ليست مسرحية


خاص 17 نيسان, 2024

ما جرى لم يكن مسرحية متّفقاً عليها، ذلك على الرغم من تسريب موعد الضربة، وحجمها، بل كان إصراراً إيرانياً على تغيير قواعد اشتباك، عمرها من عمر ولادة الجمهورية الإسلامية في إيران، التي أطاحت بالشاه في العام 1979

كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

لأول مرة تخاطر طهران، وتقترب من حافة المواجهة الكبرى مع إسرائيل، وربما يمكن أن يلي تلك المواجهة، اختبار أصعب في العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية.
ما جرى لم يكن مسرحية متفقاً عليها، ذلك على الرغم من تسريب موعد الضربة، وحجمها، بل كان إصراراً إيرانياً على تغيير قواعد اشتباك، عمرها من عمر ولادة الجمهورية الإسلامية في ايران، التي أطاحت بالشاه في العام 1979.
ولأنّ كلفة تغيير قواعد الاشتباك يمكن أن تتحول إلى ثمن باهظ، قد يدفعه الطرف الذي سار في هذا المسار، فإنّ الأيام وربما الساعات المقبلة، قد تشهد رداً إسرائيلياً، ستحاول إسرائيل من خلاله، أن تستعيد حرية حركتها الجوية في سماء سوريا، دون أن تسمح لطهران بتكريس عرف جديد، ومعادلة جديدة مفادها، أنّ أيّ اعتداء إسرائيلي، سيواجه بإرسال سرب من الصواريخ والمسيرات، عبر العراق والأردن وسوريا، وصولاً إلى المجال الجوي الإسرائيلي.
لهذا بات يمكن القول أنّ الردّ الإسرائيلي بات حتمياً، ويمكن أيضاً توقع رد على الرد من طهران، في سياق محاولة تثبيت قواعد الاشتباك الجديدة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى حرب مفتوحة، ستصاب بها إسرائيل لكن لن تكون بالتأكيد لمصلحة طهران وديمومة نظامها.
ستؤدي أية مواجهة إسرائيلية إيرانية، إلى تعرض العلاقة الإيرانية الأميركية لاهتزاز كبير، لأن الولايات المتحدة لن تستطيع التفرج على هذه المواجهة، كأنها حكم يدير مباراة لكرة القدم، فالالتزام الأميركي بأمن إسرائيل، الذي بدا جلياً في ليلة الصواريخ والمسيرات، مضافاً إليه الالتزام الفرنسي والبريطاني، سيكون بمثابة دعم استراتيجي للدولة العبرية، لن تقتصر ترجماته على تأمين مظلة واقية من الصواريخ والمسيرات الإيرانية، وصواريخ ومسيرات أذرع طهران، بل يمكن أن يتحوّل إلى جهد عسكري مباشر، إذا ما اقتضت الضرورة.
تنتقل إيران بانتظام من موقع إلى آخر مختلف تماماً. سبق لها أن تلقت السلاح الإسرائيلي في حربها مع العراق، ثم قطفت نتائج غزو العراق للكويت، ولاحقاً حصدت الجائزة الكبرى عندما أسقط الأميركيون صدام حسين في العام 2003، حيث رسخت نفوذها وحولت العراق إلى محمية إيرانية، واتصلت جغرافياً بلبنان وسوريا، كل ذلك تحت أنظار الأميركيين، الذين تعاملوا مع طهران كشريك غير معلن، لا سيما في فترة ولاية أوباما وتوقيع الاتفاق النووي، وفي مرحلة القتال المشترك ضد داعش في العراق وسوريا.
تنتقل إيران بعد توجيه ضربتها لإسرائيل، إلى موقع باتت تشكل فيه التهديد الأول للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، وهذا كما وصفه مسؤول أميركي بارز، يشكل خطأ استراتيجياً فادحاً.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar