أمن المجتمع اللبناني فوق كل اعتبار

نعم لتطبيق القانون على جميع الأجانب كما يفعل الأمن العام، ونعم لإسماع العالم في بروكسل وفي أي محفل دولي اخر صوت الإجماع اللبناني في اتجاه ضرورة إعادة الشعب السوري إلى أرضه ومساعدته لإعادة إعمار ما تهدم في سوريا بدلًا من سياسة اللعب بالنار حول قنبلة موقوتة، متى انفجرت، لن تُميّز بين مسلم ومسيحي وستضع بثقلها على جميع اللبنانيين

كتب بشارة خيرالله لـ”هنا لبنان”:
يمر لبنان في أخطر مرحلة تُهدد كيانه وأمنه المجتمعي ومستقبل شبابه وليس في الأفق ما يُبشِّر بالخير، لا بل على العكس، قادمون على ما هو أسوأ إن لم نستدرك خطورة المرحلة ونعمل جاهدين لتفادي المزيد من الانهيارات.

والخطر الحقيقي يطل من أبواب كثيرة، فيما باب قصر بعبدا مُغلق بالشمع الأصفر ومفتاحه في جيب السيد مجتبى الخامنئي الذي تقول المعلومات انه المُمسِك شبه الوحيد بالقرارات الإيرانية المهمة وبالأوراق القابلة للخلط والمقايضة في إيران والعراق واليمن وسوريا ولبنان وغزة.

وفي غمرة السعي إلى إرجاع “حزب الله” إلى الداخل اللبناني وإقناعه بضرورة فك الربط بين الساحات المشتعلة والتشدد بدعم مرشح وحيد غير قادر لا اليوم ولا بعد ألف يوم على دخول نادي الرؤساء بسبب الفيتو من مختلف الكتل، تبرز مخاوف الكل من الكل، وتتراكم الهواجس المشروعة عند الكافة انطلاقًا من الخوف على رئاسة ضائعة وصولًا إلى أزمة الوجود السوري في لبنان وما يرافقها من تبادل للاتهامات وتقاذف للمسؤوليات من دون التفكير الجماعي الجدي في كيفية الوصول إلى النهاية السعيدة.

وبالأمس أطل مرشح “حزب الله”، أو المرشح الرئاسي المدعوم من “حزب الله” كما يحب ان نسميه، ليخبرنا أن النظام السوري لا يتحدث مع “أشخاص” ويريد محادثات رسمية لإعادة السوريين إلى بلادهم.. نظرية تكاد تكون بمثابة اكتشاف المياه الساخنة أو الطاقة ومن المُرجّح أن تُدرَّس في جامعات هارفرد وأكسفورد وليون وسعسع.. إذ كيف يُمكن لدولة ان تنتظر محادثات رسمية لإعادة شعبها إلى أرضه..

لا بأس، كيف نتعامل مع هذه الإشكالية؟

ولأن أمن المجتمع اللبناني فوق كل الاعتبارات، من المفترض تراجع “حزب الله” عن مرشحه التعطيلي والاسراع في انتخاب رئيس الجمهورية اليوم قبل الغد، ليُفاوض النظام السوري على ضرورة عودة الشعب السوري إلى أرض سوريا، وحتى ذلك الحين لا بد من قيام حكومة تصريف الأعمال بهذه المهمة بشخص رئيسها ومن دون أي تلكؤ أو خجل ومن دون عقدة الخوف من المجتمع الدولي المُكترث حاليًا لمنطق القوة وليس لمنطق العقل والحكمة.

فما المانع من اجتماع نجيب ميقاتي ببشار الأسد للبحث الجدي في إعادة أصحاب الأرض إلى أرضهم وتغطية جميع القوى مبدأ التقيد بالقوانين اللبنانية وعدم تبادل الاتهامات بالعنصرية والاعتراف من قبل الجميع ان خطر وجود هذه الأعداد لا يُصيب المسيحيين فقط، إنما يُصيب الدروز والشيعة والسنة على حد سواء. وهذا ما يتطلب حكمة في التعاطي وتشدد في تطبيق القانون وعدم تبادل الاتهامات فوق جثة الوطن.

وليد جنبلاط (زعيم الدروز) خائف جدًا على لبنان وخوفه مبرر، والقوى المسيحية أيضًا تتنازع على كل شيء لكنها على تنوعها تتشارك مع جنبلاط خوفها على لبنان، والشيعة أيضًا يحبون لبنان بمعزل عن سطوة “حزب الله” على قرارهم، فيما “سُنّة لبنان أولًا” يتبادلون الهواجس نفسها مع باقي اللبنانيين.

حل الموضوع السوري يحتاج إلى حوار بين لبنان وسوريا وبين اللبنانيين أنفسهم وبين لبنان والمجتمع الدولي غير المُكترث لخطورة أفعاله في ما يتعلق بملف الوجود السوري في لبنان.. إنها أزمة وطنية تُهدد لبنان بكل مكوناته ويجب ألّا تتمذهب أو تتخندق لتسجيل النقاط.

نعم لتطبيق القانون على جميع الأجانب كما يفعل الأمن العام، ونعم لدعم كل ما يقوم به الأمن العام، ونعم للحوار مع سوريا في سبيل المصلحة اللبنانية العليا، ونعم لإسماع العالم في بروكسل وفي أي محفل دولي اخر صوت الإجماع اللبناني في اتجاه ضرورة إعادة الشعب السوري إلى أرضه ومساعدته قدر الإمكان لإعادة إعمار ما تهدم في سوريا بدلًا من سياسة اللعب بالنار حول قنبلة موقوتة، متى انفجرت، لن تُميّز بين مسلم ومسيحي وستضع بثقلها على جميع اللبنانيين.

مواضيع مماثلة للكاتب:

بايدن حوّل الجرصة إلى فرصة والمعارضة تفضح مزاعم الثنائي

قاسم سليماني وأبو عدس.. والشهيد الحي دونالد ترامب

“أكشن” في جوارنا وضياع في ديارنا..