حرية الصحافة في لبنان.. بين تراجعها والشهادة من أجلها


خاص 6 أيار, 2024

في بلد تعتبر فيه حرية التعبير مقدّسة، ما زال الصحافي اللبناني يواجه قيوداً وضغوطاً سياسية تمنعه من ممارسة مهنته كما يجب، ولكنه لم يتوقف يوماً عن نضاله الدائم من أجل الوصول إلى الحقيقة مهما كلّف الأمر

كتبت هانية رمضان لـ “هنا لبنان”:

لا يتوقف الصحافي اللبناني عن نضاله الدائم من أجل الوصول إلى الحقيقة مهما كلفه الأمر، على الرغم من جميع العراقيل التي اعتاد مواجهتها من قمع للحريات أو محاولات لإسكاته عن قول الحق. في لبنان، هناك من قدموا أرواحهم من أجل الحقيقة، صحافيون قاتلوا من أجل الدفاع عن حرية الصحافة ضد الظلم والفساد.

بين اليوم العالمي للصحافة وذكرى شهدائه في لبنان، لا زالت الحالة نفسها، فالحريات تتراجع، ويستمر الظلم الذي يمارسه أمثال “جمال باشا السفاح” في محاولة اغتيال حرية الصحافة.

ففي بلد تعتبر فيه حرية الصحافة مقدسة، ما زال الصحافي اللبناني يعاني من قيود تعيق إتمام عمله، من ضغوط سياسية تزيد من عدم قدرته على ممارسة مهنته كما يجب، كما أصبح الصحافي يقابل أنواعاً جديدة من القيود وهي التشكيك بنزاهته أو تلفيق تهم وقضايا غير صحيحة لهم كي يسكتوا صوت الحقيقة.

هذا فضلاً عن الحملات الإلكترونية التي تنظم من قبل جهات على مواقع التواصل الاجتماعي ضد الصحافي المعني، أو حتى تهديدات بالقتل والتعدي عليهم في ظل غياب الجهات المعنية بالحفاظ على أمن وسلامة الصحافيين، ولكن كما يقال “يا فرعون من فرعنك قال ما لقيت حدا يردني”.

وبالتزامن مع اليوم العالمي للصحافة في ٣ أيار، أصدرت منظمة “مراسلون بلا حدود” تقريرها السنوي الذي يحدد مؤشر حرية الصحافة في العالم، وأفاد التقرير إلى أنّ هناك عددًا متزايدًا من الحكومات التي لا تقوم بدورها لضمان أفضل بيئة ممكنة للصحافة، ولحقّ الجمهور في الحصول على أخبار ومعلومات موثوقة ومستقلة ومتنوعة.

وفي تصنيف دول الشرق الأوسط لهذا العام، لوحظ التراجع الهائل بمركز لبنان بـ 21 مرتبة على صعيد العالم، وذلك بعد مقتل ثلاثة صحافيين في جنوب لبنان نتيجة قصف إسرائيلي، ما أثر على تصنيف البلد لناحية سلامة الصحافيين.

بدوره، رصد مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية “سكايز”، انخفاض عدد الانتهاكات بحق الصحافة في لبنان هذا العام.

في هذا السياق عبرت الوزيرة السابقة الدكتورة مي شدياق عن أسفها في تراجع ترتيب لبنان عالمياً في حرية الإعلام، مؤكدة على أنّ القوانين اللبنانية تكبّل حرية الصحافة. واعتبرت شدياق في حوار مع موقع “هنا لبنان” أنه “عندما تكون القوانين مقدسة وتحترم حرية التعبير فلا يجب سجن الصحافي إلا إذا قام بجرائم جنائية لا دخل لها بالصحافة والإعلام، ولكن في لبنان لسوء الحظ ما زلنا نعيش في منطق البلد الذي ينطبق عليه مثل الكثير من الحرية والقليل من الديمقراطية، يعني أننا نستطيع قول ما نريد ولكن إذا انزعج أحد من هذا الكلام يفعل ما يريد، إما يغتالك، أو يتم استهدافك، أو يشوه صورتك في الإعلام من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بشكل شنيع لتشويه صورة الصحافيين والاعلاميين”.

وتابعت شدياق بالقول أنّ “هناك طرقاً عدة يتم من خلالها انتهاك حرية الإعلاميين مثل رفع قضايا باطلة كما فعلوا مع عدد من الشباب الذين يعملون بمؤسسات إعلامية خارج لبنان وهم مجبرون على احترام قوانين هذه المؤسسة، وبالتالي فهم يحرمونهم من العودة إلى لبنان وهذا الأمر مرفوض”.

وعند سؤالها عن الإجراءات التي يجب اتباعها من أجل حماية الصحافيين، عاتبت شدياق الجهات القضائية التي تصدق المدعيين مشيرة إلى أنه “يجب عدم الأخذ بالإخبار المقدم ضد أي صحافي إلا بعد التأكد من صحة ما تم تقديمه، ولا يجب أن تكون كرامة الإعلاميين مستباحة إلى هذا الحد، فعلى سبيل المثال لقد تم اجتزاء مقتطفات من حلقة مصورة لها مع إحدى المحطات التلفزيونية وتقديمها إلى مدعي عام التمييز فذهبت إلى التحقيق وسقطت الدعوى حين تبين أن الشكوى التي تم تقديمها مجتزئة.

وأكدت شدياق على أهمية اتباع القانون لحماية الصحافيين في ظل وضع أمني مستقر، ولكن للأسف نحن اليوم نخاف من وضع المتفجرات لنا لإسكاتنا، ففي العام ٢٠٠٥ حاولوا اغتيالي، وهناك مثال آخر قريب عندما اغتالوا لقمان سليم، بالإضافة إلى إصدار مذكرات توقيف بحق الاعلامية ليال الاختيار وطاهر بركة ونديم قطيش..”.

وتذكرت شدياق مؤخرًا ما شهدناه من خسارة إعلاميين في عمر الشباب وهم ممن شاركوا في تغطية الاشتباكات الحاصلة على الحدود الجنوبية، وهذا الأمر اليوم أدى إلى تراجع بعض الوسائل الإعلام اللبنانية عن إرسال المراسلين إلى هذه المناطق للحفاظ على سلامتهم، ففي الجنوب تم استهداف الصحافيين لإسكاتهم، ويأتي ذلك لعدم التنسيق مع الجهات المعنية بالحفاظ على سلامتهم كالجيش أو قوات اليونيفيل.

وختمت شدياق حديثها بضرورة اتخاذ تدابير جدية للحفاظ على سلامة الإعلاميين لا سيما في مناطق الحرب حيث لا قوانين واضحة.

في ظل ما نعيشه من تقييد للحق والحقيقة، يبقى الصوت الإعلامي والقلم الصحفي سيفاً بوجه كل جبان يخاف من المواجهة، فحرية الصحافة ليست مجرد تاريخ نستذكره كل عام، بل هي حق علينا ممارسته بكل امتيازاته.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us