عودة باسيل إلى معراب؟


خاص 13 أيار, 2024

هل سيقدّم “التيار” في الجلسة النيابية المقبلة الدليل على “توبته” عن مواصلة السير في ركاب الثنائي ولو أدى ذلك إلى خراب لبنان؟ هناك الكثير من الأسئلة حول سلوك منظومة السلطة وبينها “التيار” حيال من تسبب بكارثة طوفان النزوح ولا يزال، وفي مقدمهم النظام السوري و”الحزب”

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

لم يسبق للبنان أن عاش تجربة تتعلق بالوجود السوري كالتي يعيشها الآن. وبدا أنّ جريمة اغتيال منسق “القوات اللبنانية” في جبيل باسكال سليمان، والذي مرت أول من أمس السبت ذكرى مرور أربعين يوماً على استشهاده، بمثابة الشرارة الأولى التي أطلقت هذه التجربة.

بالتزامن مع الذكرى ، شهدت منطقة البترون انعقاد المؤتمر البلدي والاختياري لتنظيم الوجود السوري في المنطقة. وجمعت المناسبة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وعضو كتلة “القوات” النيابية عن البترون غياث يزبك. وبدا هذا المشهد نموذجاً مصغراً للقاء معراب الشهير عام 2016 والذي جمع مؤسس التيار ميشال عون ورئيس حزب القوات سمير جعجع. وإذا كان ذلك اللقاء أنتج قبل ثمانية أعوام تفاهماً مهّد لانتخاب عون رئيساً للجمهورية، فأيّ تفاهم ستنتجه البترون على مستوى مواجهة معضلة النزوح السوري؟

قبل الإجابة على هذا السؤال لا بد من القول أنّ تفاهم معراب كان له القليل وعليه الكثير. أما مؤتمر البترون، فيبدو من الآن واعداً. والسبب يكمن في طبيعة القضية التي أعادت وصل من انقطع بين الفريقين المسيحيين الكبيرين. فعندما نتحدث عن النزوح السوري، سيكون الأمر متعلقاً بقضية هي بحجم يتخطى لبنان. وكم هي الحاجة ماسة إلى سلوك واقعي يأخذ بالاعتبار قدرة القوى اللبنانية على مواجهة ملف يكاد أن يجهز على لبنان.

ومن مراجعة أوراق مؤتمر البترون يتبيّن أنّ هناك إمكانيات لا يستهان بها كي يتم السيطرة على خطر النزوح غير الشرعي. وهذا ما لفت إليه محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا في كلمته، فقال: “يجب أن يصبح قضاء البترون خالياً من الوجود السوري غير الشرعي ومثله كل أقضية الشمال”.

لا بد من الاعتراف بأنّ “القليل خير من الحرمان”. وإذا ما نجحت الجهود لتنظيم الوجود السوري في المناطق التي أشار إليها نهرا، سيكون ذلك نموذجاً يُحتذى به. وفي الوقت نفسه لا بدّ من الاعتراف أيضاً بأنّ رحلة تنظيم هذا الوجود ما زالت حتى الآن دون الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل. لكن أيًّا تكن الحسابات فلا بد من الاتكال على الشمعة التي أضاءها باسكال سليمان بدلاً من أن نستمر في لعن الظلام من دون أي جدوى.

ومن البترون إلى سائر لبنان الـ 10425 كيلو متر مربع. أصبح جلياً أنّ نسبة الوجود السوري على امتداد لبنان تخطت الخطوط الحمر. وهنا لا تنفع عبارة باسيل في المؤتمر “أنّ لبنان أثبت أنه أكثر بلد مضياف في العالم”. وحتى لو دافع باسيل عن فكرته في السياق المطوّل الذي وردت فيه، فإنها لا تتناسب مع خطورة ملف النزوح. ولعل لدى المرتابين بنوايا رئيس “التيار” الكثير من الأسباب التي تدفعهم اليوم بعد مؤتمر البترون للقول أنّ باسيل لم يصل إلى المؤتمر مع “القوات اللبنانية” إلّا بعدما صار مكرهاً على ذلك وليس من تلقاء نفسه.

بعد مؤتمر البترون هناك حاجة ماسة إلى “مؤتمر لبنان” لمعالجة طوفان النزوح السوري. ولم يخفِ غياث يزبك ذلك عندما تحدث في مؤتمر البترون عما دار بين وفد “القوات اللبنانية” وممثل المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي عن حجم الخطر الذي يتربص بلبنان. فهو أبدى الأسف على أنّ هذه المفوضية “لم تعد مفوضية سامية فقط بل مفوضية احتلال للبنان”.

في الطريق المؤدية إلى “مؤتمر لبنان” المرتجى، تنعقد بعد غد الأربعاء الجلسة النيابية المخصصة لمناقشة ملابسات “رشوة المليار يورو” التي قدمها الاتحاد الأوروبي لبنان. وقبل الجلسة، صار واضحاً أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ليس وحده في قفص الاتهام، بالرغم من أنه يتحمّل القسم الأكبر من المسؤولية في مواجهة هذه “الرشوة”. وفي هذا القفص يقبع أيضاً الثنائي الشيعي الذي يمسك بزمام الحكومة وبرئاسة البرلمان. كما يقبع في القفص أيضاً “التيار الوطني الحر” الذي له حصة الأسد في حكومة تصريف الأعمال. من دون أن ننسى أنّ “التيار” كان الشريك الأكبر في تطيير استحقاق الانتخابات البلدية الاختيارية بالتواطؤ والتكافل والتضامن مع الثنائي الشيعي وملحقاته. في وقت، كما بدا في مؤتمر البترون، أنّ المعوّل عليه اليوم لمواجهة خطر النزوح السوري هو البلديات والمخاتير.

فهل سيُقدّم “التيار” في الجلسة النيابية المقبلة الدليل على “توبته” عن مواصلة السير في ركاب الثنائي ولو أدى ذلك إلى خراب لبنان؟

هناك الكثير من الأسئلة أيضاً حول سلوك منظومة السلطة وبينها “التيار” حيال من تسبب بكارثة طوفان النزوح ولا يزال، وفي مقدمهم النظام السوري و”حزب الله”. فهذا النظام، يتعامل مع هذه الكارثة وكأنها تتعلق بشعب لا يحق له الاستقرار في بلده. أما “الحزب” الذي يضع يده على مساحات واسعة في سوريا تبلغ أضعاف مساحة لبنان يعتبر أنّ مئات الألوف من النازحين الذين هجّرهم “الحزب” من أراضيهم هم خارج حساباته كي يعودوا إليها.

في انتظار الآتي من المناسبات وهي كثيرة، لا بدّ من التأكيد أنّ عودة باسيل إلى التنسيق مع “القوات اللبنانية” هي حتى هذه اللحظة بمثابة عودة “الابن الضال”. فهل ستكون هذه العودة نهائية ولو على مستوى التصدي لطوفان النازحين السوريين؟ سننتظر كي نرى.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us