قلَق في المعارضة: صفقة على حسابنا؟


خاص 25 نيسان, 2024

هل تتم التضحية بلبنان الذي نعرفه اليوم، مقابل التسوية الموعودة مع إيران و”الحزب”؟ خصوصاً أنهما يمتلكان الكثير مما يمكن تقديمه مقابل التسوية، فيما لا يملك الآخرون في لبنان إلا إصرارهم على النضال السياسي المضني والمكلف

كتب طوني عيسى لـ”هنا لبنان”:

في ذروة الغليان العسكري على الحدود الجنوبية، سئل ديبلوماسي من دولة كبرى معنية بالصراع: في ضوء ما تملكونه من معلومات، هل ترى أنّ الإسرائيليين سينفذون تهديداتهم بتسديد ضربة قاسية وشاملة ضد “حزب الله”؟ أجاب: فليكن واضحاً. ممنوع أن تكون لـ”الحزب” قدرات صاروخية تهدّد أمن إسرائيل. وممنوع أن تكون إيران النووية على تماس مع إسرائيل، وعلى شاطئ المتوسط قرب أوروبا. فإذا اقتنع “الحزب” وإيران بإبعاد هذا الخطر ديبلوماسياً، فلا بأس، وإلا فالضربة العسكرية حتمية، مهما تأخرت.

سئل أيضاً: في اعتقادك، ما هو خيار “الحزب” ليخرج من المأزق؟ أجاب: إنه يتصرف تماماً كما تتصرف إيران مع الولايات المتحدة، أي يلعب على حافة الهاوية، لكنه يتجنب السقوط فيها. وعلى رغم الأثمان الغالية التي يدفعها يومياً بأرواح مقاتليه وكوادره، هو لا ينفعل ولا يتهور. وأعتقد أنه ينتظر نضوج صفقة معينة في لحظة ما، تؤمِّن مصالحه، ومصالح إيران طبعاً.

وهل تقتصر مفاعيل هذه الصفقة على ترتيبات الأمن والترسيم في منطقة الحدود، أم ستكون لها مفاعيلها على الوضع السياسي الداخلي والسلطة في لبنان؟ أي، مقابل التزام “الحزب” أمن الحدود، هل سيتم تعويضه بتكريس نفوذه في الداخل؟

صمَتَ الديبلوماسي قليلاً ثم قال: في عالم السياسة، الكلمة لمعادلات القوة والمصالح. وعندما يقدم “الحزب” وطهران إلى الإسرائيليين والأميركيين ما يريدون، سيتراجع الضغط الدولي عنهما، وستُترك أمور الداخل للبنانيين يتدبرونها بأنفسهم.

سئل: ولكن، إذا تُرك لبنان للمعادلة الحالية، حيث “الحزب” هو الأقوى، فسيبقى دائراً في الفلك الإيراني. هل يقبل المجتمع الدولي والعرب بتكريس سيطرة إيران على لبنان، البلد البالغ الأهمية استراتيجياً؟

أجاب الديبلوماسي: إذا تراجعت قوة النظام في إيران، كما يريد الغربيون، فإنه سيخسر امتداداته الإقليمية. وهذا ما سيجعل “حزب الله” فصيلاً ذا حجم طبيعي في لبنان، كما الفصائل السياسية في طوائف أخرى. وسيكون مستعداً للبحث في سلاحه.

هذا الكلام الذي قاله الديبلوماسي الغربي في مجلس خاص، يعبّر أيضاً عن التصوّر الذي ينقله الأميركيون والفرنسيون إلى الذين يلتقونهم من اللبنانيين، أي أركان الحكم وقوى المعارضة المتوجسة أساساً من صفقة دولية- إقليمية يكون فيها الثمن تسليم لبنان إلى إيران و”حزب الله”، مقابل ضمانات يقدمانها لترسيم الحدود وإقامة ترتيبات أمنية تطالب بها إسرائيل.

طبعاً، الموفدون الغربيون يستمعون إلى شروحات المعارضين الذين يرون أن أي صفقة مع “حزب الله” تكرس نفوذه ستؤدي إلى تغيير هوية لبنان كبلد تعددي منفتح على الغرب والعرب، وستزعزع استقراره في شكل مستدام، وتجعله مقاطعة إيرانية.

وتقول شخصية معارضة إن الموفدين الغربيين الذين استمعوا إلى الشروحات التي قدمتها في هذا المجال أظهروا اقتناعهم بها، وبضرورة أن يقدم المجتمع الدولي والعرب مساعدة للحد من نفوذ “الحزب” داخل السلطة المركزية. كما اقتنعوا بأن مساهمة الغربيين في تحقيق واقع سياسي أكثر توازناً في لبنان ضروري للحفاظ على ميزات التعدد والانفتاح التي يتفرد بها داخل المجموعة العربية.

ولكن، في المقابل، ما تلاحظه قوى المعارضة هو أن حماسة الموفدين لتحقيق “الأهداف الطارئة” التي جاؤوا إلى لبنان من أجلها، أي وقف الحرب في الجنوب وإنتاج تسوية هناك، أكبر بكثير من حماستهم للحفاظ على صيغة لبنان المعروفة بتوازناتها الطائفية وميزات الانفتاح والحرية. وهذا ما يثير الريبة من أن تتم التضحية بلبنان الذي نعرفه اليوم، مقابل التسوية الموعودة مع إيران و”الحزب”، خصوصاً أنهما يمتلكان الكثير مما يمكن تقديمه مقابل التسوية، فيما لا يملك الآخرون في لبنان إلا إصرارهم على النضال السياسي المضني والمكلف.

ويقول نائب معارض: ماذا نفعل أكثر؟ في 2005، تعرضنا لسلسلة اغتيالات. في 2008، نفذوا 7 أيار. في 2019 قمعوا الثورة. في 2020 عطلوا التحقيق في انفجار المرفأ. وأما حصولنا على الغالبية في المجلس النيابي، العام 2022، فقد أحبطوا مفاعيله. فهل يقول لنا المجتمع الدولي مجدداً، حاولوا بمفردكم!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us