فرنسا وزمن الخيبات


خاص 1 حزيران, 2024

بعد أربع سنوات على المحاولة تلو المحاولة، هناك مَن ينصح الفرنسيين بأنّ طريق رئاسة الجمهورية في لبنان تمرّ في واشنطن وليس في باريس، ربما تعرف العاصمة الفرنسية هذه الحقيقة وهذه التحوّلات لكنها لا تريد أن تسلِّم بها

كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:

بات شاطئ النورماندي حيث حقق الحلفاء إنزالًا ناجحًا في الحرب العالمية الثانية ، محطة ” نوستالجيا ” بالنسبة إلى فرنسا قبل أن تكون ” نوستالجيا ” بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية ، والرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون ، يذهب إلى القمة مع نظيره الأميركي جو بايدن ، يجر الخيبات، الداخلية منها والأوروبية والأفريقية والشرق الأوسطية.

في فرنسا يقض مضاجعه تقدم اليمين بقيادة مارين لوبن، وهذا ينسحب ايضًا على انتخابات الاتحاد الأوروبي، حيث اليمين يتقدم على سائر الأحزاب.
في أفريقيا يفتش ماكرون عن موطئ قدم بعدما كان أكثر من بلدٍ أفريقي حليفًا لفرنسا ، إنْ لم نقل تابعًا لها.

في لبنان ، وهنا بيت القصيد ، الرئيس ماكرون تلاحقه الخيبات منذ انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب من العام 2020 ، أي إننا نقترب من الذكرى السنوية الرابعة على زيارته الأولى للبنان بعد انفجار المرفأ ، آنذاك ، حمل في جعبته إسم رئيس الحكومة العتيد ، مصطفى أديب ، سفير لبنان في المانيا ، وعلى متن طائرته حمل ” مرشحه ” لحاكمية مصرف لبنان سمير عساف ، لم ينجح في تمرير أي من الإسمين ، فانكفأ عائدًا إلى فرنسا يجر خيبةً مزدوجة .

منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم ، الرئيس ماكرون يحاول، حينًا عبر زيارات رسمية للبنان ، وحينًا آخر عبر موفديه ، والأشهَر بينهم جان إيف لودريان ، على رغم مرور اربع سنوات على ” المكوكية الفرنسية ” فإن لا شيء تحقق من جهود ” الأم الحنون ” : أيَّدت بداية ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه ، وعملت على تسويقه لدى المعارضين لانتخابه ، لكنها جُبِهَت برفض شديد، ومع ذلك وجهت دعوة إليه لزيارة باريس.

بعد اربع سنوات على المحاولة تلو المحاولة ، هناك مَن ينصح الفرنسيين بأن طريق رئاسة الجمهورية في لبنان تمر في واشنطن وليس في باريس ، ربما العاصمة الفرنسية تعرف هذه الحقيقة وهذه التحولات ، لكنها لا تريد ان تسلِّم بها . من أجل ذلك يستحضر الرئيس ماركون سابقة ” قمة النورماندي ” بين الرئيس الأميركي جورج بوش والرئيس جاك شيراك ، عام 2004 ، والتي مهَّدت للقرار 1559 ، ومنذ ذلك التاريخ بدأت العواصف الهوجاء ، السياسية والأمنية ، تهب على لبنان .

سيعيد التاريخ نفسه فقط في اجتماع الرئيسين الأميركي والفرنسي ، لكن لا شيء أكثر من اجتماع ، فلا الرئيس بايدن هو الرئيس جورج بوش ، ولا الرئيس ماكرون هو الرئيس جاك شيراك ، وليس في الأفق ما يشير إلى قرار عن مجلس الأمن يخص لبنان ، كالقرار 1559 .

فرنسا التي انكفأت عن أفريقيا ، وعن الشرق الاوسط ، ولديها معركة في كاليدونيا الجديدة ، لماذا يكون لبنان استثناء في هذا الأنكفاء ؟ بالتأكيد لن يكون استثناءً.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us