من سيسرق المليار؟


خاص 4 أيار, 2024

حديثو النعمة الراهنون رموا لبنان في أشداق الجحيم، والإفلاس والزبائنية وسوء إدارة البلاد، وشكّلوا طبقة من الناهبين الذين لهم في كل عرس مالي أكثر من قرص، وفي كل مناقصة أكثر من سهم. مع ذلك لم نسمع عن مبادرة إنسانية منهم لفقراء اللبنانيين الذين يزدادون فقراً بفضل تراكم ثرواتهم

كتب راشد فايد لـ”هنا لبنان”:

ما كادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين تلفظ كلمة مليار(يورو) حتى ضجّت بيروت وكل لبنان بالسؤال: كم اقتطعت الحفنة الحاكمة لنفسها من هذا الرقم؟

لم ينتظر أصحاب السؤال أن يسألهم أحد عن مصادر معلوماتهم وهل هي محقّة، أم هي من نوع التقوّلات والأحاديث الشّعبية المتداولة من باب القنوط مما يعيشه البلد، وصعوبة الإصلاح؟

الذنب في ذلك ليس مسؤوليتهم، فهو تهمة لا تحتاج إلى إثباتات، إذ يكفي ما جرى تداوله في الإعلام منذ قرارات حكومة حسّان دياب والصمت تجاهها لتبدو التهمة أقرب إلى الحقيقة والواقع، وباتت متّسقة مع ما يقال إنه مثل صيني مفاده: إضرب زوجتك، فإن أنت لم تجد لذلك سبباً فإنها ستتكفل بذلك. على هذا فإنّ تقصير المتابع في إيجاد ما يبرّر الاتّهام يعوّضه معرفة الناهبين بما اقترفت أيديهم، خصوصاً منهم، وهم الأكثرية، من يذكّرنا تبدّل أوضاعه المفاجئ بالقول: “عز بعد فاقة للأمير علّاقة”، وهو من شخصيات التاريخ اللبناني، ويحكى أنه خلال زمن الخلافة العباسية خضع الساحل الفينيقي كله لسيطرة الفاطميين ومن ضمنه مدينة صور حيث اشتدّ الاضطهاد للصوريين، وساءت الحالة الاقتصادية في المدينة.

في هذه الأثناء كان علّاقة مجرد بحّار صوري يعمل على مركب لصيد الأسماك وقد ساءه أن يرى المدينة تعاني الفقر والاضطهاد والقهر، فأخذ يشدّ من عزيمة الصوريين على الثورة، إلى أن انتفضوا، تحت قيادته، وطردوا الحامية الفاطمية من المدينة واستقلّ بها وأنشأ حكمًا محليًّا كان من سماته أن صكّ النقود المعدنية التي نقشت عليها العبارة المذكورة.

قد نسيء إلى الأمير علّاقة بهذه المقارنة، فما فعله لمدينته نقيض ما فعله حديثو النعمة الراهنون: نقل صور إلى النّعيم بينما هم رموا لبنان في أشداق الجحيم، والإفلاس والزبائنية وسوء إدارة البلاد، وشكّلوا طبقة من الناهبين الذين لهم في كل عرس مالي أكثر من قرص، وفي كل مناقصة أكثر من سهم. مع ذلك لم نسمع عن مبادرة إنسانية منهم لا لغزة ولا للنازحين السوريين ولا لفقراء اللبنانيين الذين يزدادون فقراً بفضل تراكم ثروات حديثي النعمة، الذين لم يُقدم أحد منهم على بادرة تُذكّر بإنسانيّتهم.

يحزّ في النفس، أن نشهد للغرب بإنسانيته ولا نلمس شبهاً لها في بلادنا، فالحسّ الإنساني لديهم أعلى بكثير مما لدينا. قبل أيام قليلة تبرع المغني العالمي أبيل تيسفاي المعروف باسم “ذا ويكند” بمبلغ 2 مليون دولار لجهود برنامج الأغذية العالمي في الاستجابة للاحتياجات في قطاع غزة. سيوفر هذا الدعم أكثر من 1500 طن من دقيق القمح وتوفر تلك الكمية أكثر من 18 مليون رغيف خبز وإطعام أكثر من 157 ألف شخص في القطاع طيلة شهر كامل”.

وفي كانون الأول 2023، تبرع “ذا ويكند” بـ 2.5 مليون دولار، أي ما يعادل 4 ملايين وجبة لبرنامج الأغذية العالمي في غزة مما أتاح تقديم 820 طناً من الطرود الغذائية لإطعام أكثر من 173 ألف فلسطيني لمدة أسبوعين.

ومنذ أن عيّن “ذا ويكند” سفيراً للنوايا الحسنة في تشرين الأول عام 2021، قام وشركاؤه ومعجبوه بجمع 6.5 ملايين دولار حتى الآن لصالح الصندوق خصّص منها 4.5 ملايين دولار لعمليات الإغاثة في غزة ومليوني دولار لدعم النساء والأطفال في إثيوبيا.

ما تقدّم عن هذا الفنان يدفع إلى التساؤل: أين هم الفنانون العرب، لا سيما منهم من يتفاخر بجني الملايين، وبكتل المعجبين والمعجبات؟ كذلك أين هم أغنياء الغفلة ممن أفقروا اللبنانيين، ولم يتعبوا من تعداد أموالهم؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us