هل المطلوب رئيس تحركه إيران بدل سوريا؟


خاص 27 آذار, 2024

كانت المعركة الكبرى التي خاضها “الحزب” بعد قيام الثورة ضد النظام الأسدي عام ٢٠١١ عندما سعى لفرض عون رئيساً، فاستمرّ الفراغ سنتين ونصف السنة سيطر بعدها الفريق الممانع على السلطة بدءاً بالحكومة وانتهاءً بالرئاسة.. وهذه المرة بلغ الشغور الرئاسي عاماً وخمسة أشهر بفضل تعنت “الثنائي الشيعي”، فإلى متى؟

كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:

بعد سنوات من الحرب والاقتتال الأهلي وحرب الميليشيات العبثي والدمار، تمت العودة إلى مجلس النواب كسيد النظام الديموقراطي فتم تجميع ما تبقى من النواب الذين استمروا منذ انتخابات ١٩٧٢ بعد الشلل الذي أصاب الحياة السياسية والمجلس النيابي. وتوجه هؤلاء إلى مدينة الطائف السعودية عام ١٩٨٩ للبحث عن حل لإيقاف الحرب والتوافق على إعادة إحياء الصيغة اللبنانية الفريدة في العيش معاً، الذي يقوم على التنوع والتعددية واحترام حرية التعبير والمعتقد. وكانت قد استنفدت كل المحاولات السابقة التي حاولت الميليشيات تسويقها من الوثيقة الدستورية في ١٩٧٦ في عهد سليمان فرنجية إلى مؤتمرات جنيف ولوزان في ١٩٨٤ وغيرها من التوليفات التي توجها “الاتفاق الثلاثي” الذي عقد في دمشق بين “القوات اللبنانية” (إيلي حبيقة) وحركة أمل (نبيه بري) والحزب التقدمي الاشتراكي (وليد جنبلاط)، والذي فشل كما كلّ الاتفاقات والتفاهمات التي كانت قد تعقد بموافقة النظام السوري أو بإيعاز منه أو تحت رعايته، لأنها كانت تُفرض فرضاً خارجاً عن إرادة اللبنانيين. وكادت محاولة التوجه إلى الطائف تنال نفس المصير لأنّ الضابط ميشال عون الذي عينه يومها امين الجميل رئيساً لحكومة مؤقتة تحضيراً لانتخاب رئيس جديد، كان قد استولى على القصر الجمهوري في بعبدا وقرر أن يصبح هو الرئيس، وحاول يومها أن يقطع الطريق على النواب ويمنعهم من السفر لإفشال مؤتمر الطائف. إلّا أنّ المؤتمر عُقد واستمرّ ثلاثة أسابيع وخرج بـ “اتفاق الطائف” الذي يعرفه اليوم كل اللبنانيين، والذي وضع حدًّا للحرب العبثية.

أول رئيس كان رينيه معوض نتاج الحقبة الشهابية، الإصلاحي بامتياز رجل الحوار السيادي والاستقلالي. لذلك كان مصيره الاغتيال بعد ١٧ يوماً فقط من انتخابه رئيساً للجمهورية وأدخل لبنان في عصر الحكم الأسدي..

ومن كان الرئيس بعده؟ إلياس الهراوي البقاعي الذي كان صديقاً للأسد بعد أن رفض نائب عاليه بيار حلو المنصب. تعاون الهراوي مع رجل الأعمال رفيق الحريري الذي كان مكلفاً من السعوديين السهر على تطبيق اتفاق الطائف الذي عزز صلاحيات رئيس الحكومة. وكثف الهراوي زياراته إلى دمشق طمعاً بالحصول على بعض الامتيازات محافظاً في الوقت عينه على عصبيته الزحلاوية-اللبنانية.

ومع ذلك فضل النظام السوري قائد الجيش أميل لحود خليفة للهراوي بحجة محاربة الفساد الذي كان بدأ حقيقة بالتفشي، والذي كانت السلطة في سوريا جزءا منه. غير أنّ لحود أعلن حربه على كل السلطة السياسية في لبنان بدءاً بالحريري الذي دفعه إلى الخروج من السلطة (بتشجيع سوري) ومستثنياً “حزب الله” الذي تعامل معه كمقاومة واستقبل حسن نصرالله للمرة الأولى والوحيدة في القصر الجمهوري بعد الانسحاب الإسرائيلي عام ٢٠٠٠.

وختم لحود عهده الممدد بقرار سوري بتسهيل عودة عون من منفاه الذهبي في باريس واصطفافه مع محور الممانعة السوري-الإيراني مقابل حصوله على موقع الرئاسة. غير أنّ انتفاضة ١٤ آذار داهمت الاثنين لحود وعون، وأجلت مشروع الأخير أقله عشر سنوات على إثر بيان بكركي الشهير في أيلول ٢٠٠٠ والذي طالب بوضع حد للوصاية السورية وخروج الجيش السوري من لبنان، خرج لحود من بعبدا عام ٢٠٠٧ ولكن القرار اللبناني بقي سورياً. فكان كباش حول الرئيس الجديد استمر نحو ستة أشهر بين الطرفين انتهى بانتخاب قائد جيش آخر هو ميشال سليمان الذي حاول أن يتحرر من الوصاية السورية فواجه تآمر ميشال سماحة على الشماليين وعلى لبنان، ثم هاجم في نهاية عهده “المواقف الخشبية” لـ “حزب الله” ولم يمدد له. وهنا كانت المعركة الكبرى التي خاضها “حزب الله” بعد قيام الثورة ضد النظام الأسدي عام ٢٠١١ عندما سعى لفرض عون رئيساً، واستمرّ الفراغ في سدة الرئاسة سنتين ونصف السنة من أيار ٢٠١٤ إلى تشرين الاول ٢٠١٦. فكان عهد عون “ممانعاً” بامتياز، سياسياً وإنمائياً وخارجياً وبالأخص اقتصادياً. إذ شهد انهياراً مالياً غير مسبوق في تاريخ لبنان رافقته أزمة سياسية حادة أدت إلى إفلاس سياسي وتفتت للمؤسسات وعجز على كل المستويات، وسيطر الفريق الممانع على السلطة بدءاً من الحكومة وانتهاء بالرئاسة التي تعاني من فراغ منذ ستة وخمسة أشهر هذه المرة بفضل تعنت “الثاني الشيعي” ولأنّ “حزب الله” قرر ربطه بحرب غزة. فإلى متى؟ وهل نريد بدل ريس سيادي وصاحب قرار حر، العودة إلى رئيس تحركه السلطة في إيران بدل الحكم الأسدي المندثر؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar