بالأرقام أموال قطاع الصرف الصحي… مسروقة!


خاص 22 أيار, 2024

تحولت أنهر لبنان إلى مجارٍ للصرف الصحي تصبّ في البحر بلا أيّ تكرير، فمحطات التكرير متوقفة عن العمل بسبب انقطاع كهرباء عن بعضها، ومنها ما يحتاج لإعادة تأهيل، ومنها لا معدّات للتكرير فيها أصلاً

كتب أنطوان سعادة لـ”هنا لبنان”:

تعد مشكلة مياه الصرف الصحي في لبنان من أبرز الأزمات البيئية التي تواجه البلاد اليوم، فالأنهار تحولت إلى مجاري صرف صحي تصبّ في البحر مباشرة دون أي معالجة، مما يشكل تهديداً خطيراً على الصحة العامة والبيئة. ويعود السبب الرئيسي إلى توقف محطات التكرير عن العمل، سواء بسبب انقطاع الكهرباء، أو الحاجة إلى إعادة تأهيل، أو نقص المعدات اللازمة. رغم أنّ الجهات المانحة وفرت أكثر من مليار ومئة مليون دولار لدعم مؤسسات مياه الصرف الصحي، إلا أنّ هذه الأموال ذهبت هدراً بسبب الفساد وسوء الإدارة، ما حال دون تحقيق النتائج المرجوة.

الأضرار المترتبة نتيجة الوضع الحالي للقطاع

على صعيد الصحة العامة والبيئة:

يعاني اللبنانيون من مخاطر تلوث الهواء والمياه والتربة، وتتفاقم الأزمة مع مرور الوقت وتصبح أكثر خطورة. وأسباب تلوث المياه في لبنان كثيرة، منها زيت الوقود الثقيل، والنفايات، والبكتيريا التي تحملها مياه الصرف الصحي. على الرغم من إمتلاك لبنان أكبر مورد طبيعي للمياه في المنطقة، إلا أنه يحتل المرتبة الثالثة في العالم من حيث إنعدام الأمن المائي. وكشفت العديد من المقالات الإخبارية عن إساءة إستخدام الموارد المالية وتوظيفها.

على الصعيد المالي:

بحسب منظمة OCED ، بلغ الإنفاق التراكمي على مرافق معالجة مياه الصرف الصحي بين عامي 1992 و2018 مبلغ وقدره 1.126 مليار دولار أميركي. ومن هذا المبلغ تم تخصيص 745 مليون دولار أميركي للعقود الممنوحة، في حين تم تخصيص 381 مليون دولار للاستحواذ على الأراضي. حيث تم إنشاء 106 محطات، و161 مقترحة، و11 قيد الإنشاء حالياً.

من الناحية التقنية

بحسب دراسة للجامعة الأميركية أظهرت إن الناتج المحلي لمياه الصرف الصحي في لبنان هو حوالي 329 مليون متر مكعب في السنة، إذا إعتبرنا أن عدد السكان في لبنان يبلغ 6 ملايين نسمة. إن عدد محطات التكرير الإجمالي في لبنان يبلغ 106 محطات إلا أن عدد المحطات المتوقفة عن العمل يناهز الـ95% منها 23 محطة ذات قدرة تكرير عالية (طرابلس، زحلة، قليعات، الجية، النبي يونس، الشرقية، جب جنين، الخيام، عيتنيت، مشغرة، عينطورين، إشباع، تبنين، بترو، الفرزل، عينبال، شكا، عين قينية، جبعة، الدورة، شبعا، قرنايل، اليمونة، بقرزلا، دبين) تصل إلى حوالي 48 مليون متر مكعب في السنة أي ما يشكل نسبة 14.4% من مجمل كمية المياه المبتذلة في لبنان سنوياً.

مع العلم أن قدرة محطات التكرير المبنية للمعالجة تبلغ 146 مليون متر مكعب في السنة إلا أن الحجم التشغيلي الميداني المتحقق بعد المرحلة الأولية يبلغ فقط 17 مليون متر مكعب في السنة.

من الناحية القانونية

بحسب المحامي شكري حداد، إن المرسوم الإشتراعي الرقم 118 الصادر في تاريخ 30/6/1977 تحديدا المادتان 47 و74، وقانون الرسوم البلدية الرقم 88/60 تحديدا المادتان 78 و79، يحددان مسؤولية البلديات في إنشاء المجارير ومشاريع المياه ومصارف النفايات والضرائب المفروضة عليها.

كما إن قانون تنظيم قطاع المياه الرقم 377 تاريخ 14/12/2001 قد أعطى مؤسسات المياه حصرية إدارة وتشغيل هذا القطاع، وأن المؤسسات العامة للمياه والصرف الصحي لا تخضع لسائر النصوص التشريعية والتنظيمية المخالفة لأحكام هذا القانون أو غير المتفقة مع مضمونه (المادة 10)

وإن قانون حماية البيئة رقم 444/2002 – هو من القوانين ذات المنفعة العام – قد أكد على ضرورة حماية البيئة البحرية من مخاطر التلوث بجميع صوره، وعلى أهمية مراعاة أحكام المعاهدات الدولية والإقليمية التي إنضم إليها لبنان، وعلى ضرورة المحافظة على مياه الأملاك العمومية وكيفية إستعمالها، وإخضاع هذه المياه لتدابير تصدر عن كل من وزير الطاقة والمياه ووزير البيئة، وعلى ضرورة تحديد الطرق لتحليل خصائص المياه ومراقبتها، كما الإجراءات الواجب إعتمادها لتصريف المواد التي تسبب في تلوث المياه السطحية أو الجوفية.

وختم حداد إن قانون المياه الرقم 192/2020 قد أكد على ضرورة ضمان إستمرارية وجودة عملية جمع المبتذلة ومعالجتها، كما نظّم الأسس لإدارة القطاع من الناحية المالية فخصص باب للإدارة المالية والتوازن المالي.

تسود هذا القطاع الفوضى بسبب تقاذف للمسوؤليات بين البلديات ومجلس الإنماء والإعمار ومؤسسة المياه، علماً أنّ القانون قد حصر المسؤولية في مؤسسات المياه، وما زال الهدر مستمراً والفساد معششاً، فيما تجري المياه الآسنة في الأنهر، بين المنازل، وعلى الطراقات، وليس هناك من يسأل ولا من يتحمل المسؤولية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us