات الدولة. إلا أنَّ عودة المؤسسات تقتضي تأمين المزيد من الإيرادات للدولة واستعادة الثقة بمؤسساتها. وطبعًا هذا غير ممكن في ظل تحول الاقتصاد من نقدي إلى اقتصاد “شركات تحويل الأموال”.

يؤدي إطالة أمَد الأزمة إلى جَعل الحُلول أكثر صُعوبة على كافة الأصعدة مما يستوجب الذهاب الى مُعالجات بُنويَّة تنطلق من السياسة أولاً!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us