اللبنانيون بين خيارين.. الأمن السائب أو الأمن الذاتي


خاص 6 نيسان, 2024

الكلّ يعترف بأنّ الأمن الذاتي يفرض نفسه على المجتمع بكلّ مناطقه، والسبب يعود إلى غياب الأمن الرسمي وفاعليته.. وإن كان اللبنانيون يفضلون أن يبقى الأمن محصوراً بـ “الدولة”، إلا أنّ بعضهم يرى أنّ “المربعات الذاتية” باتت “ضرورة آنية” ريثما تتمكن الدولة من استعادة عافيتها


كتبت سمر يموت لـ”هنا لبنان”:

فتحت “جريمة السيوفي”- الأشرفية التي ذهب ضحيتها المواطن نزيه الترك، الجدل من أوسع أبوابه على مسألة الإمساك بالأمن في لبنان والتراخي في مسألة تطبيق الأمن الاستباقي، رغم أنه يُسجّل للأجهزة الأمنية ومديرية المخابرات وشعبة المعلومات قدرتها وسرعتها بالإمساك بالمجرمين في أكثر من حادثة وقعت على مرّ السنين.

وحتى لا تتكرّر حادثة الأشرفية، عاد الحديث في السرّ والعلن عن أزمة اللاجئين السوريين والتي باتت تُشكّل عبئاً على الدولة، وضرورة مقاربتها بطريقة مختلفة، بعدما بيّنت التقارير الأمنية أنّ أغلب الجرائم ينفّذها أشخاص من التابعية السورية، في حين بدأت مناطق تفكّر جديّاً باعتماد الأمن الذاتي، كما أنّ البعض بدأ بتطبيقه حتى ولو لم يكن الحلّ الأمثل.

لا يُخفي شباب منطقة الأشرفية كما غيرها من المناطق التي تناصر دائماً “وجود الدولة”، هواجسهم من التفلّت الأمني الذي يحصل، وهم وإن كانوا يفضلون أن يبقى الأمن محصوراً بـ “الدولة”، إلا أنّ بعضهم يرى أنّ “المربعات الذاتية” باتت “ضرورة آنية” ريثما تتمكن الدولة من استعادة عافيتها.

الكلّ يعترف بأنّ الأمن الذاتي يفرض نفسه على المجتمع بكلّ مناطقه، والسبب يعود إلى غياب الأمن الرسمي وفاعليته، إلا أنّ مصدراً أمنيّاً ورغم إقراره بأنّ الجهوزيّة الأمنية غير كافية بسبب قلّة العديد والآليات العسكرية لدى القوى الأمنية لتتمكّن من تسيير دورياتها بشكل مستمرّ، لكنّه يؤكّد “أنّ الوضع لا يزال تحت السيطرة رغم بعض الخروقات وهذا يحصل في كلّ دول العالم وليس فقط في لبنان، إلّا أنّ مسألة الأمن الاستباقي تبقى ضرورة حتميّة يتم العمل على تعزيزها خاصة أننا مقبلون على موسم اصطياف وستكون هناك خطّة لتعزيز الأمن في كل المناطق وخاصة في العاصمة بيروت”.

“الأمن الذاتي” خطرٌ جداً

وفي هذا الإطار، رأى الخبير الأمني والاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب “أنه عندما لا تنظر الدولة لرجالها الذين هم مصدر دفاعها، يحلّ الترهّل في كافة مستويات الإدارة خاصة في قطاعي الأمن والدفاع”. وقال ملاعب في حديث لـ “هنا لبنان”: “لا يمكننا أن نتجاهل أنه لا يوجد طبابة لرجال الأمن ولا صيانة آليات ولا رواتب تخوّلهم متابعة عملهم كما يجب”، مذكّراً بأنّ القوى الأمنية “تعمل بطاقاتها القصوى وبثلث حضورها، أي أنّ العسكري يداوم ثلث أيامه في خدمته فيما يبحث في الثلثين الآخرين عن مصدر رزق لأسرته وتأمين الحدّ الأدنى من العيش بكرامة، وهذا الأمر تستفيد منه العصابات التي تنشط من خلال هذه الثغرة”.

ودعا ملاعب إلى “تصحيح الوضع وإعادته كما كان عليه سابقاً من ناحية الراتب والتقديمات الاجتماعية، وبأن يتم البدء بالإصلاح في كافة مؤسسات الدولة لأنّه عندما يكون هناك شلل فيها ينعكس الأمر على الأمن، لا يمكننا أن ننسى أنّ رجال الأمن هم ضابطة عدلية وهم أول من يصل إلى الأرض ويتابع مع القاضي، هم يتولون تنفيذ تعليمات السلطات الإدارية فكيف سيتصرف رجل الأمن مع امتلاء نظارات المخافر التي من المفترض أن لا يبقى فيها الموقوف أكثر من 48 ساعة؟ هل يُعقل أنّ في بعض النظارات موقوفون منذ أكثر من ثلاثة أشهر ولم يتم استدعاؤهم للتحقيق عند أيّ قاض؟”

وعن ظاهرة الأمن الذاتي التي بدأت تفرض نفسها أمام تراجع قدرات الأمن الرسمي، يرى العميد ملاعب، أنّ “الحلّ يكمن في إعادة إحياء الدولة بكافة إداراتها وقضائها”. ويضيف: “مجرّد التفكير في تطبيق “الأمن الذاتي” هو أمرٌ خطير للغاية”، ودعا إلى أن “تُنسّق البلديات وقوى الأمن الداخلي فيما بينهما كي يكون الشرطي البلدي مسانداً لها وعينا ساهرة على الأمن، لكن الأخير ليس “ضابطة عدلية” فهو لا يستطيع تنظيم محاضر بل عليه إحالة الموقوف إلى مخفر المحلّة”. ولفت ملاعب إلى أنّ الأجهزة ما زالت تحقق إنجازات رغم تراجع إمكاناتها، مسجلاً لشعبة المعلومات “قدرتها على الوصول إلى الجرائم المنظّمة والتنظيمات الجرمية، ولمديرية المخابرات سرعتها في توقيف منفذي حادثة الأشرفية”، مؤكّداً أنّ الدولة هي الملاذ الأوّل والأخير وليس “الأمن الذاتي” إطلاقاً لأنه يتبع إلى المجموعة التي أنشأته”.

يذكر أنّ جريمة السيوفي وقعت في شقة نزيه الترك وزوجته هبة سلام في الأول من نيسان الجاري، حيث عمدت العاملة السورية إلى إدخال شركائها ومواطنيها الثلاث إلى الشقة وعمدوا إلى السرقة من داخلها وإلى ضرب الزوجين فقضى الترك على الفور.

 

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us